ما هي أسرار لقاء الرئيس عباس بالرئيس بوتين؟
رام الله - خاص دنيا الوطن-تسنيم الزيان
عاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس للبحث عن تحالفات جديدة في ظل تعثر المفاوضات مع إسرائيل وانسداد أفق التسوية ،وانقطاع الاتصالات بالإدارة الأمريكية وتجمدها بفعل خطوات الرئيس عباس على الصعيد الدولي.
دنيا الوطن حاولت البحث في أسرار زيارة الرئيس عباس إلى موسكو قبل أيام ،والنتائج التي قد تترتب على هذه الزيارة قبيل توجه الرئيس لإلقاء خطابه المرتقب في الامم المتحدة نهاية الشهر الحالي.
من جهته أوضح الخبير الفلسطيني في العلاقات الدولية د. علاء أبو عامر أن روسيا قد بدأت تعود كقطب أساسي في السياسة الدولية خصوصا في القضايا التي تخص منطقة الشرق الأوسط تحديدا ، وفي ظل تعنت السياسة الأمريكية وعدم الرضا العربي من قبل مصر ودول الخليج عن السلوك الأمريكي في المنطقة وتغاضيها عن التمدد الداعشي وعدم حلها للقضايا الإقليمية العالقة في المنطقة ،حيث أن هناك محاولات أمريكية لتفكيك المنطقة وتحويلها إلى دويلات صغيرة متناحرة خدمة للمشروع الإسرائيلي،مضيفا: " الروس سياستهم مختلفة تماما فهم يحاولون المحافظة على تراب وحدة تلك الدول ، ووقف التمدد الداعشي ، وكل ذلك يصب في مصلحة الأمة العربية ، وذلك الدور الروسي سيخدم في القضية الفلسطينية ، فالروس تاريخيا يجمعهم لقاء مع الشعب الفلسطيني ، بالمقابل تربطهم علاقات بإسرائيل حيث أن 2 مليون روسي يعيشون مع المواطنين الإسرائيليين وذلك ما يجعل روسيا تلعب دور مهم في تسوية القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي".
وأكد أبو عامر في حديثه لـ "دنيا الوطن" أن زيارة الرئيس أبو مازن إلى روسيا تحمل في طياتها الكثير فيجب أن لا ننسى أن روسيا عضو في اللجنة الرباعية ولم تكن راضية عن التصرف الأمريكي بسياسته تجاه الشرق الأوسط وأن تكون هي الراعية الوحيدة واللجنة الرباعية مظلة وهمية ، ليس لها أي دور فاعل ماضيا بقوله: " على ما يبدو أن الرئيس بوتين في خطابه القادم في الأمم المتحدة سيتطرق إلى الملف السوري وسيقوم بطرح مبادرة ، كم أنه سيتطرق إلى الموضوع الفلسطيني ، فمن الصعب جدا حل قضايا المنطقة دول حل الملف الرئيسي فيها وهو القضية الفلسطينية ".
ولفت إلى أن اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة من الشهر الحالي سيكون اجتماعا للجنة الرباعية بالإضافة إلى مصر والأردن والسعودية لأول مرة لمناقشة مستقبل عملية السلام وكيفية تطويرها ، منوها إلى أنه سيكون لروسيا وفرنسا دور أساسي في تلك القضية ، متمما: " لذلك كانت زيارة الرئيس إلى فرنسا ومن ثم روسيا وباجتماع الأمم المتحدة سيلتقي أبومازن بالرئيس الأمريكي أوباما ووزير خارجيته جون كيري".
وحول استقبال الرئيس بوتين الحار للرئيس أبو مازن مقابل الاستقبال البارد لنتنياهو قال أبو عامر : " يجب أن نميز بين الاستقباليين وأسبابهما ، أولا الرئيس عباس ذهب لروسيا للتحدث عن قضية عادلة وعن السلام وبثه في الشرق الأوسط ، بينما نتنياهو ذهب ليملي على بوتين عدم الانتشار في سوريا ويحذره من الاختلال الذي سيصيب موزاين القوى في الشرق الأوسط والذي يحد من السيطرة الجوية الإسرائيلية على أجواء سوريا ولبنان ، فذهب ليحدثه بلغة التحذير والتهديد، وهنا الفارق بين الاستقباليين ".، لافتا إلى أن الوجود الروسي يتم بتغطية عربية سواء من مصر أو السعودية اللذان طلبا من روسيا التدخل في سوريا للحد من النفوذ الإيراني بالمقابل أمريكا تقوم بدور سلبي بالمنطقة.
وبين أن روسيا أعربت عن دعمها الكامل للرئيس أبو مازن في خطابه بالأمم المتحدة ، وأن وجهة نظره متطابقة بالكامل مع الروس ، لافتا إلى أن ذلك الحل كان مطروحا منذ عام 74، هو ذات الاقتراح ، لأن كل المقترحات الأخرى أثبتت فشلها فالآن العودة إلى ذلك الاقتراح الروسي القديم الذي يوجد فيه تلاقي في لغة الخطاب من قبل الطرفين .
وفيما يتعلق بدور روسيا في عملية السلام أوضح أبو عامر أن وجود روسيا كطرف محوري ومباشر في عملية السلام ذلك هو القادم ، متابعا: " فعندما تدخل روسيا كطرف محوري مباشر في الملف السوري فكيف بالموضوع الفلسطيني !، حيث أثبتت أمريكا أنها طرف غير محايد، ومنحاز لإسرائيل ، ولا نرى علاقة أمريكية مستقلة ،فكل ما نراه سياسة إسرائيلية يقدمها الأمريكان ".
وأكد أن الموضوع بحاجة إلى إعادة توازن والتي تتطلب دخول طرف ثالث قوي وهو المتمثل حاليا بروسيا ، مضيفا: " روسيا والصين الآن بينهما حلف خاصة بعد حل موضوع النووي الإيراني ، كما أن أوراق أبو مازن معهم جيدة حاليا خاصة بعد الابتعاد عن حماس، أي أن هناك تفاهم جديد وتوازن قوى جديد في المنطقة ، ربما يحمل حلول قريبة ، والخطاب سيوضح الكثير من الأمور، والسياسة الروسية والفلسطينية متطابقة في موضوع القضية الفلسطينية ".
من جهته بين سميح حمودة المحاضر في العلوم السياسية بجامعة بير زيت أن أي تقارب مع روسيا هو لصالح القضية الفلسطينية لأن السياسية الروسية حاليا فيها نوع من المساندة لمطالب الشعب الفلسطيني ، وخروج عن الهيمنة الأمريكية المنحازة لإسرائيل على الملف الفلسطيني ، مشيرا الى أنه من الإيجابية أن تقوم منظمة التحرير بالإقتراب من القوى المناورة للسياسة الأمريكية في العالم.
وأضاف في حديثه لـ" دنيا الوطن" : " يجب أن ينتج عن تلك اللقاءات شئ حقيقي يمكن تطبيقه على أرض الواقع وليس فقط دعاية ومجاملات ، حتى تفهم أمريكا أن هناك خيارات أمام الشعب الفلسطيني وليس الخيار المطروح حاليا وهو الاستسلام حسب الرغبة الإسرائيلية"، منوها إلى أن أهم النتائج التي يمكن أن تكون قد ترتبت على اللقاء تتمثل بالموقف الروسي من القضية الفلسطينية ومن الوضع في سوريا واليمن فيه نوع من الإقتراب من الشعوب العربية وحقوقها ، وليس مثل الموقف الأمريكي الذي يعزز الحرب بين العرب وينمي موقف إسرائيل في المنطقة العربية .
ولفت حمودة إلى أن الرئيس أبو مازن من أسباب زيارته أنه يريد أن يستمد الدعم لما سيطرحه في الأمم المتحدة وبالتالي وجود موقف روسي مؤيد للرئيس سوف يعزز موقفه، متابعا: " ذلك الموقف الروسي ممكن أن ينعكس على الموقف الصيني ودول البريكس ويصبح هناك مساندة للمطالب الفلسطينية للأمم المتحدة".
ويشير حمودة إلى أن روسيا غير راضية عن السياسة الإسرائيلية وتحملها مسؤولية التوتر في علاقات مسيرة التسوية ، حيث أن إسرائيل لم تكترث لكل الإتفاقات التي أُبرمت وإلتزاماتها ولم تقدر الإستعداد الفلسطيني للتسوية، وذلك حسب قراءة روسيا للموضوع ، بغض النظر إذا كنا نتفق مع التسوية أم لا ، ماضيا بقوله: " روسيا بالأساس تدعم الإعتراف بدولة فلسطينية لذلك الموقف الروسي لم يتغير ولكن الى أي درجة ستستطيع روسيا أن تمارس ضغطها على الولايات المتحدة وتجعلها تنتهج سياسة مختلفة نجاه إسرائيل ولا تقبل بتعنتها وأن لا تدعمها بصورة مطلقة كما هو حاصل حتى الآن، فإن ذلك الأمر مطروح للتساؤل".
وأوضح أن روسيا فرضت إرادتها على أمريكا بسوريا ولم تسمح لها بفرض سلوكها على النظام هناك وتغيره ، كما أنها دعمت إيران في مفاوضاتها النووية مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية ، لافتا الى أن هناك نجاحات روسية متسائلا: " هل يمكن أن تنجح روسيا في تغيير الموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية ؟".
وأضاف: " كما أننا ممكن أن نعتبر روسيا طرف محوري مباشر في عملية السلام إذا تغيرت موازين القوى في المنطقة ، أي أنه كلما زادت روسيا قوة ونجاحا ستزيد ضغطها في القضية الفلسطينية نظرا إلى أنها أحد الموضوعات التي تهتم بها روسيا ، وأي دولة تريد أن تقيم علاقة مع العالم العربي يجب أن يكون لديها موقف إيجابي من الملف الفلسطيني وأقلها حقنا في دولة".
ووصل الرئيس محمود عباس العاصمة الروسية موسكو الأربعاء وشارك في حفل افتتاح المسجد الكبير بعد إغلاقه لأعوام بالإضافة لعقد سلسلة من اللقاءات والمباحثات خلال الزيارة.
ويصل الرئيس عباس اليوم إلى الولايات المتحدة قبل أيام من عزمه إلقاء خطاب هام وتاريخي في الأمم المتحدة نهاية الشهر الحالي.
المزيد على دنيا الوطن .. http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2015/09/25/782009.html#ixzz3mmg09nDy
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق