الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

معاناة فلسطينيي سورية ستستمر لـسنوات قادمة

القدس الآن – خلص تقدير استراتيجي حول “مستقبل فلسطينيي سورية” إلى أن معاناة اللاجئين الفلسطينيين في سورية ستستمر في الأمد المنظور، وهي معاناة هائلة تُعدُّ أحد أقسى تجارب المعاناة الفلسطينية منذ سنة 1948.
وقال التقدير الذي أصدره مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ووصل وكالة “صفا” نسخة عنه السبت “لا يبدو أن السيناريوهات المحتملة في المدى القريب المنظور تعطي أفقًا إيجابيًا لمستقبل فلسطينيي سورية، فسواء استمر الصراع الحالي أم حدث تفكك للدولة السورية إلى كيانات طائفية وعرقية، فإن معاناتهم ستستمر، إضافة لتراجع وضمور أعدادهم”.
وأضاف “قد يتوقف التدهور في وضع فلسطينيي سورية إذا ما توصلت الأطراف المتصارعة بدعم من البيئة الإقليمية والدولية إلى تسوية سياسية تحافظ على الدولة السورية ووحدتها، غير أن عودة الوضع الفلسطيني إلى ما كان عليه سيبقى مرتهنًا بمجموعة من العوامل المرتبطة أساسًا بشكل النظام الجديد وقوته واتجاهاته السياسية، وقدرته على التعامل مع الضغوط والإملاءات الخارجية”.
وأشار إلى أن اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سورية (نحو 630 ألفًا) وجدوا أنفسهم في قلب الأزمة السورية، ومعظمهم يعيش نكبة جديدة بكل المعايير، ولجأ نحو 270 ألفًا منهم إلى ملاذات أكثر أمنًا داخل سورية، وغادر أكثر من مئة ألف إلى الخارج أما الباقون، فهم تحت النار والحصار.
ولفت إلى أن معظم فلسطينيي سورية لم يكونوا راغبين في حزم حقائبهم والانتقال إلى مغتربات خلف البحار والمحيطات بعيدًا عن بلاد الشام التي احتضنتهم، وخصوصًا أنهم ما زالوا يحلمون بتحقيق حلم العودة بمساعدة إخوانهم السوريين.
وبين أن من اختار الخروج من سوريا واجهته عثرات في الطريق أجبرتهم على إصدار عشرات المناشدات والنداءات من داخل السجون الأوروبية كما في قبرص، اليونان، صربيا، مقدونيا، وبولندا وغيرها، أو من السجون العربية كما في الإمارات، مصر، السودان، ليبيا، تونس، والمغرب، والتي أوقفوا فيها بتهمة الهجرة غير الشرعية.
سيناريوهات محتملة
وذكر أن هناك أربعة سيناريوهات محتملة للوضع في سورية، يؤثر كلٌّ منها بشكل أو بآخر على فلسطينيي سورية.
وقال إن السيناريو الأول يتضمن وصول الأطراف المتصارعة، وكذلك البيئة الإقليمية والدولية إلى قناعة بعدم قدرة أي طرف على حسم الأمور لصالحه، وبالتالي الوصول إلى تسوية سياسية تؤدي إلى الحفاظ على الدولة السورية وبشكل يراعي مصالح الأطراف السورية الرئيسة المختلفة.
وأما السيناريو الثاني فهو اتجاه الدولة السورية نحو التفكك، وقد ينتج عنه قيام دويلات ضعيفة على أساس طائفي أو عرقي (سني، علوي، درزي، كردي). وهنا يُطرح مستقبل وجود اللاجئين الفلسطينيين في هذه الدويلات بقوة، وإعادة تعريفهم كمسلمين سنّة أو كعرب، وإعادة موضعتهم جغرافيًا بناءً على ذلك
وهذا يعني أن اللاجئ سيخضع كليًا لطبيعة الكيانات السورية التي ستتشكل، وسيكون محكومًا ربما بأجندتها وبرامجها التي لن تكون في محصلتها متشابهة أو منسجمة تجاهه، لذلك سيتطلب هذا بذل جهود مضاعفة للتنسيق والتشبيك بين المكون الفلسطيني في ظلّ هذه الكيانات، وإلا فإن حالة التفكك والتجزئة ستلقي بظلالها تشرذمًا في الواقع الفلسطيني.
وتابع التقدير الاستراتيجي أن السيناريو الثالث هو استمرار حالة الصراع والتدافع بين كرٍّ وفَرٍّ وتوسُّعٍ وانكماش في المدى المنظور، بحيث تبقى سورية لبضع سنوات قادمة على الأقل بؤرة للتوتر وتصفية الحسابات بين القوى المحلية والإقليمية والدولية، وهو ما يعني استمرار الأزمة والمعاناة السورية ومعاناة اللاجئين الفلسطينيين.
وذكر أن السيناريو الرابع هو السيناريو النهضوي الوحدوي الذي يتجاوز البعد الطائفي والعرقي، ويتمكن من تقديم طرح قوي يستوعب الجميع، ويعبّر عن إرادة شعوب المنطقة بعيدًا عن الديكتاتوريات المحلية أو التدخل الخارجي. وهو ما قد يعطي فرصة انطلاقة جديدة للقضية الفلسطينية التي تجتمع عليها الأمة وتتوحد بوصلتها باتجاهها.
وأما السيناريو المرجح، فيبدو أن أزمة ومعاناة فلسطينيي سورية ستستمر في السنتين أو الثلاث القادمتين على الأقل، حيث يترجح السيناريو الثالث المرتبط باستمرار حالة الصراع وعدم الاستقرار بانتظار وصول الأطراف الداخلة في الصراع إلى قناعات باتجاه أي من السيناريوهين الأول والثاني.
أما السيناريو الرابع فما زالت حظوظه الحالية ضعيفة، لكنها ستأخذ في التزايد البطيء على المدى المنظور مع نمو القناعات بجدواه، ومع قدرة الأطراف الإسلامية والوطنية المعتدلة على تقديم نموذجها الحضاري في ضوء حالة الإحباط الشامل من الخيارات الأخرى.
وبين أن حظوظ هذا السيناريو ستزداد إذا ما فشل الانقلاب في مصر، وإذا ما توقفت أو تراجعت الموجة المضادة لـ”الإسلام السياسي” في المنطقة.
وأوصى التقدير بضرورة إيجاد مرجعية فلسطينية موحدة تملك رؤية سياسية واحدة لمقاربة وضع اللاجئين هناك، والعمل على حمايتهم وتحييدهم وفق محددات لدورها، أبرزها مواجهة وإفشال مشاريع تصفية قضية اللاجئين، ومنع استخدام اللاجئ الفلسطيني في معارك الأطراف المتنازعة في المنطقة.
ودعا إلى حفظ حقوق ومكتسبات اللاجئين الفلسطينيين، وصيانة وحماية الشخصية الاعتبارية للشعب الفلسطيني اللاجئ، خاصة في دول الطوق، وخدمته والانحياز إليه والدفاع عن حقوقه في أماكن إقامته.
وأكد أن هناك حاجة ملحة لترسيم العلاقة بين الفلسطيني اللاجئ والأنظمة السياسية المضيفة، في إطار تحشيد الموقف الرسمي والشعبي نحو قضية العودة وتحرير الوطن المحتل، وبشكل لا يُستخدم فيه الفلسطيني في معارك وتناقضات هذه الأنظمة الداخلية والخارجية.
وقال “لابدّ من العمل الجاد لإطلاق مؤسسات لرعاية عوائل الشهداء والضحايا الفلسطينيين، وكذلك رعاية الجرحى والمعوقين، بالإضافة إلى تنشيط وتفعيل المؤسسات القائمة”.
وطالب بتشكيل فرق عمل حقوقية تخصصية لمتابعة المعتقلين والمطلوبين والمطاردين في داخل سورية وخارجها، وتكوين فرق عمل اجتماعية من وجهاء عائلات وعشائر، استعدادًا لأي مصالحة مجتمعية، بالإضافة إلى تفعيل دور “أونروا” في دعم اللاجئين وتوفير كافة احتياجاتهم.
وكالة صفا-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق