عباس وعقدة التنحي عن الرئاسة
10/04/2014 [ 03:39 ]
الإضافة بتاريخ:
داليا العفيفي
وصل الرئيس محمود عباس يوم الثلاثاء الماضي إلى جمهورية مصر العربية في زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام، وقد قالت صحيفة الأهرام المصرية في تحليل لها نشر يوم الأربعاء :"قبيل وصول أبو مازن للقاهرة صباح أمس علمت من احد المسئولين الفلسطينيين أن أبو مازن مصمم على التنحي وفتح الطريق لانتخاب رئيس جديد للفلسطينيين إذا فشلت الجولة الحالية في محادثات السلام ولم يتم تمديدها بالشروط الفلسطينية وأنه طلب من القيادة الفلسطينية الاجتماع في السادس والعشرين من الشهر الحالي وقبل ثلاثة أيام فقط من موعد انتهاء الجولة الحالية من المفاوضات لتحديد كيفية دفع حماس إلى تنفيذ أتفاق المصالحة الداخلية الفلسطينية أو تحديد موعد لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية حتى ولو رفضت سلطة حماس الحاكمة في غزة المشاركة فيها" .
إن ما قيل وما تم تسريبه لا يعدو كونه مجرد أقاويل وأحاديث مفبركة حول تفكير الرئيس / منتهي الصلاحية "محمود عباس" بالتنحي عن المسرح السياسي والعمل بشكل جدي من أجل دفع حماس إلى تنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية أو تحديد موعد ملزم لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية حتى ولو رفضت سلطة حماس الحاكمة في غزة عنوة المشاركة فيها ، والحقيقة أن ما يروج هو بالونات اختبار ومناورات وأحاديث عارٍية عن الصحة ، لأن النوايا الجادة إن وجدت تصدقها الأفعال ، والمؤشرات لغاية الآن لا تدل على ذلك ، بل الأغرب من ذلك أن الرئيس منتهي الصلاحية "أبو مازن" لا زال عنده أمل بنجاح المفاوضات حتى هذه اللحظة دون أن يمتلك أي خيارات أخرى ضاغطة على العدو والراعي الرسمي "أمريكا" غير التلويح بالذهاب للانضمام لمؤسسات الأمم المتحدة والتوقيع على المعاهدات والاتفاقيات الدولية ! فمنذ اللحظة الأولى والجميع متأكد من النتائج السلبية في ملف المفاوضات ليس لأننا نمتلك القدرة على قراءة الغيب للوصول إلى قراءة الوقائع والوصول بصورة موضوعية إلى التوقعات السليمة لحصاد مثل تلك المفاوضات العقيمة ولكن لأن المعطيات كانت واضحة لكل ذي بصر وبصيرة ، بل حتى الطاقم المفاوض كان قد وصل لهذه النتيجة مسبقاً وبعضهم قدم استقالته من الوفد المفاوض دون أن يترجمها إلى موقف عملي ، ناهيك عن تفشي عوامل الضعف في المواقف الرسمية للقيادة الفلسطينية التي أصبحت معزولة شعبياً وجماهيرياً ولم تلتفت إلى سلوكها المخالف للإجماع الوطني وما أدى إليه من شرذمة البيت الفلسطيني غياب وحدة الموقف الفتحاوي الذي باتت عوامل الضعف والتفكك هي الأبرز على ساحته الداخلية إلى جانب الصورة العامة التي تركتها ممارسات "أبو مازن" والجماعة المحيطة به الذين صادروا القرار الوطني وإختطفوا القرار الفتحاوي بعد ضرب البنية المؤسسية ومفاهيم القيادة الجماعية في صناعة القرار الوطني أو الفتحاوي وتحول أعضاء القيادة سواء في اللجنة المركزية لفتح أو اللجنة التنفيذية إلى شهود تحت الطلب وعند الحاجة فقط ، ناهيك عن فقدان المفاوض لخيارات أخرى قد تستخدم في حال زاد تعنت العدو الإسرائيلي وانحياز الراعي الأمريكي ، إضافة لفقدان الدعم الإقليمي والدولي لنا بسبب انشغال جميعهم في همومهم الخاصة وصراعاتهم .
البادي للجميع أن "أبو مازن" يعيش حالة من الأزمة العميقة ويفتقد للخيارات ،إذا ظل رهينة موقفه الشخصي الرافض للبحث عن توظيف كل الخيارات المتوفرة في يد الشعب الفلسطيني والتصميم على التفرد والاستفراد بالقرار الوطني الفلسطيني ، مما يودى به إلى الهاوية بشكل سريع ، أما بالنسبة لملف المصالحة الفلسطينية وهي الخطوة التي كان من الضروري انجازها والانتهاء منها قبل الإقبال على الدخول في جولة المفاوضات التي وصلت إلى طريق مسدود بعد تسعة شهور من حوار الطرشان وتسارع وتيرة الاستيطان وفرض الأمر الواقع من قبل الطرف الإسرائيلي ، مع أن الأكيد هو أن من مصلحة الطرفين "حماس – السلطة " بقاء الحال على ما هو عليه والحفاظ على ديمومة الانقسام الجغرافي والديموغرافي فجميعهم مستفيد أول وأخير من شرذمة الشعب والأرض ، وإن حدث وتم الإعلان عن موعد إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في حال رفض حماس. فلن يكتب لها النجاح وستكون قفزة في الهواء لا معنى لها سوى الدفع أكثر نحو تعميق الانقسام وشرعنة نتائج الانقلاب الأسود . ولن يخرج علينا خيار أفضل بل على العكس ستكون النتائج كارثية على شعبنا لأسباب كثيرة من بينها أن حماس لن تعترف بهذه الانتخابات ولن تسمح بإجرائها في قطاع غزة وبالتالي سيتم استثناء قطاع غزة و أهله من المشاركة وهذا يزيد من تكريس مفاهيم الانفصال والفصل النهائي لهذه البقعة عن الوطن وكأنها دولة أخرى كما تدعى حماس ، ناهيك عن أن السلطة من الأساس لا تمتلك إستراتيجية واضحة وخيارات جيدة لإجراء الانتخابات وبالتالي يتضح أن الهدف فقط ينحصر في تعزيز مكانة " أبى مازن" ومحاولة البحث عن عوامل إطالة وجوده على رأس النظام السياسي الفلسطيني بأي صورة كانت وبأي ثمن وإخراجه من مأزقه بطريقة تضمن عدم تحميله المسؤولية الوطنية والتاريخية اتجاه ما حدث من كوارث في الوطن والشعب في ظل قيادته ورمي الكرة في ملعب الكل الوطني ليخرج هو وحده (أبيض الوجه) .. إذا فرضت المرحلة عليه القفز من السفينة !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق