يوميات امير الشهداء ابو جهاد / من الجزائر كان الانطلاق الى العالم
بقلم: بواسطة عطية ابوسعده / ابوحمدي
تواصلا مع السرد التاريخي لانطلاقة حركتنا العظيمة حركة فتح منذ بداياتها والى ايام قبل استشهاد امير الشهداء ابوجهاد نعيد سرد البعض من مذكراته والقليل من كتاباته .. ربما نتّعض وربما يعود الي عقولنا وقلوبنا بعض من التواريخ والتضحيات الجسام التي قام بها قادتنا العظام
نتابع / في مثل تلك الظروف الصعبة التي كانت تمر بها القضية الفلسطينية وبعد سعي حثيث ذهبت ,, والكلام على لسان ابوجهاد ,, ذهبت لزيارة كل من الصين وكوريا الشمالية وفيتنام ويوغسلافيا والمانيا الديمقراطية ’ وذلك بهدف خلق اسس للعلاقات بين فلسطين وهذه الدول الى ذلك فقد كان الشغل الشاغل للمكتب يتمثل بنحضير العديد من الوثائق والمذكرات التي تلقي اضواء على القضية الفلسطينية كي ترسل الى كافة الاجتماعات والمؤتمرات , وقد كان منها تلك المذكرات التي قام بها المكتب بارسالها الى مؤتمر القمة العربية الاول كي تصبح جزءا من وثائق المؤتمر ..
كل هذا جعل من مكتب الجزائر في هذه الفترة المبكرة من عمل حركة فتح معلما من المعالم يضاف الى الجهد الخلّاق الذي نشرته مجلة فلسطيننا لتخلق من حركة فتح اسما بارزا في ساحل العمل السياسي الاقليمي والدولي .. وأودّ ان اؤكد هنا ان الدور الذي لعبه مكتب الجزائر كان دورا تاريخيّا بالفعل تكفّل بخلق نوع من الثقة لدى ابناء شعبنا في كل مكان بمسيرة حركتنا وبخياراتها وبالطريق الذي انتهجه من اجل تحقيق اهداف شعبنا ..
الامتداد البشري والجغرافي / اضافة الى هذين العاملين السابقين ميّزا حركة فتح في فترة نشوتها الاولى كان هناك سمتين بارزتين تكفلتا بتشكيل مدخل الى قلب وعقل الفلسطيني اينما كاان تواجده . وتمثلت الأولى بهذا الزخم البشري من الطلائع الشبابية الفلسطينية الذي وجد لدى حركة فتح اجوبة حقيقية على اسئلته فكان أن انضوى تحت رايتها باختيار حر ومفتوح دونما عقد ثقافية ودونما انغلاق على الذات , بل عالم مفتوح يصنعه الجميع ويصنعه على ارض الفعل كل كادر وعنصر , فيتم فتح الآفاق امام الجميع ليساهموا دون حدود في تعبيد الطريق الى فلسطين ..
امّا السمة الثانية فتمثلت بهذا الامتداد الجغرافي الضخم الذي نشر نفسه دفعة واحدة من الكويت الى قطر والسعودية والاردن والضفة الغربية ومخيمات سوريا ولبنان وغزة ثم اوروبا وامريكا , فشكل هذا مثل الامتداد التنظيمي رافدا اساسيا من روافد القوة مما اعطى الحركة امتدادا جعلها قادرة على تحمل كل الهبّات العارضة التي حاولت منذ البدء ان تحتويها وان تكون وصية عليها وعلى حركة شعبنا . ومثل هذا الرافد كان خلّاقا الى حد كبير فيما بعد الى الدرجة التي راينا فيها التنظيمات تن\أ في هذه الأقاليم فتنتج الكوادر المبدعة التي تقدمت لتصبح في المواقع العليا من القيادة كما في تنظيم اوروبا الذي انتج الاخوة هاني الحسن وحمدان وابوالهول .هذا كله جعل من حركة فتح وجودا راسخا في وجدان شعبنا يصعب على احد تجاوزه بنفس الوقت الذي يصنع فعالية حقيقية منتشرة على بقعة واسعة من العالم ..
رابة الكفاح المسلح /
في السياق نفسه حيث اعتبرنا ان كل ما سبق من عملنا التنظيمي والسياسي والدبلوماسي كان يهدف اساسا الى تهيئة المناخ وبناء الأساس الصلب لاعلان اتجاهنا الاساسي وطريقنا الرئيسي في النضال وهو الإعلان عن بدء الكفاح الفلسطيني المسلح واطلاق الرصاصة الاولى في 1/1/1965 .. لذلك فكل ما تجمع لدينا من امكانيات في تلك الفترة وكل ماجمعناه من تبرعات او وصلنا من دعم كان يتجه بكل ثقة وحماس لبدء وتعزيز واستمرار الانطلاقة المسلحة , من هنا فان شاغلنا الاساسي في تلك الفترة قد تركز حول تنظيم وتدريب وتجهيز الوحدات القتالية وخاصة تلك الوحدات التي تمتلك خبرة ومعرفة بطبيعة الارض ومداخلها .. ثم كان شاغلنا الملازم لهذا التنظيم والتدريب هو العمل الحثيث على جمع كل ما يمكن جمعه من الوسائل القتالية من سلاح ومواد وتجهيزات ...
الإستمرارية والمسؤولية عن الشعب /
في غمرة هذا الاستعداد كان شاغلا رئيسيا وذو اهمية استراتيجية يحكم تفكيرنا ومسارنا منذ البدء وهو مسؤولية فتح الاجتماعية تجاه شعبنا .اذ منذ اللحظة الاولى كنا ندرك الحساسية المطلقة لمثل هذه المسألة , فتجربة شعبنا كانت حافلة بالمرارات من خلال المصير المر الذي عاشته عائلاتشهداء 1948 وكان السؤال المطروح في الشارع الفلسطيني .. هل اذا انضويت تحت هذه الراية سيكون مصير عائلتي مشابها لمصير هذه العائلات التي أراها ..
اخذنا من هذا الواقع عبرة فكنّا كلما نجمع دينارا نحتفظ بنصفه لتحقيق الرعاية الاجتماعية لعائلات الشهداء والاسرى والمتضررين ..وعلى المدى تحولت هذه الرعاية الى سمة مشرفة من سمات حركة فتح وعنوانا بارزا من عناوينها العظيمة , حيث اصبحت مؤسسة الشؤون الاجتماعية ورعاية اسر الشهداء والاسرى احدى المعالم البارزة في سياق تعزيز انطلاقة ثوارنا بثقة واطمئنان دون الانشغال على مصير من ورائهم ..
القواعد الأولى للعمل الثوري /
خلال مسيرتنا ومنذ اللحظة الاولى كان احد شواغلنا الرئيسية هو استنباط قوانين وقواعد العمل الثوري في ساحتنا انطلاقا من الظروف المحيطة وطبيعة الصراع , ذلك انه رغم دراستنا لمجمل التجارب الثورية القائمة ورغم معايشتنا ومعرفتنا الملموسة للعديد من هذه التجارب إلّا ان حرصنا كان عاليا منذ البدء على وضع قواعد العمل الخاصة بنا ..
1ٍ- القاعدة الاولى التي ارسينا وعينا السياسي والنظري على اساسها هي اعتبار مسألة الوحدة الوطنية احدى الضرورات المطلقة التي لا يمكن التهاون حيالها , فيكون اتساع الصدر ورحابة الافق ميزة اولى من ميزات فتح بهدف استيعاب كل الطاقات من ابناء شعبنا ..
2- القاعدة الثانية التي ارسينا ثوابتها هي توظيف كل الطاقات من اجل تفجير الكفاح المسلح من حيث كونه ركيزة ثانية تسعى الى تحقيق الحرب الشعبية الطويلة الامد التي تحتاج الى صبر ونفس طويل بحيث تتم صناعة القدرة على تحمل العمل الشاق والمعاناة الطويلة ..
3- القاعدة الثالثة انه خلال مسارنا الطويل لابد من العمل الحثيث على تفتيت جبهة الاعداء سواء عن طريق شن النضالات العسكرية الثورية او عن طريق العمل على تفتيت البنية الداخلية للخصم من خلال احداث الشروخ في هذه البنية وتعميق الصراعات داخلها بوسائل تحددها الثورة وتناضل من اجل ترسيخها ..
4- اما القاعدة الرابعة والتي تشكل احدى الضرورات كذلك فهي ان نكون دوما على وعي كامل بالظروف العربية التي تحيطنا , والعمل على منع الارادات العربية من احتلال ارادتنا الثورية ومنع فرض الوصاية على قرارنا السياسي .. ولذلك فان شاغلا رئيسيا من شواغلنا كان وسيبقى هو التأكيد الدائم على استقلالية الوطن الفلسطيني .. وهو توجه او ضرورة لاتنبع من قطرية ضيقة او اقليمية مغلقة بل تتبع منطلقاتها ذات الابعاد القومية استنادا الى انّ صاحب الجرح هو الأكثر احساسا بحجم المعاناة ولذا لابد ان يكون هو الاكثر تفاعلا واندفاعا لمعالجة جرحه ..
وبعد وضع كل هذه الأسس والقواعد والقوانين كانت فتح قد نشأت وكانت قد وضعت قدمها على طريق الإرتقاء والتطور لتولى قيادة شعبها الى النصر .. وكان شعارها الدائم / ثورة حتى النصر ........
لقاؤنا في الحلقة القادمة ان شاء الله حول كيفية اكتشاف المعادلة الدولية وكيفية تأسيس مكتب فلسطين ....
بواسطة عطية ابوسعده / ابوحمدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق