إفلاس الصراعات الدينية
04/04/2014 [ 08:43 ]
الإضافة بتاريخ:
ميشال سبع
ليس جائزاً التأكيد بشيء قطعي «أنا أملك الحقيقة»، ليست الحقيقة ملكاً لأحد، انها دائماً عطية تدعونا لمسيرة محاكاة للحقيقة بعمق. دائماً يمكن معرفة الحقيقة وعيشها فقط في الحرية، لهذا لا يمكن الإجبار على الحقيقة، انما في لقاء المحبة فقط يمكن سبر أغوارها.
هذا المقطع ليس من فيلسوف يساري أو عبثي، إنه مقطع من الإرشاد الرسولي للشرق الاوسط الذي سلمه البابا بنديكتوس السادس عشر للكرادلة الشرقيين الكاثوليك العام 2012 تحت عنوان شركة وشهادة، ويحمل الرقم 27 من المقاطع المئة.
هل كان أحد يتصور في القرون الوسطى وحتى الحديثة التي تصل الى القرن الثامن عشر، أن يصدر كلام مثل هذا الكلام عن الكنيسة التي طالما قالت ان لا خلاص خارج روما. في الواقع لقد صدر هذا وصار حقيقة واقعة، وبالتالي حدث تغيير جذري في تعاطي الكنيسة مع الحرية ومع الحقيقة التي لا يملكها أحد، بل يعيشها كل الناس وكل على طريقته الخاصة.
الأهمية الكبرى تكمن في هذا التضاد بين الإسلام السلفي والأصولي الذي يجتاح اليوم الشرق ويتمدد نحو الغرب والذي يقول ما قالته الكنيسة في عصور الظلام ويعتبر أنه هو الحقيقة المطلقة وحده، وأن السماء له، وحورياته ملك لجهادييه ومقاتليه واستشهادييه.
فهل يعتبر الإسلام ان موقف الكنيسة هو موقف تراخٍ وانسحاب من القيادة للإيمانية الكونية، أم هو شعور بالإفلاس؟
الغريب في أمر هؤلاء المتكلمين باسم الإسلام والمسلمين أنهم ينهضون باسم حرية الفكر والرأي ويسرقون ثورات الأحرار تحت حجة التصويب نحو الحقيقة السماوية والدينية، ومن ثم يهزأون بالأحرار ويعتبرون الحرية طريقاً الى الانحلال الأخلاقي والكفر ويجب أن تكون العقوبة الموت أو الاستسلام لتعاليمهم.
إن التجربة المسيحية في التسلط الديني والقيادي بلغ أكثر من الف عام، وانتهت الى ما انتهت عليه من قناعة بالحرية، وبأن الحقيقة لا يملكها أحد، فهل هذه التجربة ساقطة ولا فائدة منها لأن الإسلام يملك ما لم تملكه المسيحية حتى يفرض ذاته وقوانينه على الناس بحسب هؤلاء المتكلمين باسمه.
هناك جماعة مؤمنة بربها كاليهود، ينطلقون من شوفينية وعنصرية، فيما نحن كشعوب مشرقية عايشنا قضيتنا الفلسطينية نعيش حرباً وصراعاً مستمراً معهم. هم يعتبرون أنفسهم يملكون الحقيقة ونحن نرفضهم ونرفض ما يزعمون، فهل يأتي بعض المسلمين كي يزايدوا على شوفينية وعنصرية اليهود بشوفينية وعنصرية إسلامية؟ أولم تعمل باكستان المسلمة جهدها كي تملك القوة النووية؟ أولم يصارع الأتراك كي يدخلوا السوق الاوروبية المشتركة؟ أولم تصارع ايران كي تملك الطاقة النووية؟ أولم تدفع السعودية الملايين كي تنشئ مركزاً للحوار المسيحي الإسلامي في أوروبا؟
اذا كانت الدول الإسلامية الكبرى تفعل المستحيل من أجل إثبات انفتاحها على العالم وتقديم صورتها كصورة حداثة وتقدم، فماذا عدا عما بدا للسماح لهؤلاء المسلمين أو الذين يتمنطقون الفقه الإسلامي بتقديم صورة مشوّهة عن الإسلام والمسلمين؟
لم تراجع الكنيسة المتسلطة النظر في تسلطها بقوة خارجة عنها، بل مراجعة الذات ومراقبة مجريات العالم وقناعة مفكريها وصلوات قديسيها، أفلا ينطبق القول على الإسلام اليوم ان يقوم بمراقبة ذاته؟ أوليست الدول الإسلامية معنية قبل أي جهة اخرى بإعادة إشراقة الحرية كي تكون مقبولة من العالم، وهل ما زال في ذهنية بعض المسلمين ان السيف والتهديد والوعيد خير جهاد في سبيل تثبيت أحكام الله؟
قد يظن البعض أن هذ العرض هو عرض ديني، فيما هو سياسي بامتياز. فصراعنا نحن في هذا الشرق عربياً أو إسلامياً أو مسيحياً هو صراع مع محتل صهيوني اسرائيلي، وصراعنا معه ليس صراعاً وحيداً منفصلاً عن وجودنا ووجوده في هذا العالم. والعالم ظل مقتنعاً لفترة طويلة بالحق الفلسطيني لكن العرب لم يعرفوا كيف يطالبون به وكذلك فعل الفلسطينيون، ان الكفاح المسـلح جعل منهم فئة تقاتل فئة وترك الأمر لمن هو الأقوى فانتصرت اسرائيل. واليوم لا أحد يقول ان طموحات المقاومة الإسلامية ان ترمي اسرائيل في البحر، بل جلّ ما في الأمر هو ألا تترك اسرائيل مرتاحة. ونحن بحاجة لأن يقف العالم لجانب الحق وبحاجة لأن يرى ان الشعوب الاسلامية شعوب يمكنها ان تتفاعل مع شعوب العالم بعكس الشعب اليهودي الصهيوني المتقوقع على نفسه.
إن سلوكيات بعض المسلمين اليوم ـ وهم فاعلون على الساحة العربية ـ لا تعطي اطمئناناً أبداً لشعوب العالم كي يتعاطفوا مع أية قضية لهم.
ان الدول الإسلامية السنية والشيعية والمختلطة بين المذهبين، مطالبة بإنهاء هذه الحالات الإسلامية الشاذة بسرعة، وهذا لا يعني الاصطفاف مع أنظمة ديكتاتورية أو عسكرية بقدر ما يعني تقديم نموذج يمكن ان يقبله العالم.
هذا المقطع ليس من فيلسوف يساري أو عبثي، إنه مقطع من الإرشاد الرسولي للشرق الاوسط الذي سلمه البابا بنديكتوس السادس عشر للكرادلة الشرقيين الكاثوليك العام 2012 تحت عنوان شركة وشهادة، ويحمل الرقم 27 من المقاطع المئة.
هل كان أحد يتصور في القرون الوسطى وحتى الحديثة التي تصل الى القرن الثامن عشر، أن يصدر كلام مثل هذا الكلام عن الكنيسة التي طالما قالت ان لا خلاص خارج روما. في الواقع لقد صدر هذا وصار حقيقة واقعة، وبالتالي حدث تغيير جذري في تعاطي الكنيسة مع الحرية ومع الحقيقة التي لا يملكها أحد، بل يعيشها كل الناس وكل على طريقته الخاصة.
الأهمية الكبرى تكمن في هذا التضاد بين الإسلام السلفي والأصولي الذي يجتاح اليوم الشرق ويتمدد نحو الغرب والذي يقول ما قالته الكنيسة في عصور الظلام ويعتبر أنه هو الحقيقة المطلقة وحده، وأن السماء له، وحورياته ملك لجهادييه ومقاتليه واستشهادييه.
فهل يعتبر الإسلام ان موقف الكنيسة هو موقف تراخٍ وانسحاب من القيادة للإيمانية الكونية، أم هو شعور بالإفلاس؟
الغريب في أمر هؤلاء المتكلمين باسم الإسلام والمسلمين أنهم ينهضون باسم حرية الفكر والرأي ويسرقون ثورات الأحرار تحت حجة التصويب نحو الحقيقة السماوية والدينية، ومن ثم يهزأون بالأحرار ويعتبرون الحرية طريقاً الى الانحلال الأخلاقي والكفر ويجب أن تكون العقوبة الموت أو الاستسلام لتعاليمهم.
إن التجربة المسيحية في التسلط الديني والقيادي بلغ أكثر من الف عام، وانتهت الى ما انتهت عليه من قناعة بالحرية، وبأن الحقيقة لا يملكها أحد، فهل هذه التجربة ساقطة ولا فائدة منها لأن الإسلام يملك ما لم تملكه المسيحية حتى يفرض ذاته وقوانينه على الناس بحسب هؤلاء المتكلمين باسمه.
هناك جماعة مؤمنة بربها كاليهود، ينطلقون من شوفينية وعنصرية، فيما نحن كشعوب مشرقية عايشنا قضيتنا الفلسطينية نعيش حرباً وصراعاً مستمراً معهم. هم يعتبرون أنفسهم يملكون الحقيقة ونحن نرفضهم ونرفض ما يزعمون، فهل يأتي بعض المسلمين كي يزايدوا على شوفينية وعنصرية اليهود بشوفينية وعنصرية إسلامية؟ أولم تعمل باكستان المسلمة جهدها كي تملك القوة النووية؟ أولم يصارع الأتراك كي يدخلوا السوق الاوروبية المشتركة؟ أولم تصارع ايران كي تملك الطاقة النووية؟ أولم تدفع السعودية الملايين كي تنشئ مركزاً للحوار المسيحي الإسلامي في أوروبا؟
اذا كانت الدول الإسلامية الكبرى تفعل المستحيل من أجل إثبات انفتاحها على العالم وتقديم صورتها كصورة حداثة وتقدم، فماذا عدا عما بدا للسماح لهؤلاء المسلمين أو الذين يتمنطقون الفقه الإسلامي بتقديم صورة مشوّهة عن الإسلام والمسلمين؟
لم تراجع الكنيسة المتسلطة النظر في تسلطها بقوة خارجة عنها، بل مراجعة الذات ومراقبة مجريات العالم وقناعة مفكريها وصلوات قديسيها، أفلا ينطبق القول على الإسلام اليوم ان يقوم بمراقبة ذاته؟ أوليست الدول الإسلامية معنية قبل أي جهة اخرى بإعادة إشراقة الحرية كي تكون مقبولة من العالم، وهل ما زال في ذهنية بعض المسلمين ان السيف والتهديد والوعيد خير جهاد في سبيل تثبيت أحكام الله؟
قد يظن البعض أن هذ العرض هو عرض ديني، فيما هو سياسي بامتياز. فصراعنا نحن في هذا الشرق عربياً أو إسلامياً أو مسيحياً هو صراع مع محتل صهيوني اسرائيلي، وصراعنا معه ليس صراعاً وحيداً منفصلاً عن وجودنا ووجوده في هذا العالم. والعالم ظل مقتنعاً لفترة طويلة بالحق الفلسطيني لكن العرب لم يعرفوا كيف يطالبون به وكذلك فعل الفلسطينيون، ان الكفاح المسـلح جعل منهم فئة تقاتل فئة وترك الأمر لمن هو الأقوى فانتصرت اسرائيل. واليوم لا أحد يقول ان طموحات المقاومة الإسلامية ان ترمي اسرائيل في البحر، بل جلّ ما في الأمر هو ألا تترك اسرائيل مرتاحة. ونحن بحاجة لأن يقف العالم لجانب الحق وبحاجة لأن يرى ان الشعوب الاسلامية شعوب يمكنها ان تتفاعل مع شعوب العالم بعكس الشعب اليهودي الصهيوني المتقوقع على نفسه.
إن سلوكيات بعض المسلمين اليوم ـ وهم فاعلون على الساحة العربية ـ لا تعطي اطمئناناً أبداً لشعوب العالم كي يتعاطفوا مع أية قضية لهم.
ان الدول الإسلامية السنية والشيعية والمختلطة بين المذهبين، مطالبة بإنهاء هذه الحالات الإسلامية الشاذة بسرعة، وهذا لا يعني الاصطفاف مع أنظمة ديكتاتورية أو عسكرية بقدر ما يعني تقديم نموذج يمكن ان يقبله العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق