القمة العربية الـ 25 في الكويت.. قراراتها مجرد حبر على ورق.. إدانة للارهاب وتجريم من يحاربه ويواجهه
القضية الفلسطينية حازت على اهتمام كلامي كبير مثل القمم السابقة
بقيت الخلافات على حالها وتم ترحيل حلها لقمم قادمة..
عقدت في مدينة الكويت يومي الثلاثاء والأربعاء الموافقين 25 و26 آذار المنصرم القمة العربية الـ 25 بحضور حوالي 14 رئيساً وزعيماً عربياً، وكانت أجواء القمة العربية غير مريحة بتاتاً إذ أن اليمن يعاني، وسورية تواجه مؤامرة، وتعيش ازمة كبيرة جدا، والسودان يواجه حرباً داخلية، ومشاكل مع جنوبه ومع دارفور، الوضع غير مستقر في ليبيا، ومصر تعاني، ولبنان يواجه مشاكل عدة، أما العراق فإنه يواجه مئات التفجيرات الارهابية شهرياً.. والخلاف السعودي والاماراتي والبحريني مع قطر مستمر حتى وصل الوضع الى استدعاء سفراء الدول الثلاث من قطر.
لم يتوقع أحد أن تحقق هذه القمة أية نتائج كبيرة أو صغيرة، إذ أن قرارات القمة هي نسخة طبق الأصل لقرارات القمم العربية السابقة، مع بعض التعديل في الصياغة فقط، وهذه القرارات هي مجرد حبر على ورق.
هذا التحليل يلقي الأضواء على هذه القمة من مختلف الجوانب، ويقدم قراءة هادئة في قراراتها التي هي مجرد حبر على ورق!
بعض الاشكالات الطريفة
قبل الدخول في القراءة المعمقة والهادئة لا بدّ من المرور على بعض "الاشكالات الطريفة" التي شهدتها هذه القمة ومن أهمها:-
· أن ملك السعودية لم يحضرها، وحضرها بالنيابة عنه ولي العهد سلمان بن عبد العزيز الذي غادر القاعة عندما بدأ امير قطر بالقاء كلمته. وقد غادر الكويت عائداً إلى السعودية.
· لم يسمح لرئيس "الائتلاف الوطني السوري" المدعوم سعودياً، أحمد الجربا، من الجلوس على مقعد "سورية" الذي بقي فارغاً. وسمح له بالقاء كلمة وهو واقف، وكأي ضيف، رغم معارضة السعودية لهذا القرار الذي فسّر بأنه تراجع عن القمة العربية السابقة التي عقدت في الدوحة العام المنصرم، وتم تسليم المقعد للائتلاف السوري!
· شارك في حضور المؤتمر كزائر أو ضيف الأخضر الابراهيمي ممثل الأمم المتحدة لحل الأزمة في سورية!
· بعد أن ألقى الرئيس اللبناني ميشال سليمان كلمته، شكره رئيس القمة امير الكويت صباح السالم صباح قائلاً: "شكراً لفخامة رئيس لبنان ميشال عون سليمان".
· غادر معظم القادة العرب القمة في ختام أعمالها في اليوم الأول، وأكمل القمة وزراء الخارجية العرب المشاركون مع قادتهم في هذه القمة.
· غالبية القادة العرب المتحدثون في القمة هاجموا وبصورة بشعة الدولة السورية، والرئيس بشار الأسد، وخاصة قادة دول الخليج العربي، وفي الوقت نفسه وقفوا الى جانب القضية الفلسطينية عبر كلمات وفقرات جميلة.
· لم يتناول أي من قادة الخليج الخلاف فيما بينهم، وجلسوا في قاعة القمة بصورة طبيعية هادئة، ولكنهم لم يتقابلوا أو يتبادلوا الزيارات فيما بينهم على هامش هذه القمة.
· رغم غياب سورية عن القمة بسبب القرار الظالم بتجميد عضويتها في الجامعة العربية، إلا أنها كانت حاضرة في الكلمات وفي القرارات. وبقي العلم السوري الشرعي هو الموضوع أمام الكرسي الفارغ للدولة السورية.
· لوحظ أن أمير الكويت قد كبر سناً، ولم يكن قوياً في ادارة القمة، وارتكاب الخطأ باسم الرئيس اللبناني يعكس ذلك، خصوصاً أنه توجه مؤخراً الى اميركا للمعالجة. ولا بدّ من التذكير بأنه طاعن في السن أيضاً.
· التنظيم للمؤتمر، والاستعداد له كان جيداً. ووفرت الكويت الدولة المضيفة كل ما تحتاجه القمة من أجل عقدها كما هيأت أجواء النجاح لها.
· تم تجنب طرح الخلاف الخليجي، ووضع على الرف حتى لا تقع مشادات كلامية، أو يحتد هذا الخلاف أكثر وأكثر.
·
إدانة كلامية ودعم فعلي
لقد أدان غالبية القادة العرب المشاركون في هذه القمة "الارهاب"، لأنهم يدركون مخاطره، وفي الوقت نفسه ادانوا الرئيس بشار الأسد لأنه يتصدى للارهاب، ويحافظ على سيادة الاراضي السورية، ويحمي شعبه من الارهاب.
لقد كانت هناك ادانة صريحة للارهاب، ولكن لم تكن هناك ادانة لمن يدعمه ويسانده ويوفر المال والعتاد له، علماً أن العديد من دول الخليج وخاصة قطر والسعودية، توفران كل الدعم والمساندة للارهاب في سورية.
لقد اعتبرت السعودية، وضمن مرسوم ملكي، أن داعش وجبهة النصرة والقاعدة.. الخ هي تنظيمات ارهابية، وفي الوقت نفسه نرى السعودية تدعم الجبهة الاسلامية الموالية لها.
وقد أدان العرب الاستيطان وتهويد القدس وكل الاجراءات الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، ولكنهم لم يفعلوا شيئاً على ارض الواقع ليترجموا معاداتهم للاستيطان وتهويد القدس مما يعني أن "الادانة" هي كلامية، وهي لارضاء الشعوب أو ارضاءً للسيد الاميركي، وللادعاء أنهم ضد الارهاب، وانهم يسعون لخير الأمة العربية، ولكن الأمة ليست بخير بسبب التآمر الغربي عليها، وتقاعس القادة العرب أنفسهم عن الدفاع عن هذه الأمة بصورة جريئة وصلبة!
قضية فلسطين في مقدمة الاهتمامات
من خلال قراءة هادئة وسريعة لقرارات القمة العربية، فإن القضية الفلسطينية حازت على اهتمام كبير الى جانب الأزمة السورية.
وفي تلخيص لأهم ما جاء في هذه القرارات يمكن سرد النقاط الآتية:
1. القضية الفلسطينية تظل القضية المركزية للشعوب العربية (ليس للقادة العرب).
2. يجب العمل على قيام الدولة الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية.
3. احترام الشرعية الفلسطينية ومؤسساتها بقيادة الرئيس محمود عباس، والالتزام بوحدة القرار والتمثيل الفلسطيني، وهناك تشديد على تحقيق المصالحة الوطنية بأسرع وقت.
4. دعت القمة مجلس الأمن الى اتخاذ خطوات لحل الصراع العربي/ الاسرائيلي وتحقيق السلام على أساس حل الدولتين، وانسحاب اسرائيل من الاراضي المحتلة حتى حدود 4 حزيران 1967، وتحميل اسرائيل مسؤولية التوتر في الشرق الأوسط.
5. رفض استمرار الاستيطان الاسرائيلي، وعدم شرعية المستوطنات وبطلانها القانوني، ومطالبة المجتمع الدولي بوقف النشاط الاستيطاني.
6. ادانة للانتهاكات الاسرائيلية بحق المسجد الأقصى، ورفض محاولات انتزاع الولاية الأردنية عنه، ومطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته لحماية المسجد الأقصى.
7. الدعوة إلى تشكيل شبكة أمان مالية بأسرع وقت بملبغ مائة مليون دولار شهرياً لدولة فلسطين، لدعم القيادة في ضوء ما تتعرض له من ضغوط مالية، واستمرار اسرائيل في عدم تحويلها للاموال المستحقة لدولة فلسطين.
8. التشديد على عروبة القدس، وادانة الانتهاكات الاسرائيلية الخطيرة غير الشرعية وغير القانونية التي تمارسها اسرائيل في القدس، وادانة الحفريات في محيط باب المغاربة، وأسفل المسجد الأقصى ومحيطه التي تهدد بانهياره.
9. مطالبة الفاتيكان بعدم التوقيع على أي اتفاق مع اسرائيل يتعلق بقضايا الملكية الاقتصادية والمالية والعقارية للكنيسة الكاثوليكية أو لمؤسسات أو تجمعات كاثوليكية واقعة في القدس الشرقية، ولا يجوز عقد أي اتفاق الا مع دولة فلسطين، لأن القدس مدينة محتلة منذ حزيران 1967، واي اتفاق مع اسرائيل، يعتبر خرقاً صريحاً للقانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها، ودعت الفاتيكان للالتزام بالاتفاق الذي وقع عام 2000 مع دولة فلسطين.
10. التنديد بالسعي الاسرائيلي لاقامة القطار الخفيف الذي يهدف الى ربط شرقي القدس بالقدس الغربية وبالمستوطنات الاسرائيلية.
11. دعوة الدول والمنظمات العربية والاسلامية الى مواصلة تقديم الدعم المالي والمعنوي لسكان القدس، والمؤسسات الفلسطينية فيها، لمساعدتهم على مواصلة الصمود والحفاظ على ممتلكاتهم.
12. تأكيد أهمية استمرار وكالة الغوث الدولية (الاونروا) والمنظمات الدولية الأخرى على ابقاء مراكزها وادارتها ومكاتبها الرئيسة في القدس، وعدم نقلها إلى خارجها!
13. ترحيب بالاتفاق الهام بين الملك عبد الله الثاني، ملك الاردن، ورئيس دولة فلسطين محمود عباس بتاريخ 31/3/2013 بهدف الدفاع عن المسجد الأقصى والمؤسسات الاسلامية وحمايتها قانونياً بكل السبل الممكنة، وتثمين الدور الأردني في رعاية وحماية وصيانة المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، وذلك لدعم الوجود العربي فيها!
14. ادانة لسياسة التطهير العرقي التي تمارسها اسرائيل في القدس عن طريق سحب الاقامات وطرد السكان العرب لتغيير معالمها السكانية والجغرافية. والمطالبة بتشكيل لجنة قانونية في اطار الجامعة العربية لمتابعة وتوثيق عملية التهويد والاستيلاء على الممتلكات العربية في القدس المحتلة، بما في ذلك رفع قضايا أمام محكمة العدل الدولية، أو المحكمة الجنائية الدولية.
15. التأكيد على التمسك بحق اللاجئين في العودة، ورفض محاولات التوطين بكل أشكاله.
16. المطالبة بعدم زج المخيمات الفلسطينية في سورية في اتون المعارك الجارية هناك.. ومعاملة النازحين الفلسطينيين على عدم المساواة مع النازحين السوريين.
القرارات المتعلقة بسورية
لقد تضمنت قرارات القمة بنودا جيدة أو مقبولة، وأخرى عليها علامات استفهام، وغير منطقية. ومن أهم البنود الجيدة تأكيد الدعم والمساندة الحازمة لمطالب سورية العادلة في حقها في استعادة الجولان العربي السوري المحتل كاملة حتى حدود 4 حزيران 1967، ومطالبة المجتمع الدولي بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية لانهاء هذا الاحتلال. وادانت القمة كل الاجراءات الاسرائيلية في الجولان.
وأكدت القمة تأييدها لمطالب الشعب السوري المشروعة في الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة، واقامة نظام دولة "ديمقراطي"!
ودعت القمة الى ايجاد حل سياسي للازمة وفقاً لبيان جنيف رقم "1"!
أما البنود التي عليها العديد من علامات الاستفهام فهي:-
1. تأكيد دعم قادة القمة الثابت للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بوصفه ممثلاً شرعياً للشعب السوري. وهذا البند يؤكد التناقض في الموقف، وكيف يمكن التحدث باسم قوى المعارضة، وهل ما يجري في سورية هو ثورة أم مؤامرة ارهابية واسعة النطاق.
2. طالبت القمة العربية النظام السوري بالوقف الفوري لجميع الاعمال العسكرية ضد المواطنين السوريين، ووضع حد لسفك الدماء، وادانت ونددت "بالقتل الجماعي والمجازر الذي ترتكبه قوات النظام السوري". ولم تدن القمة العربية الارهاب الذي تتعرض له سورية! واليس من حق الدولة الحفاظ على مواطنيها من خلال التصدي للارهابيين؟ ولم تدن القمة ما تتعرض له سورية من تفجيرات انتحارية طالت المدنيين العزل، ولم تدن المجازر التي ارتكبها الارهابيون.
3. الاعلان عن الوقوف الى جانب الشعب السوري في مطالبه العادلة، ولكن هذا "قول" وليس فعلا، فالأجدر بالقادة بدلاً من المطالبة بمنح الشعب السوري حقوقه، فلماذا هم لا يمنحون حق الحرية لشعوبهم!
القرارات التي تتعلق بسورية هي متناقضة لترضي كل الأطراف فمن يحارب الارهاب ويدينه، عليه أن يكون واضحاً وصريحاً في ذلك، كما ان قادة القمة يعرفون أن هناك شرعية واحدة في سورية، شرعية الدولة الحالية، ولا بديل عن ذلك!
أقوال دون أفعال
قرارات القمة العربية الـ 25 وما قبلها من قمم هي قرارات دعائية كلامية، لا تنفيذ لها. فهم يدعون المجتمع الدولي للعمل على وضع حد للاستيطان ودعم السلطة الفلسطينية، ووقف سياسة التهويد، وانهاء الاحتلال.. الخ.. لماذا يجب مطالبة المجتمع الدولي فقط. واذا كان صاحب المطالب ضعيفاً، فهل أحد يصغي اليه.. والمطلوب بدلاً من مطالبة المجتمع الدولي هو أن يطالبوا أنفسهم باتخاذ اجراءات فعلية والعمل على وضع حد لهذه السياسة الاسرائيلية التوسعية.
لقد سمعنا عن "صندوق دعم القدس"، واستعداد أمير قطر السابق وفي قمة الدوحة في العام الماضي على المساهمة بـ 250 مليون دولار لدعمه. وها هو امير قطر الجديد تميم بن حمد يجدد التعهد بدفع هذا المبلغ عند تشكيل الصندوق. والسؤال متى سيشكل هذا الصندوق، ومن سيكون مسؤولا عنه. وهل سيدخل ميزانية السلطة فبالتالي تذهب أمواله باسم القدس لكل المناطق الفلسطينية؟
لقد أكدت القمم العربية أنها عاجزة عن تبني موقف عربي موحد، وعاجزة عن اتخاذ قرار جريء واحد موحد.. وعاجزة عن فعل أي شيء، فهي قمم عربية لامتصاص نقمة الشعوب على قادتهم واظهار أن هناك تنسيقاً عربياً، ولكن هذا التنسيق أو التعاون وصل إلى حد الصفر ومنذ سنوات!
|
|
© 2007 جميع الحقوق محفوظة للبيادر |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق