لطيفة اغبارية: “أنجيلا ميركل “الحبشيّة” تتفوّق على”النجاشي”.. لماذا لم يقرع اللاجئون باب الشاحنة؟!.. طفلة فلسطينية تنقد شقيقها من جندي الاحتلال.. لبنان تحارب الفساد
لطيفة اغبارية
القدس الآن – نحن الشعب العربي شعب عاطفي بامتياز! لا نعرف الحلول الوسط والعقلانية، فإن أحببنا شخصا لموقف معيّن منحناه مواصفات خارقة وهلّلنا له وشطبنا تاريخه السابق، وإن بغضناه “حرقنا” كل تاريخه.
في يوم وليلة تصبح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بطلة تاريخية تُنظم فيه قصائد الرومانسية والتغزّل بمناقبها وحنانها ورحمتها، ومنحها كنية “ميركل الحبشيّة” التي تحنو على السوريين في موسم الهجرة إلى بلادها. حتّى أضحت الأم الرؤوم التي ترحّب بالسوريين الفّارين من جحيم نيران الحرب الضروس في سورية، وتسمح لهم في البقاء، وتقديم طلب اللجوء.
ميركل التي أصبحت بمثابة “نجاشي الحبشة” نُسِب إليها مقولة انتشرت سريعا على مواقع التواصل الاجتماعي مفادها: “(يوما ما سنخبر أحفادنا عن هروب اللاجئين السوريين والفلسطينيين عبر مواكب الموت إلى أوروبا على الرغم من أنّ مكة وارض المسلمين أقرب إليهم… يوما ما سنحكي لهم عن هجرة الصحابة إلى الحبشة ففيها حاكم نصراني لا يظلم عنده أحد”.
بغض النظر إن كانت هذه المقولة صادرة عنها أم عمّن يعتبون على أبناء جِلدتهم المتخاذلين عن نصرتهم، وقالوها ليشهد التاريخ عليها، فهي تحمل معانٍ كثيرة، وتثير تساؤلات كثيرة حول من تسبّب في نزوح هذه الشعوب؟ ولماذا لم تكن قِبلتهم على سبيل المثال دول الخليج؟.. الأمر الذي جعل ميركل تبدو وتفرش جناحيها وكأنّها فعلا البطلة في ظل تخاذل وهوان زعامات العرب الذين هم أولى بمساعدتهم واحتضانهم، وللموضوعية لا نقلّل من شأن خطوة ميركل، ونأمل أن تدبّ نار الغيرة والنخوة لدى عربنا ويتفوّقون عليها بعطفهم، ونعتبر أنّ الحاكم العادل غير المسلم أفضل بكثير من حاكم غير مسلم وظالم.
ولكن ذاكرتنا ليست قصيرة ولا ننسى من دعم وتفهّم الحرب البريّة على غزة. وبعد “حرث” غزة، نسألكم عن عدد بالفلسطينيين الذين غرقت قواربهم في عرض البحر، وإذا كان “ظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة، على المرء من وقع حسام المهنّد” فهذا لا يعني أن نهلّل كثيرا لميركل وننسى بعض مواقفها، وبنفس الوقت لم ولن نبرئ كلّ من ساهم في تردّي أوضاع السوريين، وكل من صمت وتفرّج على هذا التخاذل الشائن.
،،،،،،،،،،،،،،
لماذا لم يطرقوا الخزّان؟.
يقول مثلنا الفلسطيني “شو اللي جبرك على المرّ، قال له الأمّر منه”،! أن ينجح أديبنا القدير المرحوم غسان كنفاني قبل عقود في روايته “رجال في الشمس″ بقول جملته الشهيرة المثيرة للجدل والتأويل “لماذا لم تطرقوا جدران الخزّان”، ثمّ يستوحي الإعلام وروّاد مواقع التواصل الاجتماعي هذه الجملة في محاولة لاختزال ومحاولة إيجاد أجوبة عن مقتل عشرات السوريين في شاحنة عُثر عليها على حافة الطريق في النمسا، أثناء محاولة لتهريبهم.
أبطال رواية كنفاني التي تحدّثت عن ثلاثة فلسطينيين لكل واحد منهم قصة في الهروب من واقعه، إضافة لسائق الشاحنة الذي لم يكن له هدفه سوى الحصول على المال، والذين ماتوا لأنّهم لم يجرؤوا على دق خزّان الشاحنة خوفا من معاقبة السلطة المتمثلة في حرس الحدود. فلو كان كنفاني على قيد الحياة لرأى روايته تتحقّق ولكن أبطالها من السوريين يموتون اختناقًا في شاحنة لا يدخلها هواء ولا نور.
لا نعلم كيف تتاجر مثل هذه العصابات المجرمة في أرواح البشر، وتقوم بتجميعهم في شاحنة مغلقة، وتتركهم لأيام على الطريق، وكيف لا تقوم هذه الدول في تكثيف عمليات التفتيش على حدودها، في خطوة لوقف الاتّجار بأرواح البشر.
نتساءل السؤال التقليدي الذي يدور في ذهننا دوما، ما هو شعور القادة العرب ممّا حصل، وهل يرضون أن تكون ميركل بمثابة “النجاشي” ملك الحبشة العادل الذي احتضن المسلمين. فلماذا لا تفتح بعض الدول العربية والثرية أبوابها للسوريين؟!.
،،،،،،،،،،،
شجاعة طفلة
في صورة بشعة من صور الاحتلال الإسرائيلي تظهر من جديد وحشية الجنود على الأطفال الصغار، عرضت قناة “سكاي نيوز″ والعديد من وسائل الإعلام الغربية، صورة لجندي إسرائيلي مدجّج بالسلاح، ويخفي وجهه، محاولا إخضاع الطفل محمد التميمي (12 عاما) بكامل قوّته وسلاحه، من خلال الضغط عليه وهو على الأرض، وذلك خلال مواجهات احتجاجا على مصدرة أراضٍ من قرية النبي صالح في رام الله.
شقيقة الطفل البالغة من العمر (13 عاما)، قامت بمهاجمة الجندي بمساعدة والدتها وخالتها، من خلال أظافرهن وأسنانهن، فضربنه وخلعن عنه قناعه، حتّى نجحن بتحرير الطفل من قبضة الجندي.
يشار إلى أن أهالي قرية النبي صالح ينظمون مظاهرات أسبوعية ضد مصادرة أراضي القرية، كما أنهم عرضة لهجمات جنود الاحتلال المتكرّرة.
لا نعجب من القوّة التي يتمتّع بها صاحب الحق دائما، حتّى وإن لم يكن يحمل السلاح والعتاد، فالحق هو الذي يجعله كبيرا لا يهاب أحد، ويسطر بطولته في التصدي لعنجهية الاحتلال.
،،،،،،،
لبنان والحراك الشعبي
لبنان يسير على خطى العراق في التظاهرات ومحاربة الفساد، والطائفيّة التي نخرت المجتمع. حلقة برنامج”ما وراء الخبر”، على قناة “الجزيرة” تناولت موضوع الحراك الشعبي في لبنان وتداعياته على الوضع السياسي.
الناشط في الحراك اللبناني مارك ضو إنّ هذا الحراك يشكّل حالة سياسية حقيقية بدأت شبابية ثم التف حولها العديد من القوى في كلمة واحدة تحت شعارات محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، وحل أزمة النفايات وإجراء انتخابات حرة عن طريق قانون انتخابي عادل.
بات واضحًا أنّ الشعب اللبناني قد سئم الطائفية التي تتحكم بالسلطة ومقدّرات البلاد، وفي ذات الوقت لا يخفى تفاؤل القوى الشعبية في تغيير الوضع بسبب نضج الشباب المشارك في الحراك.
المحلل السياسي اللبناني كامل وزني قال إنّ ما قام به المتظاهرون هو رسالة قوية للحكومة وللأطياف السياسية بأن الجمود السياسي غير مقبول وإنّ هناك حدّا لصبر هؤلاء الشباب، وعلى القوى السياسية أن تعرف أنّ قاعدتها تريد التغيير.
أستاذ القانون الدولي ، طارق شندم اعتبر أن الفساد ينخر منظومة الدولة اللبنانية وليست هناك محاسبة، مشيرا إلى أنّ الطائفية السياسية تحمي الفاسدين، ومؤكّدا أنّ 99% من المسؤولين اللبنانيين متورطون بالفساد في لبنان، الذي يحتل المرتبة 12 في قائمة الدولة المهددة بالإفلاس″. وأن “أكثرية الزعماء محميون بالطائفة بقوة السلاح”، معتبرا أنّ سلاح حزب الله له أثر كبير في الفساد وتدمير مقومات الدولة اللبنانية.
في حال استفحال الفساد ، دون إيجاد الحلول السريعة لهذه الأزمات، سينفجر الوضع في كل لحظة لأنّ التعبئة الشعبية جاهزة، والقوى المختلفة مدركة بأنّ لبنان يجب أن ينهض من مكانه لأنّه لجميع أبنائه وما الطائفية سوى سلاح للفاسدين ليبتلعوا خيراتها ويعبثون بها دون مساءلة.
كاتبة وصحافية فلسطينية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق