الجمعة، 25 أبريل 2014


الوزير والضرب بالشلاليت

الوزير والضرب بالشلاليت
بقلم: عبدالله عيسى

المظالم قصة لاتنته .. في الوظيفة وفي علاقة مواطن مع مسئول وفي مختلف العلاقات التي يتدخل فيها النفوذ والمال أيضا .. ولكن فيها عبرة لمن يعتبر ولمن أراد الله أن يرينا بعض حسابه في الدنيا .

مناضل عائد من فصيل فلسطيني كان له باع طويل في العمل الفدائي وعملياته تغنى بها الإعلام الفلسطيني والعربي حتى الآن .. وعندما عاد إلى ارض الوطن ولأنه لا يتقن إلا عمل واحد وهو الذي ابهرنا به ولا يجيد التملق لم يتدخل فصيله لتعيينه بوظيفة تليق به وتركه فريسة لمزاجية التعيينات في الوزارات في السلطة .. فعين بوظيفة أسفل سافلين في السلم الوظيفي.

حمل أوراقه تحت إبطه واخذ يتردد على المسئولين رفاقه كي يتدخلوا لمساعدته دون جدوى .. فقرر الانتقال إلى مرحلة الاستنفار من الدرجة البرتقالية بان يراجع وزير أو بمرتبة وزير مسئول التعيينات وكلما ذهب إلى الوزارة طرده الحراس بالشلوت شر طردة حتى أصبحت ترى مقاسات أحذيتهم مطبوعة على سرواله من الخلف .

لم يكن يعلم بعلاقة الوزير المسئول عنه والمسئول صاحب الشلاليت فطلب مقابلة وزيره وقال كلاما صعبا عن الواسطة والمحسوبية والإذلال الذي يتعرض له أي مطالب لحقوقه .. كشر الوزير عن أنيابه وقال له غدا عملك يكون " في غرفة الاستعلامات على البوابة ".

خرج الرجل يجر أذيال الخيبة وكان يأمل بإنصافه من وزيره ولكنه كان مستغربا لماذا انفعل الوزير هكذا !!

ذهب لزملائه يشكوا حاله ويستفسر عن سر غضب الوزير فقيل له اانت مجنون كيف تتفوه هكذا أمامه .

ذات يوم كنت ذاهب لزيارة الوزير ونظرت إلى غرفة الاستعلامات فلم أر أحدا وكان عندي موعد مسبق .. فدققت النظر فرأيت رأسا على الطاولة في الغرفة الصغيرة فاقتربت وطرقت بيدي على الزجاج فرفع رأسه .. قلت أنت هنا! ماذا تفعل ؟

قال صاحبك رماني هنا والله عندما أرى احد من أصدقائي اخجل واضع راسي على الطاولة حتى لا يراني .. أرجوك تدخل وحدثه كي يعيدني إلى عملي في المكاتب .

ذهبت للوزير وفور جلوسي قلت له :" فلان " قال ما به :" قلت أتضعه على البوابة يا رجل؟؟

قال : البوابة أليست عملا ؟

قلت عمل محترم ولكن كل ميسر لما خلق له .. يا راجل مناضل من هذا النوع لماذا تذله .. لاتعطوه شيئا ولكن لاتذلوه أيضا.

فأعطى أوامره بإعادته إلى عمله فورا. فشكرت الوزير وأوصيته خيرا به .

ودارت الأيام .. وخلال رحلة علاجي الماضية  برام الله كان يتردد علي الموظف بالزيارة فحدثني عن قصة غريبة.

قال: أتذكر المسؤول فلان الذي كنت أتردد على مؤسسته ويطردني حراسه طرد الكلاب .. 

كلمني مسئول منذ مدة وقال لي يوجد معي غرض صغير هل تخدمني بان توصله إلى فلان بمنزله برام الله والغرض مرسل من احد أبنائه .

ترددت ثم قلت نعم.

توجهت إلى منزله وهي أول مرة أزوره فيها في منزله طبعا والان المسئول قد خرج من الخدمة الحكومية .

قرعت جرس الباب وبعد انتظار فتح المسئول بنفسه الباب ودخلت وناولته الغرض الصغير.

قال انتظر ساتيك بعصير .. غاب وعاد بكوب من العصير وقدمه بنفسه لي وانأ مندهش كيف دارت الأيام من أيام الشلاليت إلى كوب عصير يقدمه بنفسه .

ثم تحدث المسئول بمرارة قائلا: " انظر إلي إنني وحيد في المنزل تخيل هذا الهاتف أتمنى أن يرن وان يتصل احد ليقول لي كيف الحال .. أتعرفني عندما كنت مسئولا كيف كانت السلطة كلها تقف على بابي .. أتعرف أن عاملا  مستخدما أعطيته ما يعادل مرتبة مدير عام .. وحتى هذا لا يتصل بي الآن !! . 

يقول الموظف احد ضحايا الظلم والقهر الإداري والمحسوبية وفلان يرث وفلان لايرث " يقول:" والله لم اشمت ولكن حزنت عليه لأنه لم يرحم نفسه من يوم كهذا في الدنيا لم يترك أحدا يذكره بخير طغى وتجبر وافترى على خلق الله ".

قصة فيها عبر لكل من وصل لموقع المسؤولية ولم يرحم نفسه من يوم كهذا وما عند الله أعظم  ولكل من ظلم وأخذته العزة بالإثم فظن الظالم أن الله لن يقدر عليه .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق