هل الشرق الأوسط بحاجة إلى ديمقراطية… ؟!
مصطفى قطبي
الديمقراطية!… تكاد هذه المفردة، لاسيما بعد أن صارت تطفو فوق سيول الدماء، تصبح من المقدسات، التي من المحرم علينا أن نخضعها إلى اختبار الشك، بل إنها أصبحت من المقدسات، لكنني مع ذلك سأسأل: هل الشرق الأوسط بحاجة إلى الديمقراطية الآن…؟
وإني أدرك، وأنا بكامل قواي العقلية، حجم الحماقة التي أرتكبها وأنا أطرح هذا السؤال، وأدرك حجم الأحكام الجاهزة التي سأُنعت بها، فهكذا دوماً كانت تواجه محاولات الاقتراب من المقدّسات…
لست أخفي على القراء الكرام أن ما يؤرقني، وربما يؤرق عشرات الآلاف من أمثالي، يتبلور في خيبة الظن بـ”الديمقراطية” التي بقينا طوال عقود نحلم بها وندعو إليها. المعضلة تتلخص في الكيفية التي ابتلعت بها أنماط التخلف والرجعية المشروع الديمقراطي، حتى صارت الديمقراطية شيئاً يستحق التعامل بحذر، بل وحتى بخوف!
إنها حال تخص عالم الشرق الأوسط المضطرب على نحو خاص، فهي لا تنطبق على الكتل البشرية الكبرى كأوروبا أو الهند وباكستان، بيد أنها تنطبق على العالم العربي الذي كما يبدو أنه قد ابتلع جرعة أكبر مما ينبغي من الديمقراطية، كي تفقد الجماهير توازنها ورؤيتها، وكي يفتح المشروع الديمقراطي الأغطية من على ما كانت الشعوب في الشرق الأوسط تخفيه من أمراض متنوعة، ومنها سيادة روح القبلية والطائفية والنزوع إلى الثأر والانتقام وما خفي من نوازع الفساد وسرقة المال العام والعمل للصالح الخاص، للأسف.
والحق، فإن رصداً بسيطاً لما يجري اليوم في الشقيقة مصر وفي العراق وفيما يسمى بدول ”الربيع العربي”، تعسفاً، إنما يدل على أن سابق الأوضاع اللا ديمقراطية كانت تلف تعقيداً شائكاً خطيراً بقي ينتظر ”صافرة الديمقراطية” كي ينطلق نحو الفوضى والعمى، أحياناً.
وبعكسه، كيف يمكن للمرء القادر على قراءة التاريخ بوضوح، أي دون أن تشوه الدموع ناظريه ليرى الحروف بوضوح على ما فات من مآس وآلام وكفاح من أجل الحريات والديمقراطية، نقول كيف يمكن تفسير ما يجري في مصر الحبيبة من فوضى شارفت أشد المخاطر؟ وكيف يمكن أن نفسر ما جرى ويجري في العراق! هل كانت الطاقات المتوحشة فقط في انتظار إعلان الديمقراطية كي تكسر الأغلال والسلاسل لتطلق ما تختزنه في دواخلها من عناصر الفوضى الشيطانية الحبيسة والمختزنة في الفانوس السحري؟
للمرء أن يتأمل بتأنِ ووضوح رؤيا، متسائلاً: أي من دولنا في الشرق الأوسط حققت الديمقراطية بالطرق الإعجازية (أي بين ليلة وضحاها) عن طريق التمردات أو الاحتلال الأجنبي أو الارتزاق من الأجنبي، أقول أي من هذه الدول والشعوب الشرق أوسطية تحيا اليوم ديمقراطية حقة من النمط الذي يحياه البريطانيون أو الفرنسيون أو حتى الهنود؟
الجواب، بطبيعة الحال، هو، لا توجد أية ديمقراطية شرق أوسطية يمكن أن تقارن بالديمقراطيات الأوروبية الغربية أو الأميركية أو حتى الآسيوية. وعلة ذلك تكمن في أن الديمقراطية تشترط مسبقاً التعامل مع الشعوب على أساس المواطنة الحقة فقط، وليس على أسس أخرى، كالطبقة الاجتماعية، أو العائلة أو الانحدار القبلي، أو الطائفة أو الجنس!
بإمكاني الإتيان بمئات التصريحات لرؤساء وملوك ومسؤولين عرب، تمتدح الديمقراطية، وتجد فيها الحل الأهم لبناء الدولة الحديثة، وبإمكاني أيضاً الاستدلال بمئات الوقائع والأحداث التي تؤكد أن هؤلاء يتحدثون عن الديمقراطية عندما يجدون فائدة بين طياتها لنظام الحكم القائم في بلدانهم، إلا أن الأمور سرعان ما تنقلب رأساً على عقب في أول خضة يتعرضون لها، والفرق يبرز هنا بين الحاكم والمحكوم، فالمحكوم كما يرى أرسطو طاليس (مدني بطبعه)، والحاكم الذي يتحدث باستمرار بالديمقراطية، تكتشف في نهاية المطاف أو منتصف الطريق، أنه من الحكام الذين قال عنهم العالم الاجتماعي ”د. علي الوردي” يصفهم بقوله (جميع السلاطين الذين يدعون إلى طاعتهم، وصلوا إلى الحكم عن طريق تحريك الفتنة وتفريق الكلمة).
أما النموذج الآخر فيمكن وصفه بالحكام الذين أقنعوا شعوبهم، بأنهم يمارسون الابتزاز والسرقة والهيمنة ليجلبوا الثروات لهم، وهذا الأساس الذي تعتمده نظم الاستعمار القديم والحديث، وإلا كيف يقنعون ملايين الجنود والضباط للذهاب إلى دول وقارات تبعد عنهم آلاف الأميال، وهذا ينطبق على التجارب الأسبانية والبرتغالية والرومانية والبريطانية والفرنسية وغيرها من التجارب الاستعمارية وفي العصر الحديث الأميركية.
وإذا تحدثنا عن مئات الوقائع والأدلة التي يتباهى بها رؤساء ووزراء ومنظرون للديمقراطية، فلا نحتاج إلى الكثير من الجهد والعناء، فمجرد جمع بياناتهم وخطبهم، التي غالباً ما يتفاعل معها الجمهور(المدني)، ويصفق لها بحماس، باعتبارها البوابة الأولى والأهم للتطور والتقدم والضمانة لحماية الناس من الانتهاكات التي قد تطول حقوقهم، وبدون أدنى شك أن الوعي في هذه النقطة بالذات يؤدي دورا مؤثراً، وبسبب قناعة بعض النخب بعدم وجود أرضية حقيقية لكل الوعود والكلام الذي يصفق له الناس، فإن التشكيك الذي قد يرقى إلى درجة عدم القناعة أسس لـ(المعارضة) ذات التوجه الثقافي والفكري، وهو الأكثر تأثيراً على المدى البعيد من كل المعارضات السياسية ذات النزعة المصلحية، التي تبني معارضتها بغرض الوصول إلى الحكم، وليس هناك هدف يتعلق ببناء الدول الحديثة، بما فيها احترام الإنسان.
ونأتي على الوقائع والأحداث التي تدلل على أن الديمقراطية ليست بأكثر من رداء يتحدث به الحكام عندما يكون مناسباً للفصل الذي يعيشون، فإذا كان شتاء فإنه يكون سميكاً، وإذا صيفاً فهو الفضفاض الطري. وأعتقد بأن أكثر دولة تحدثت في خطابها الجمعي عن الديمقراطية خلال العقود الماضية هي الولايات المتحدة، فظهرت الأدبيات السياسية التي تبرز أهمية الديمقراطية في بناء الأمم والمجتمعات، ووظفت مؤسسة إعلامية عملاقة هي (هوليوود) للإنتاج السينمائي لتسويق النموذج الأميركي في الديمقراطية، وزرعت قناعات واسعة لدى الرأي العام العالمي عن الديمقراطية وحقوق الإنسان…
وإذا أردنا أن نوسع دائرة الأمثلة التي تؤكد كذب الديمقراطية في الممارسة وأنها تحتل الواجهة في الشعارات فقط، فإن دول أوروبا قد سارعت إلى خلع لباس الديمقراطية التي طالما تباهت به بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، ووضعت جميع العرب والمسلمين في قائمة المجرمين والقتلة، وشمل ذلك بطبيعة الحال الحاصلين على جنسية تلك الدول، وقد يكون أولادهم لا يتكلمون حتى لغة بلدانهم، فتم إطلاق أجهزة المخابرات في كل الدول الأوروبية وأميركا وكندا والدول العاملة في دائرة استخباراتهم للتعاون فيما بينها لمضايقة الجاليات العربية والمسلمة، كما أن ذلك لا يستثني المسيحيين الوافدين من الدول العربية والإسلامية.
إن ما يؤلم هنا ليس فقط ما حلّ بالعراق، وفلسطين وليبيا وتونس واليمن وسورية على سبيل المثال، ولكن ما نقرأه يومياً من قصص مضللة تقلب حقيقة ما حدث فتحول الضحية إلى قاتل، والقاتل إلى ”ديمقراطي” ساع إلى حياة أفضل لهؤلاء الذين يدمر حياتهم ومستقبل أوطانهم وأطفالهم!
المشكلة اليوم هي أن لغتنا وقيمنا وأفكارنا قد أصبحت أداة بيد الآخر للتعبير عنا نحن العرب، وعما يرتكبه ضدها في ديارنا، بينما نجلس نحن متفرجين متلقين لأخبارنا منه، ومطلعين على عذاباتنا من وجهة نظره، وعلى قيمنا من خلال رؤيته المليئة بالكراهية العنصرية لها. والخطورة هنا، هي أن نستمر في هذا الوضع السلبي إلى حد الاضمحلال، وإلى أن لا يبقى شيء منا يشير إلى حقيقة واقعنا، بل تبقى القصة التي كتبها الغزاة عنا، وتندثر قصصنا نحن العرب تحت وطأة الإنتاج الفني، واللغوي، والسياسي، الذي تنتجه الجهات المدجّجة بالكراهية ضد المسلمين، التي تروّج نفسها بأنها ”ديمقراطية” وقادمة لتحرير الشعوب من ربقة التخلف والاستبداد!
فبالإضافة إلى وصف كلّ ما يجري أمام أعيننا بلغة كاذبة لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة، يعمد المستعمرون اليوم إلى توجيه ضربة قاسية للغتنا وثقافتنا وكل ما نعتز به من إرثنا بدعوى الحداثة والتحضّر وغسل أدمغة البعض من أبناء جلدتنا ليتحولوا إلى جلادين للذات ومروجين للكراهية الغربية ضد العرب.
من جهة أخرى، يبدو التوجه الاقتصادي للحكومات الجديدة لدول الربيع العربي، نسخة طبق الأصل عن سابقاتها في تقديس النيوليبراليية، والإرتهان لصندوق النقد الدولي، وهو ما وجد فيه الغرب فرصة أخرى لاستمرار عملية النهب المنظم، وإن كان اليوم يتستر بستار القروض وإعادة الإعمار، ما يعني استمرار، بل وزيادة، ارتباط الاقتصاد الوطني للخارج سواء كان عربياً أم أجنبياً، الأمر الذي يمنع بدوره قيام ديمقراطية حقيقية، حيث لا ولن يسمح الغرب بها في دول تابعة، كي لا يخرج حاكم منتخب بحق، ليطالب بثرواته الوطنية وحقه في اختيار الطريق الاقتصادي المناسب، بعيداً عن وصفات الخراب العالمية، كما لن يسمح المال الخليجي بذلك لأسبابه الوجودية المعروفة، وبالنتيجة لا ديمقراطية حقيقية دون استقلال اقتصادي ناجز، والعكس صحيح أيضاً.
فلا السوق السياسية المنفتحة والقادرة على المنافسة هي الديمقراطية، ولا اقتصاد السوق يشكل في حد ذاته مجتمعاً صناعياً، بل إن في وسعنا القول، في الحالتين، إن النظام المنفتح سياسياً واقتصادياً شرط ضروري من شروط الديمقراطية أو التنمية الاقتصادية، لكنه غير كاف.
صحيح أن لا وجود لديمقراطية من دون حرية اختيار الحاكمين من قبل المحكومين، ومن دون تعددية سياسية، ومن دون حرية تعبير، لكننا لا نستطيع الكلام عن ديمقراطية إذا كان الناخبون لا يملكون إلا الاختيار بين جناحين من أجنحة الأوليغارشية أو الجيش و/أو جهاز الدولة، لأن العولمة الرأسمالية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية تتساهل تجاه انضمام دول مختلفة لاقتصاد السوق، منها دول تسلطية، ومنها دول ذات أنظمة تسلطية آخذة بالتفكك، ومنها دول ذات أنظمة تمكن تسميتها ديمقراطية، أي أن المحكومين فيها يختارون بملء إرادتهم وحريتهم من يمثلهم من الحاكمين.
وهنا أحاول الربط بين الغياب السياسي التام للدول العربية على المستوى الدولي، إلا حين تحتاجهم متطلبات العلاقات العامة الأمريكية، وبين التغييب الرسمي المتعمد للغة والتراث والثقافة…
فإذا لم يكن الإنسان نتاج لغته وثقافته ومكونات حضارته فماذا يكون…؟
وإذا لم تكن الديمقراطية تهدف إلى رفع مستوى حياة الإنسان وإسعاده والارتقاء بكلّ أوجه حياته فماذا تكون…؟
إن التحول الديمقراطي لا يمكن أن يترسخ في العالم العربي، إلا إذا قام المجتمع المدني بدوره الفاعل في عملية التحول، وهذا يتطلب من الحكومات العربية، أن تتخذ خطوات جادة لجهة إعطاء تكوينات ومنظمات المجتمع المدني الضمانات الدستورية والقانونية لكي تعمل بحرية وفعالية، ويمكن أن يتحقق ذلك كله من خلال فتح قنوات الحوار المباشر والمنظم، وبناء جسور الثقة والاحترام المتبادل، بيد أن التفاوض بشأن هذه الحقوق لا يعتمد فقط على مدى قبول من يمتلكون السلطة، ولكنه يعتمد كذلك على ضرورة تقوية التنظيمات الشعبية والاتحادات المهنية، لتمارس ضغوطاً قوية على النظام القائم من أجل تأمين حقوقها في حرية التعبير والتنظيم.
يشكل هذا الشرط الأساسي الآنف الذكر منظومة متكاملة ملزمة وضرورية لخلق نظام ديمقراطي جديد، إذ يمكن تدعيم ذلك النظام في ظل ثقافة سياسية ديمقراطية ومدنية تعم المجتمع، كما يمكن تكريسه قانونياً من خلال إقرار دستور ديمقراطي عصري ينص تفصيلاً على العناصر السابقة وآليات تحقيقها في الممارسة السياسية.
ومن الضروري التأكيد على أنه لا توجد وصفة سحرية جاهزة لنجاح عملية التحول الديمقراطي، لكن بالنسبة لتجربة دول الربيع العربي التي تعيش مرحلة الانتقال نحو بناء نظام ديمقراطي جديد، من المفيد جدّاً استلهام العديد من الدروس التي يمكن تعلمها عربياً من تجارب الانتقال الناجحة على الصعيد العالمي، وقد تمثلت أهم شروط ومقومات النجاح في: الحفاظ على الوحدة الوطنية وترسيخها ما يحول دون حدوث انقسامات وصراعات داخلية خلال مرحلة الانتقال، ولاسيما نبذ ومحاربة العنف السياسي، وحسن تصميم المرحلة الانتقالية وإدارتها من خلال التوافق بين الفاعلين السياسيين الرئيسين على خريطة طريق واضحة لتأسيس نظام ديمقراطي.
بما يعنيه ذلك من التوافق على صيغة النظام السياسي المستهدف، ومراحل الانتقال، والترتيبات المؤسسية والإجرائية الأكثر ملاءمة لظروف وخصوصيات الدولة والمجتمع، منعاً لإعادة إنتاج الاستبداد، أو إعادة استبدال ديكتاتورية سابقة بديكتاتورية دينية جديدة.
ومن الشروط الناجحة أيضا لتحقيق عملية التحول الديمقراطي الراسخة: إصلاح أجهزة الدولة ومؤسساتها (ولاسيما الأمنية منها) على النحو الذي يعزز قدرتها على القيام بوظائفها وبخاصة فيما يتعلق باحتكار حق الاستخدام المشروع للعنف والسلاح، وتقديم السلع والخدمات العامة للمواطنين، وتحقيق العدالة الانتقالية، فضلا عن تدعيم دور المجتمع المدني، وتعزيز الطلب المجتمعي على الديمقراطية ونشر ثقافتها في المجتمع.
فلا ديمقراطية من دون ديمقراطيين، وإعادة صياغة العلاقات بين الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني مع المؤسسة الأمنية، والمؤسسة العسكرية، بما يتفق وأسس النظام الديمقراطي الجديد القائمة على وجود أمن وجيش وطني، يعملان من أجل إعلاء قيم الوطن، على أن يتم ذلك بشكل تدريجي ومن خلال التفاوض وإجراءات بناء الثقة بين المدنيين، والشرطة، والعسكريين.
ولذلك فإن عملية تطوير النظام الديمقراطي الجديد في دول الربيع العربي، يجب أن تكون عملية مستمرة حتى يقترب أكثر وأكثر من الأنموذج المثالي للديمقراطية الذي يجسد القيم والمثل العليا للديمقراطية، وتتطابق فيه النظرية مع التطبيق.
والحال هذه بات على مثقفي العالم العربي القيام بالمراجعة النقدية لفكرة الديمقراطية الغربية، وإسقاط صبغة القداسة عنها، وإذا كانت الديمقراطية شكلت لحظة إبداع في المشروع التنويري الغربي، ودشنت فتحاً معرفياً وفكرياً مهماً في تاريخ البشرية، فإن الديمقراطية بوصفها قيمة أخلاقية إنسانية متحركة تظل خاضعة لنسبيات شتى كالتاريخ واللغة والدين والزمان والمكان/ من هنا يأتي رفض العديد من الباحثين العرب للنمط الأحادي الذي تريد الديمقراطية الغربية فرضه على بقية العالم المختلف في ثقافاته وحضاراته عن العالم الغربي.
وأخيراً وليس آخر، من المهم أن يتم تعزيز الديمقراطية في الوطن العربي وتكريس المزيد من الحريات بأسلوب بعيد عن التصادم بين أطياف المجتمع، بحيث يتم التأكد من رسوخ المفاهيم الديمقراطية وضمان عدم الانقلاب عليها وتشويهها من قبل أي طرف قد يستطيع، في غفلة من الزمن، كسب الانتخابات بطريقة ما.
المزيد ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق