ان التفاوض بين اسرائيل والفلسطينيين في “اتفاق اطار” للتفاوض في اتفاق السلام – عالق. وسبب ذلك رفض اسرائيل ان توافق على ان يقال في اتفاق الاطار انها مستعدة لبحث مطلب الفلسطينيين ان تكون عاصمة دولة فلسطين في شرقي القدس. وقد نشر في صحيفة هآرتس قبل شهر ان رئيس الوزراء نتنياهو اكد امام وزراء في الليكود واشخاص اخرين في الجهاز السياسي انه لن يوقع على اتفاق اطار تذكر فيه حتى بصورة عامة عاصمة فلسطينية في منطقة من مناطق القدس حتى لو كان ذلك تفجير التفاوض.
اجل، ان مستقبل القدس الشرقية ومستقبل جبل الهيكل بخاصة هما القضية الاصعب حلا في التفاوض في اتفاق الاطار الذي يجري في هذه الايام بوساطة كيري النشيطة. ولذلك يطلب رئيس الوزراء وبحق تاجيل التباحث في هذا الموضوع الى نهايته. لكن نتنياهو مخطيء في رأيي حين يرفض أي ذكر لعاصمة فلسطينية في داخل القدس.
قبيل حزيران 1967 كانت مساحة القدس الاسرائيلية (الغربية) 38 كم مربع، وكانت مساحة القدس الاردنية (وتشمل الحوض المقدس) 6 كم مربع. وكانت القدس الكاملة 44 كم مربع. وفي نهاية حزيران 1967 لم تضم الى القدس مناطق القدس الاردنية فقط بل ضمت اليها 64.5 كم مربع – وهي اراضي 28 قرية في يهودا والسامرة في المساحة البلدية لبيت لحم وبيت جالا والبيرة وغيرها. واصبحت كل المساحة التي ضمت تسمى منذ ذلك الحين “القدس الشرقية” وبني فيها 13 حيا يهوديا جديدا. وهكذا زادت مساحة القدس في طرفة عين لتصبح 108.5 كم مربع، واصبحت مساحتها اليوم 126.4 كم مربع (على اثر ضم مناطق اخرى من غرب المدينة).
وسع الجمهور الاسرائيلي وقادته لسبب ما القداسة المنسوبة الى القدس القديمة ولم يطبقوها على القدس الغربية فقط بل على كل المناطق التي ضمت الى القدس ايضا. ومن هنا ينبع الموقف الذي يرى ان القدس ليست موضوعا للتفاوض وستبقى ابدا عاصمة دولة اسرائيل الكاملة الموحدة. وكان التعبير عن هذا الموقف مقترحات قانون عضوي الكنيست يعقوب لتسمان (يهدوت هتوراة) وميري ريغف (الليكود) ان يمنع التفاوض في موضوع القدس الا اذا تمت الموافقة على ذلك قبل ذلك باكثرية 80 من اعضاء الكنيست على الاقل. وهذا موقف متطرف داحض لان دولة اسرائيل التزمت منذ زمن في اطار اتفاقات اوسلو ان تجري تفاوضا في مستقبل القدس ايضا. وقد ازيلت اقتراحات القانون هذه في الحقيقة من جدول عمل الكنيست لان اكثر النواب ووزراء الحكومة يدركون انه لا يمكن منع اجراء تفاوض في مستقبل القدس الشرقية.
ولما كانت القدس الحالية تشتمل على 64 كم مربع من مناطق يهودا والسامرة، ولان الجميع يوافقون على مصالحة على الاراضي في يهودا والسامرة في اطار تسوية سلمية، فانه لا يوجد ولا يجب ان يوجد أي صعوبة في التصالح على اراضي يهودا والسامرة التي ضمت الى القدس. هذا الى انني فحصت عن الخطوط الاساسية لكل حكومات اسرائيل وعن كل اتفاقاتها الائتلافية، وانتبهت الى ان القدس بخلاف ما كانت عليه الحال في الماضي لم تذكر قط في الخطوط الاساسية للحكومة الحالية وفي اتفاقات الليكود الائتلافية مع الاحزاب التي تكون حكومة نتنياهو الحالية. ومن شبه المؤكد ان هذا التغيير ينبع من ادراك انه لا يمكن التوصل الى اتفاق سلام دون تصالح على الارض في القدس ايضا. وانه ينبغي تمكين الحكومة من اجراء تفاوض في هذا الموضوع ايضا”. واعتقد ايضا انه لا يمكن التخلي عن السيادة الاسرائيلية في كل الاحياء العربية في شرقي القدس (كما اقترح في مخطط كلينتون) – لاسباب امنية خالصة لانها مختلطة بالاحياء اليهودية. لكن من المؤكد انه يمكن التخلي عن السيادة على بعض هذه الاحياء لاعتبارات امنية ولاعتبارات سكانية كحي رأس خميس وقرية كفر عقب ومخيم شعفاط التي كانت حتى حزيران 1967 خارج القدس الاردنية. هذا الى ان هذه الاحياء ليست لها اية قداسة او معنى تاريخي عند الاسرائيليين. ولهذا لا مانع بتاتا من وجهة نظر اسرائيل ان ينشيء الفلسطينيون فيها عاصمة دولتهم الجديدة.
يبلغ الفلسطينيون 36.8 بالمئة من عدد سكان القدس الذي يبلغ 815.300 نسمة (وهذا صحيح حتى 2012)، وعلى حسب تنبؤات الخبراء سيصبح العرب في 2020 نصف سكان المدينة، ولذلك لا يمكن الحفاظ على الطابع اليهودي للقدس دون اعادة جزء كبير من الاحياء العربية. ونؤكد ان الحديث في هذه المرحلة عن “استعداد للتباحث” فقط في مستقبل القدس الشرقية فقط، لا في تخلي فعلي عن جزء ما منها. ولا يطلب الى اسرائيل في هذه المرحلة كذلك ولا يجب عليها ان تبين ما هي الاحياء العربية في القدس بالضبط التي هي مستعدة للتخلي عنها في اطار اتفاق سلام، وهي تستطيع ان تكتفي بتصريح عام عن استعداد مبدئي للتباحث في ذلك.
ان للتوقيع على اتفاق الاطار الآن اهمية عظيمة من جهة امنية وسياسية. وقد يسبب تفجير اسرائيل للاتصالات في هذا الموضوع انتفاضة ثالثة وضررا شديدا بعلاقة اسرائيل بدول العالم التي ستلقي المسؤولية عليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق