إنهم يكذبون
أحمد الحباسى
صحافة العار ، إعلام العار ، هكذا يلقبهم البعض ، عقود من الزمن و هذا الرهط يكذب كما يتنفس ، يكذبون لنصدقهم ، يصنعون التضليل بقوة النفاق و الخداع و المخاتلة، يضعون لمحطاتهم الفضائية شعارات جذابة لكنها كاذبة مثل ” الرأي و الرأي الآخر “، مثل “جرأة ، متابعة ، موضوعية ” إلى ما هنالك من الكلام ، العبارة الشهيرة للمضلل فيصل القاسم في برنامجه ” الاتجاه المعاكس” ، طبعا ، كان لمحطة الكذب الأولى في العالم العربي “الجزيرة” دورا فاعلا في تضليل الرأي العام في العالم العربي و بالذات فيما يسمى نفاقا بدول “الربيع العربي” ، طبعا كان للمحطة دور فاعل في ليبيا ، صدق الكثير الكذبة و لغة الخطاب الإعلامي المفبرك ، الكذبة الإعلامية تحتاج إلى تربة مواتية ، إلى عقل غير متوازن ، إلى لحظة تاريخية معينة ، إلى صدفة مخطط لها ، إلى رأى عام دولي قابل و متقبل ، و الشعوب و الوجدان العربي كان مهيأ بالكامل لتقبل و ابتلاع الأقراص المنومة “القطرية” الصهيونية ، فحكومات الديكتاتورية العربية قتلت حمى الانتماء و حاسة البقاء و إرادة الحياة .
استهلكت الشعوب العربية الوجبة القطرية الصهيونية المسمومة ، ابتلعتها دون أدنى وعى و بلهفة كبيرة ، بالطبع ، ما شاهدنا من عمليات حرق و نهب و قتل هي إفراز منتظر و طبيعي لحالة تسمم الجسم العربي ،خاصة في غياب تأطير مناسب لتلك المظاهرات من الطبقة “المثقفة” كما يحدث في بعض الثورات في العالم عبر التاريخ ،بالطبع ربحت الصهيونية العالمية معركة حاسمة أدت إلى سقوط ما لا يقل عن أربعة أنظمة عربية دفعة واحدة في يد عملاء المخابرات الأمريكية الغربية الخليجية الصهيونية و المشروع الصهيوني الباحث على تفتيت ما تبقى من ” الوحدة” العربية ، بالطبع ، كانت الوجبة المقدمة من قناة الجزيرة مليئة بالسم ، لكن الشعوب لم تنتبه أو لم يرد لها أن تنتبه إلى هذه الخيانة الإعلامية المهنية ، بالعكس ، كان تكريم القناة من حركة النهضة الإرهابية و الإخوان الغير مسلمين في مصر و ليبيا و بعض الخارجين عن القانون في اليمن أكبر فضيحة و خدعة تصيب الوطن العربي .
أكاذيب الجزيرة و أخواتها في الخليج ، لا تحتاج إلى كثير من الذكاء لكي تكشف ، لم نكن نحتاج إلى براهين علمية ، إلى اختراع البارود كما يقال ، لكن و كما أسلفنا لم تكن اللحظة مناسبة أو مواتية ليكتشف عرب بلدان الربيع العربي الخديعة القطرية الصهيونية الإعلامية ، مع أنه كانت هناك شواهد و قرائن و شبهات سابقة حول ما يسمى ” بمهنية” القناة الإعلامية ، لم يعرض أحد أكاذيب الجزيرة و من شابه للتدقيق و الفحص ، و القناة لم تترك الوقت للتفكير بعد أن نشرت سحابا كثيفا من التضليل الإعلامي و أتت بعقول قادرة على تزوير الحقائق ، بالنتيجة ، سقط العقل العربي في أول مواجهة جدية مع حرب التضليل القطرية الصهيونية ، بالنتيجة فرض على الوجدان العربي إحالة من الاقتناع بأن ما حصل أو ما أريد له أن يحصل هي ثورة شعبية أطاحت بحكام الديكتاتورية العربية ، لم يتساءل أحد كيف سمحت الإدارة الأمريكية و العدو الصهيوني لأزلامهم أن يسقطوا بمثل تلك السهولة ، صدق الجميع حرب التضليل و الآن فهم يدفعون فاتورة الخراب المسمى ثورة الربيع العربي.
لا نكتفي طبعا بالإشارة إلى محطات التضليل “العربية” الصهيونية ، فهناك أقلام “تناضل” منذ سنوات في تثبيت لغة النفاق و الكذب ، حتى أن البعض منا لم يعد يرى الكذبة الإعلامية مهما كان حجمها و تفاهتها ، لم نعد نشعر بأذى كذب “كذاب العرب ” و ليس كتاب العرب ، لم نعد نملك القدرة على تفكيك شفرة الكذبة مهما كانت مفضوحة و بالية و غير منطقية ، لكن ، و كما فضح انتصار تموز 2006 كذبة ” الجيش الصهيوني الذي لا يقهر ” ، رغم أن الجميع يعلمون أن القيادات العربية الخائنة مثل كامل العائلة الهاشمية هي من صنعت هذه الأسطورة الكاذبة ، فان الصمود السوري في وجه المؤامرة الخليجية الصهيونية الصليبية هو الذي أتى لينال من منظومة الكذب الخليجية ، تبين مع الوقت ، أنها ثورة تايواني بأدوات عميلة صنعت في مطابخ السفارات الغربية ، أن القطع الآدمية التي ينسب لها تنفيذ هذه الثورة هي مجرد أشلاء آدمية متخرجة من فكر الوهابية السلفية التكفيرية ، أن لسان هذه الثورة القذرة لسان عبري بامتياز ، أن إسرائيل عندما تطبب جرحى هذه ” الثورة ” في مستشفياتها إنما تفعل ذلك كما فعلت مع عصابات جيش أنطوان لحد في وقت ما من التاريخ اللبناني المشبوه .
للأسف ، بنك الأكاذيب الخليجي ، كما مالهم النفطي ، لا يفلس ، لكن من الأكيد أن هذا البنك يعانى من “العجز” في افتعال و صنع أكاذيب “نيو لوك ” ، الأفكار بدأت تشح ، هناك تكرار ممل من دون عبقرية للبهلوانيات التضليلية السابقة ، أفلست المؤسسة الدينية الخليجية و بات الجميع في انتظار “فتوى” غير مسبوقة تعيد المنهزمين في الشام إلى عرين الحدود التركية لمواصلة جهاد النكاح و قطع الرؤوس و أكل لحوم البشر الأبرياء ، منظومة الكذب المترامية الأطراف في الخليج و في بعض البلدان الغربية لا تقر بهزيمة مشروعها الفاسد ، مواد فاسدة مثل عزمي بشارة ، اقتربت من التعفن ، حمى فيروس النفاق ليتها تصيب كل هذه العقول التي تأمرت على المقاومة و على المصير و الإنسان العربي ، ليتها .
خاص بانوراما الشرق الاوسط - نسمح باعادة النشر شرط ذكر المصدر تحت طائلة الملاحقة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق