الأحد، 6 أبريل 2014

الانتفاضة الشعبية .. وحركة فتح

الانتفاضة الشعبية .. وحركة فتح
تاريخ النشر : 2014-04-05
 
كتب غازي مرتجى
وأخيراً سمعت صوت حركة فتح في تظاهرات شعبية أعادت للذاكرة أجمل لحظات الانتفاضة الشعبية وزجاجات "المولوتوف" و "الحجارة" وأرسلت فتح رسائل شديدة اللهجة بانتفاضتها "اللحظية" امام سجن عوفر الاسرائيلي قرب رام الله.

صحيح ان المتواجدين هناك لم يتجاوزوا الألف شخص لكنهم أرسلوا ألف رسالة , لم يخرجوا لوحدهم بل كان على رأسهم عضو لجنة مركزية لحركة فتح نشيط مؤمن بقضاياه الوطنية وعلى الأقل لا يتاجر بدماء ابنه الشهيد وربما لا يعرف الكثير ان نجل محمود العالول شهيد انتفاضة ثانية بالأساس  .. خرج العشرات من المواطنين واحتجّوا على رفض اسرائيل اطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين وكما اسلفت بخروجهم اطلقوا عشرات الرسائل المحمولة بزجاجات المولوتوف والحجارة ..

إنّ إقدام القيادة الفلسطينية على واحدة من أهم القرارات بالتوجّه إلى المؤسسات الدولية وعلى ما يحمله التوجّه من فرص ايجابية متعددة للوضع الفلسطيني السياسي , والتحوّل نحو دولة فلسطين المؤسساتية وما تفرضه علينا الاتفاقيات التي ستنضم اليها دولة فلسطين خلال اسبوعين على الاكثر بوجوب حصر المقاومة سواء المسلحة او الشعبية في اراضي الـ 67 وهي اراضي الدولة الفلسطينية المعترف بها عالمياً .. كل ذلك يوجب علينا اشعال الاحتجاجات الشعبية والتي لم يكل ولم يمل الرئيس ابو مازن من ترديد موافقته وتشجيعه على اطلاقها .

الأوضاع الميدانية في الضفة وفي غزة على حد سواء لا تتحمّل إنتفاضة مسلحة قد تأكل اليابس قبل الأخضر وتنزع ما تبقى من معالم للدولة الفلسطينية المستقبلية ومؤسساتها وكذلك الوضع السياسي الاقليمي والعالمي مجتمعين يرفضان اشعال الاوضاع وانفلات زمام الامور .. كل ذلك يفرض علينا القبول بالرؤية الحالية ووجوب تطويرها وتفعيلها بما يتناسب مع "العولمة" الأخيرة !.

لقد أسقط بضع آلاف من المواطنين أعتى الأنظمة السياسية العربية باحتجاج متواصل لم يستمر سوى اقل من ثلاثة اسابيع في مصر .. لكن بسبب السلاح في سوريا لم يسقط نظام الاسد بعد ثلاث سنين من بدء الانتفاضة المسلحة بوجه نظامه .. في الانتفاضة الفلسطينية الاولى عرف العالم معنى القضية الفلسطينية وبدأ صُناع القرار محاولة إغلاق الملف واخترعوا اتفاقية اوسلو  .. وفي الانتفاضة الثانية وبعد تسليحها وعلى الرغم من ان ميزان القوى تغير إلاّ أن انجازات الانتفاضة الثانية لا تُذكر  .. وبالتأكيد لا وجه للمقارنة بين الانتفاضتين فلكل واحدة ظروفها ومقاييسها وانجازاتها .. 

في ظل حالة العولمة التي نعيشها وتوفّر كل الامكانات التي تمكننا من نقل بشاعة المحتل الى العالم وعدم انتظار سياسة تحرير القناة الامريكية او الاوروبية او العربية حتى لما تعرض او تحجب من تظاهرات وحالات تنكيل اسرائيلية .. فباستطاعتنا نقل الصورة الأبشع عن المحتل مجسدة بالفيديو والصور والاحداث وهو ما توفره وسائل التواصل الاجتماعي كما بالتاكيد ستظهره وسائل الاعلام المحلية .

ماذا لو خرج يومياً نفس عدد متظاهري عوفر امام الحواجز الاسرائيلية وما اكثرها في الضفة .. أو بجوار المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية بحسب القانون الاممي .. وليعتصموا دون حجارة أو مولوتوف وليجعلوا صورة الحدث تتكرر يومياً في كافة وسائل الاعلام المحلية والعالمية وشبكات التواصل الاجتماعي .. ولنُحيي ما مات من بشاعة المحتل !.

الرئيس ابو مازن يطلب يومياً من الفصائل مجتمعة الخروج بتظاهرات وتفعيل المقاومة الشعبية , فتخرج علينا الفصائل بمواقف الرفض والطعن بالمفاوضات وبشرعية ابو مازن .. وعند سؤالهم ما الحل ؟ تتنزّل على رؤوسهم الطير ويُعيدوا كرّة عبثية المفاوضات .

نعم .. سأتفق معكم بأن المفاوضات عبثية ومضيعة للوقت .. وكلنا يعلم أنّه ما بيد القيادة الفلسطينية سوى رصاصات المؤسسات الدولية والتي لو تعمّقنا بمدى تأثر إسرائيل منها في ظل الظلم العالمي المفروض علينا والموالي لإسرائيل سنجد أننا نعيش في سراب .. لكن أبو مازن لم يمنع أي شخص من المقاومة في حدود 67 حتى لو كانت مسلحة .. ولم يمنع اي شخص من تنظيم تظاهرة امام حاجز للاحتلال .. ولم يستنكر بل دعم وبكل قوة انشاء قرى فلسطينية على اراضي مهددة بالمصادرة والضم للمستوطنات الاسرائيلية ..

منذ سنوات يخرج عشرات النشطاء في قرى بلعين ونعلين والنبي صالح وغيرها , ضد اجراءات الاحتلال ولإسقاط الجدار العازل الذي أنشأته إسرائيل ضاربة بعرض الحائط قرارات الامم المتحدة واستنكارات العالم .. وتمكّن النشطاء من انتزاع عدة قرارات دولية رفعوها في المحاكم العالمية وأصبحت قرى بلعين ونعلين والنبي صالح عنواناً للمقاومة الشعبية ووجهة لنشطاء السلام الاسرائيليين والعالميين على حد سواء .. ماذا لو أصبحت التظاهرات السلمية والشعبية يومية بأعداد مضاعفة وبامكانيات أوسع ؟  الجواب لكم ..

فتح هي التنظيم الأكبر في الضفة وعلى عاتقها تقع مسؤولية حماية "ظهر" الرئيس والقيادة الفلسطينية وليس فصائل المعارضة او الممانعة .. والقصور في المقاومة الشعبية وعدم تفعيلها تتحمل مسؤوليته حركة فتح بأكملها ولجنتها المركزية كاملة .. لو تطوّع اعضاء اللجنة المركزية بالتوجه يومياً نحو حواجز الاحتلال كما قام به "العالول" امام عوفر سيجد مؤيديه وموظفيه واهالي قريته ومدينته بالعشرات بل بالمئات خلفه لكن الإرادة لا تزال غير متوفرة حتى اللحظة ولا زلنا نقول .. ماذا بعد !.

لن ينقذ المفاوض الفلسطيني من الضغوط الامريكية والاسرائيلية التي تُمارس عليه وتضغط عليه ليل نهار سوى تظاهرات واحتجاجات تستمر لأيام متواصلة ضد حواجز الاحتلال او مستوطنيه .. وعندها ستعلم حكومة اليمين الاسرائيلية أنّ "ظهر" القيادة غير مكشوف وأنّ المفاوض الفلسطيني يقف على أرضية صلبة تمنع نتنياهو ومن هو أكثر تطرفاً منه من اللعب بمقدرات الشعب الفلسطيني والاستهزاء بمطالبه .

المقاومة الشعبية هي الحل .. لكن أدوات الحل لا تزال غير جاهزة حتى اللحظة ..



اقرأ المحتوى الاصلي على دنيا الوطن http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2014/04/05/518054.html#ixzz2y6SfhqTL

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق