22 فبراير (شباط) عيد الوحده .. نقطه ضوءلا تغيم
محمود كامل الكومى
تحل علينا الذكرى 56لأعلان الجمهوريه العربيه المتحده , كأول آليه عمليه لأذابه الحدود والفواصل التى أصطنعها الأستعمار لتقطيع أوصال الأمه العربيه – وعلى الرغم من أن الأقليم الشمالى (سوريا) يبعد عن الأقليم الجنوبى (مصر)- الا أن أراده الجماهير التواقه الى الوحده , ورغبتها فى أذابه الفواصل والحدود والحد من الخلاف , وفى التوحد حول الهدف , والعمل المشترك من أجل ازاله الأستيطان الصهيونى فى فلسطين , وأدراكها أنه العائق فى سبيل تحقيق الوحده العربيه الشامله , كانت لها مفعول السحر فى تحقيق هذا العمل الوحدوى بين مصر وسوريا , كما كان لدور الزعامه فى البلدين – والتى اتسمت بالثوريه والأراده الحره المقاومه للأستعمار والصهيونيه , وأيمانها بوحده المصير – الفضل فى تسريع الخطى , والديناميكيه المتجاوبه مع الحركه الشعبيه المصريه والسوريه لتحقيق أرادتها فى ذوبان تراب البلدين فى الجمهوريه العربيه المتحده ,ولقد تناغمت الجماهير السوريه والمصريه فى لحن واحد متسق وسياق متصل , ذابت فيه النظره الآحاديه والمحليه وتجاوزتها الى الآفاق القوميه , فأنتخبت الزعيم جمال عبد الناصر رئيسا لدوله الوحده .
ولقد كان بزوغ شمس الوحده بالجمهوريه العربيه المتحده , مصدر قلق للرجعيه العربيه والأستعمار والصهيونيه , فسرعان ما نصبوا الشراك ودفعوا الأنفصاليين الى أجهاض هذا الفعل الوحدوى , الا أن الضوء المنبثق عن هذه الحركه الشعبيه الوحدويه ظل فى مداره يضيىء وينير المسار والطريق نحو هدف الوحده المنشود , فحافظت مصر على أسم الجمهوريه العربيه المتحده وظل نشيد الوحده يعزف فى كل الأرجاءوعلم الوحده يرفرف فى سمائها والسماء السورى , وبدى ( ناصر)رئيس الجمهوريه العربيه المتحده, للشعب العربى زعيما للأمه العربيه كلها وأملها فى وحده شامله تذيب الفواصل والحدود الأستعماريه بين ترابها , وتعمل بكل الطاقات لتحقيق وحده الهدف والمصير ,متمسكه بالضوء الذى أنبثق عن العمل الوحدوى الذى صنع الجمهوريه العربيه المتحده .
أن قيام دوله الوحده فى 22 فبراير1958 كان بمثابه تحدى رائع لقوى الأستعمار العالمى التى أصطنعت الكيان الصهيونى فى فلسطين ,ليكون سدا منيعا لأى عمل وحدوى بين مصر وسوريا , لأدراكها البعيد المدى أن وحده الدولتين هى التى تصنع نهايه التدخل الأستعمارى فى العالم العربى , وهى اللبنه الأولى نحو وحده عربيه شامله قادره على طرد الكيان الأسرائيلى من فلسطين , وعلى ما سلف بيانه , فأن قوى الرجعيه العربيه – المتمثله فى الأنظمه الملكيه المفروضه على شعبنا فى الأردن والمغرب , وكذلك مشايخ وأمراء الخليج التى فرضتهم الأمبرياليه والقوى الأستعماريه على شعوبنا الخليجيه النفطيه – هذه القوى التى تماهت مع الصهيونيه العالميه والأمبرياليه الأمريكيه وقوى الغرب الأستعمارى من قبل , وقد أتخذوها مخلب قط لتدمير الجامعه العربيه – كآليه لتحقيق الوحده العربيه – وصار مجلس التعاون الخليجى المصنع صهيونيا وامريكيا آليه لهدم الجامعه العربيه .
أن ما يحدث فى مصر وسوريا وليبيا واليمن وماحدث فى العراق والسودان من تدمير وقتل وتفكيك لعرى هذه الدول وجيوشها لم يكن وليد اللحظه ,ولم يكن من فراغ, ولكن لأن هذه الدول كانت لها ارهاصات وحدويه , أدت بها الى خطوات على الطريق نحو الوحده والأتحاد الذى هو أمل أمتنا العربيه .
أن الدور الخطير الموكول لحكومتى قطر والسعوديه من جانب أمريكا وأسرائيل , بتمويل كل الحركات التى تعمل على تحويل سوريا ومصر والعراق وليبيا الى أنقاض – عقابا على السياسه الوحدويه التى كانت ترنو اليها شعوبها واجبرت حكوماتها على السير نحوها- أن هذا الدور يجب أن يجهض من الآن فصاعدا , ويجب أن يجابه من القوى الشعبيه العربيه بالتواصل مع شعوب بلداننا فى الخليج من أجل الأطاحه بهذه الأسر الحاكمه الخليجيه النفطيه التى تعشش منذ زمن على حقول النفط , والموكول اليها من الأستعمار الآ تتركها الا بعد القحط .
أن العدو الرئيسى لوحده أمتنا العربيه , وقد تجلت أفعاله التدميريه الآن على كل البقاع العربيه قد تجسد واقعا فى حكام الخليج النفطيين وخاصه قطر والسعوديه , وكذلك كل حركات الأسلام السياسى ممثله فى جماعه الأخوان المسلمين والوهابيه , وماتخرج من عبائتهما من جماعات أصوليه متشدده وأرهابيه , وعلى الشعوب العربيه أن تدرك حقيقه هذا العدو وتعمل بكل السبل على تطهير بلداننا العربيه منه أتقاءا لما يجلبه من دمار وهدم للهدف المصيرى نحو الوحده الشامله .
أن وحده الشعوب العربيه الآن , هى الخطوه البديله للجامعه العربيه المسكونه (بالعفاريت والشياطين) الذين يحملون فناطيس الجاز ليحرقوا بعوائدها الأخضر واليابس والديار العربيه , ولذلك يجب أن يظل يوم 22 فبراير بما يمثله من ضوء أضاء المنطقه العربيه كلها بدوله الجمهوريه العربيه المتحده , ضوءا ساطعا ينير عقول شعبنا العربى وروحه ويشحذ قواه ليكون قادرا على تحدى الصعاب التى تواجه الأمه العربيه وتحاول ان تزيل المفاهيم الوحدويه من خريطه الفكر العربى .
أن الشعوب العربيه الواعيه يجب أن تفضح هذه الحكومات الرجعيه , وتقتص منها حساب الضلال الذى حاولت أن تزيفه عليها , لذلك لابد أن يبقى يوم 22 فبراير الضوء الذى يؤكد أن شعبنا شعب عربى ومصيره يرتبط بوحده مصير الأمه العربيه .
أن يوم 22 فبرايربعد 56 عاماعلى توقيع ميثاق وحده مصر وسوريا ,وأنبثاق الجمهوريه العربيه المتحده , لابد أن يستمر ضوئه ينير لشعبنا طريق الوحده , من خلال عقد العزم على أن يعيد صنع الحياه على أرضه بالحريه والحق , بالكفايه والعدل , بالمحبه والسلام , أن شعبنا يملك من أيمانه بالله وأيمانه بنفسه ما يمكنه من فرض ارادته على الحياه ليصوغها من جديد وفق أمانيه الوحدويه .
وأخيرا .. أن التقاء القوى التقدميه والشعبيه على الأمل الواحد فى كل مكان من الأرض العربيه ,, وتجمع القوى الرجعيه على المصالح المتحده من الأرض العربيه هو فى حد ذاته دليل على الوحده أكثر مماهو دليل على التفرقه ..
كاتب ومحامى – مصرىِ
خاص بانوراما الشرق الاوسط - نسمح باعادة النشر شرط ذكر المصدر تحت طائلة الملاحقة القانونية
22 فبراير (شباط) عيد الوحده .. نقطه ضوءلا تغيم
تعليقات