الأربعاء، 2 أبريل 2014

مرتزقة وعملاء ومخترقين ومناضلين حقيقيين وإرهابيين
02/04/2014 [ 10:07 ]
الإضافة بتاريخ:
نهاد إسماعيل

من يقاتل من في الساحة السورية؟
تقرير يكشف من يقاتل مع النظام ومن يقاتل ضد النظام ومن هو العميل والمخترق؟
 
قبل عدة أسابيع طلب مني مركز دراسات دفاعية واستراتيجية اعداد ورقة باللغة الانجليزية تفكك طلاسم الصورة القتالية المعقدة في الساحة السورية نظرا لتواجد اطراف عديدة بعضها يقاتل ضد النظام وبعضها يقاتل ضد الثوار وفصائل تقاتل فصائل اخرى. بعضها مرتزقة لحماية النظام وجماعات ارهابية مخترقة وجماعات تقاتل بعضها البعض وأخرى تطبق الشريعة الاسلامية عشوائيا في بعض المناطق. فالصورة معقدة للغاية وسأحاول الاختصار قدر الامكان.
 
3 سنوات بعد اندلاع الثورة قتل النظام أكثر من 140 الف سوري وأجبر أكثر من 2.5 مليون سوري على النزوح كلاجئين في الدول مجاورة وحتى هذه اللحظة لا يوجد بارقة أمل في نهاية نفق المجازر والبراميل المتفجرة.
 
النظام يقاتل بكل شراسة من اجل البقاء بدعم روسي وايراني وعراقي ولبناني. وحتى ان القاعدة دخلت على الخط بحجة اسقاط النظام وتأسيس دولة خلافة اسلامية. لا شك ان هناك جماعات تريد استمرار القتال خاصة العصابات التي تسيطر على تجارة التهريب والحدود وبعض آبار النفط. لتعقيد الصورة أكثر هناك عناصر تعرف "بالشبيحة" معروفة بوحشيتها وتعمل في صفوف النظام.
 
من الصعب رسم صورة بيضاء وسوداء فالرمادية هي اللون الطاغي على الساحة السورية. هناك داعش (الدولة الاسلامية في العراق والشام) وهي تلعب دور مزدوج حيث تقول انها تحارب النظام ولكنها ايضا تحارب الجيش السوري الحر وبعض الفصائل الأخرى. ولكن التحقيقات والمعلومات والصور التي انتشرت على الانترنيت اثبتت ان داعش تعمل بتنسيق مع المخابرات العسكرية السورية والايرانية. مهمة داعش باختصار شديد هي تشويه المعارضة واحباط الثورة.
 
لتبسيط صورة معقدة جدا تم تقسيم الفئات المقاتلة الى ثلاثة اجزاء:
 
الأول: النظام والمرتزقة:
 
الجيش السوري النظامي والميليشيات الايرانية والعراقية التي تدعم النظام:
 
يبقى الجيش السوري القوة الرئيسية على الساحة حيث يمتلك اسلحة فتاكة مثل صوراريخ ارض ارض وبراميل متفجرة وطائرات حربية. وتحسنت قدرات الجيش السوري بعد دخول حزب الله على
 
الساحة اضافة للدعم الايراني والروسي. يعتقد خبراء ومحللون ان الجيش السوري كان يواجه الانهيار لولا تدخل هذه القوى الى جانبه.
 
حزب الله اللبناني:
 
ميليشيا شيعية لبنانية تعمل بتوجيهات ايرانية ولا تستطيع التدخل او الدخول في حرب بدون ضؤ أخضر ايراني او تعليمات مباشرة من ايران. الحزب يتلقى دعم اقتصادي وعسكري من ايران لذا لا يستطيع العمل بدون موافقة ايرانية. اكتسب الحزب شعبية كبيرة في الشارع العربي بعد صموده امام الآلة الاسرائيلية العسكرية صيف عام 2006 واعتبره العرب حزب مقاوم ومناضل.
 
ولكن هذا الاعجاب تبخر بعد مشاركة الحزب في ارتكاب الجرائم ضد الشعب السوري لحماية النظام. في نظر الغالبية تحول الحزب من حركة نضالية الى عصابة ارهابية. دخول الحزب على الخط السوري أفقده المصداقية والشعبية في الشارع العربي وخلق توترات داخل لبنان ذاتها.
 
ومن جهة أخرى وحسب صحيفة الوطن السعودية لا يستطيع زعيم حزب الله أن يعترف بالحقيقة الدامغة، وهي أن قتال عناصر حزبه في سورية جاء بأوامر إيرانية ليس لديه حق الاعتراض عليها، فتبعيته المطلقة للولي الفقيه تحتم ذلك. بدليل أن المسألة الطائفية هي العامل المشترك بين كل القوات التي تحارب إلى جانب النظام السوري "الطائفي".
 
ميليشيات العراق:
 
ميليشيات طائفية عراقية وتشمل عصائب اهل الحق وابو فضل العباس وذوالفقار والنجباء وهذه الأربعة هي اهم الجماعات الشيعية العراقية العاملة في الساحة السورية. وحسب تقارير في صحيفة الغارديان البريطانية تم غسل أدمغة الشباب من قبل شخص يدعى قيس الخزعلي وتم تدريبهم عسكريا في ايران وحسب اعترافات افراد تم أسرهم من قبل الجيش السوري الحر اعترفوا انهم استلموا 500 دولار من قيس الخزعلي لقاء موافقتهم على القتال في سوريا وتم التغرير بهم انهم سيقومون بحماية مقام السيدة زينب. يتراوح عدد المقاتلين العراقيين من 8 آلاف الى 15 الف. كما ان هناك وحدات من الحرس الثوري الايراني وفيلق القدس تقاتل في دفاع مستميت عن بشار الأسد.
 
الثاني:
 
داعش والقاعدة والنصرة التي تعمل مع النظام:
 
بات واضحا ان القاعدة بفروعها المختلفة تم اختراقها من قبل المخابرات السورية والايرانية والعراقية. من المفترض ان تقوم هذه الجماعات بمحاربة النظام ولكن العكس هو الصحيح. تصرفاتهم على الأرض تشير انهم يساعدوا النظام حيث يشتبكوا مع الجيش السوري الحر والجماعات العلمانية والاسلامية المعتدلة. في ربيع 2013 وبمساعدة ايرانية وعراقية انتقلت داعش الى سوريا. وظهرت ادلة قاطعة انها تعمل مع النظام وعلى سبيل المثال لا تستهدف طائرات النظام الحربية داعش ولا تسقط البراميل المتفجرة على داعش. وليس لداعش اجندة ديمقراطية بل تأسيس دولة اسلامية تطبق الشرع الاسلامي ولكنها في نفس الوقت تنكل بالسوريين وتخطف المسيحيين وكل هذه التصرفات
 
تهدف لتشويه المعارضة الحقيقية ومساعدة النظام. وانفضح الموضوع الآن حيث اعترفت كوادر منشقة انها تعمل بالتنسيق مع مخابرات النظام التي تقوم بتوجيه داعش وادارة تحركاتها. ممارسة داعش الوحشية ساعدت النظام واساءت للثورة حيث انشغل الجيش الحر بمحاربتها مما اضعف جبهة القتال ضد النظام. وتنفيذا لتعليمات النظام قامت داعش بالتحرش بالأكراد في منطقة كانتونات الجزيرة ولكن وحدات الحماية الشعبيية الكردية قامت بصد داعش وطردها. داعش تعدم الثوار وتغتال قادة الجيش السوري الحر ومن الجرائم التي ارتكبتها اواخر مارس آذار الماضي كان اعدام عدد من الثوار في دير الزور على أيدي تنظيم البغدادي المجرم مما يؤكد انها حركة عميلة ومأجورة تعمل لصالح النظام.
 
ولا تزال داعش تعرقل النضال ضد النظام وتخلق مشاكل هنا وهناك لتخفيف الضغط على الجيش النظامي. باختصار "داعش" حركة ارهابية عميلة ومخترقة مخابراتيا.
 
جبهة النصرة:
 
جبهة النصرة تتفرع من القاعدة وغالبية الفصائل العاملة تحت راية النصرة مخترقة من قبل النظام مثل داعش رغم ان هناك فصائل تابعة لها تعمل باستقلالية وتشارك في معارك ضد النظام خاصة في منطقة درعا الا ان جبهة النصرة بشكل عام لا تخدم الثورة بل تخدم النظام. ومن الجدير بالذكر ان الولايات المتحدة ادرجت النصرة في لائحة المنظمات الارهابية.
 
ممارسات داعش والنصرة الهمجية ضد المدنيين وضد الفصائل الأخرى لعبت دورا في امتناع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من تقديم سلاح نوعي للثوار كي لا تصل هذه الأسلحة للجماعات الارهابية وتهدد أمن الدول المجاورة.
 
ثالثا: الحركات الغير راديكالية التي تقاتل النظام والارهاب:
 
الجيش السوري الحر والمجلس العسكري الأعلى:
 
تم تشكيل الجيش السوري الحر في أغسطس آب 2011 من قبل منشقين عن الجيش السوري النظامي واتخذ من تركيا قاعدة له بقيادة العقيد رياض الأسعد. والتحق العديد من الفصائل المقاتلة في سوريا براية الجيش السوري الحر. ورغم ذلك لم يتمكن قادة الجيش الحر من السيطرة على جميع الفصائل العاملة في الميدان. يستلم الحر دعما متواضعا من بعض الدول العربية الخليجية ومن الغرب. ومورست بعض الضغوط على الجيش السوري الحر لتشكيل قيادة مركزية وفي ديسمبر 2012 التحقت مجموعة من الكتائب بالمجلس العسكري الأعلى. هذه المجموعات المعتدلة المعروفة بالجيش السوري الحر التقت تحت راية المجلس العسكري الاعلى بقيادة اللواء سليم ادريس الذي اراد ان تكون القيادة الجديدة كبديل اكثر فعالية للمجموعات الجهادية في سوريا.
 
واستمر اللواء ادريس في منصبه حتى أقيل من هيئة الأركان في فبراير شباط 2014.. وتم استبدال ادريس بالعميد الركن عبد الاله البشير كرئيس لهيئة الأركان العامة. والآن يعيد الجيش السوري الحر توحيد هياكله العملية والادارية وتشكيل غرفة عمليات عسكرية مركزية.
 
تفرعات المجلس العسكري الأعلى:
 
من هذه التفرعات كتائب شهداء سوريا بقيادة جمال معروف عضو هيئة الأركان وقائد جبهة ثوار سوريا وتضم حولي 7 آلف مقاتل. كان اسمها ألأصلي شهداء جبل الزاوية وشكلت اواخر 2011 في اقليم ادلب وتم تغيير الاسم اواسط عام 2012.
 
وكذلك كتيبة العاصفة الشمالية الاسلامية التوجه وتسيطر على احد المعابر الهامة بين تركيا وسوريا. اشتبكت مع داعش في معارك طاحنة في ايلول 2013.
 
وأيضا جماعة احرار سوريا التي شكلها العقيد قاسم سعد الدين العقيد الطيار الركن السابق.
 
لا بد من القول هنا أن العديد من الجماعات المقاتلة متفرقة وتعمل على مستوى محلي والبعض منها برز كقوة فاعلة مع تحالفات في جميع انحاء سورية خاصة مع جماعات تشاركها الأجندة والايديولوجية. ومنها حركة احرار الشام الاسلامي بقيادة حسن عبود وتضم 10 ألاف مقاتل وتتميز بالقدرة والانضباط ومن اوائل من استعمل ادوات تفجيرية لاستهداف قواعد عسكرية والاستيلاء على اسلحة وذخائر.
 
الجبهة الاسلامية:
 
وتتكون "الجبهة الإسلامية السورية" من أحد عشر لواء، من بينها "كتائب أحرار الشام" (التي تعمل في جميع أنحاء سوريا)، و"حركة الفجر الاسلامية" (التي تعمل في مدينة حلب وحولها)، و"كتائب أنصار الشام" (في اللاذقية وحولها)، و"لواء الحق" (في حمص)، و"جيش التوحيد" (في دير الزور)، و"جماعة الطليعة الإسلامية" (في المناطق الريفية من ادلب)، و"كتيبة مصعب بن عمير" (في المناطق الريفية من حلب)، والجماعات "كتيبة صقور الإسلام"، و"كتائب الإيمان المقاتلة"، و"سرايا المهام الخاصة"، و"كتيبة حمزة بن عبد المطلب" التي تعمل في منطقة دمشق. رغم العدد الكبير الا ان بعضها صغير وهامشي ولا تأثير له يذكر على الساحة.
 
في نوفمبر 2013 اتفقت 7 مجموعات على تشكيل تحالف قتالي يضم حركة احرار الشام الاسلامية وجيش الاسلام وصقور الشام ولواء التوحيد ولواء الحق وانصار الشام والجبهة الكردية الاسلامية. وتضم الجبهة حوالي 45 الف مقاتل وأصدروا بيانا انهم قاموا بتشكيل تحالف سياسي وعسكري مستقل هدفه اسقاط بشار الأسد وتشكيل دولة اسلامية.
 
الجبهة الاسلامية لا تضم افرع من القاعدة مثل داعش والنصرة ولكن ميثاقها يرحب بالمقاتلين الأجانب كاخوة في الجهاد. الجبهة الاسلامية ترفض مؤتمرات جنيف ولا تقبل بأي قرارات ناتجة عنها. وبما انها تتألف من جماعات عديدة فمن السهل اختراقها ميدانيا من قبل المخابرات العسكرية السورية رغم انها تحظى بدعم خليجي وسعودي. وما يميز هذه الجبهة عن النصرة او داعش انها أقل تطرفا ولا تنتمي للقاعدة.
 
و في ايلول 2013 تم تشكيل جيش الاسلام بقيادة زهران علوش. وتضم مجموعته ما يزيد عن 9000 مقاتل ويضم 50 فرقة اسلامية تعمل حول العاصمة دمشق. زهران علوش سجين سلفي سابق وكانت جماعته لواء الاسلام من اقوى الفرق المحاربة في هذا التحالف.
 
مشكلة المعارضة العسكرية:
 
المشكلة الرئيسية التي تواجه المعارضة هي الانقسامات والاشتباكات بينهما. وهذا ايضا خلق مشكلة بين الداعمين. قطر وتركيا تقدما دعما لأكبر فصائل الجبهة الاسلامية منذ اكثر من عامين، اما المملكة العربية السعودية تفضل دعم الفصائل المعتدلة والأقل راديكالية. وهناك تخوفات في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ان تقع الأسلحة بأيدي جماعات غير منضبطة قد تخلق مشاكل لاسرائيل والأردن.
 
وبعد زيارة الرئيس اوباما الأخيرة للسعودية كشف مسؤول أميركي النقاب عن أن الرئيس باراك أوباما يدرس ما إن كان سيسمح بشحن صواريخ مضادة للطائرات، من النوعية التي تُطلَق من على الكتف، للفصائل المعتدلة بالمعارضة السورية، بمساعدة ربما من جانب الحكومة السعودية. ولا يمكن التعويل على الوعود الأميركية التي قد تتلاشى ولا تقدم شيئا.
 
وكلما استمر الصراع في سوريا كلما ازداد عدد الجماعات المقاتلة وتعقدت الصورة أكثر وأكثر والشعب السوري هو الذي يدفع الثمن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق