بقلم: رؤوبين بدهتسور
ليعلم القاريء يئير لبيد الذي يبين أن “عاصمة اسرائيل لن تقسم”، وليعلم كل من يقدسون حدود المدينة “الموحدة” أنه لم تكن توجد أية صلة بين التقديرات التي كانت أساس ضم المناطق الى القدس الغربية بعد حرب الايام الستة، وبين امور مثل قداسة المدينة وتراثها التاريخي وصلة الشعب اليهودي بها. إن حدود القدس الموسعة – التي تشمل فيما تشمل العيسوية وصور باهر وشعفاط وجبل المكبر حددت في حزيران 1967 تعسفا بحسب تفضيلات الجيش الاسرائيلي في الأساس، الذي كان آخر شيء شغل قادته قداسة المدينة.
حينما يثار موضوع تقسيم القدس على طاولة التفاوض يحسن جدا أن يعلم المفاوضون ويعلم الاسرائيليون جميعا كيف حددت حدود المدينة بالضبط.
بعد يوم واحد فقط من انتهاء حرب الايام الستة في 11 حزيران 1967، اجتمعت الحكومة واتخذت بسرعة قرار تطبيق “قانون الدولة وتقاضيها وادارتها” على المناطق التي ستضم الى العاصمة. وكان ذلك قرارا عجيبا جدا لأنه لم يكن من الواضح للوزراء ما هي المناطق المتحدث عنها لأنه لم تكن قد أُعدت الى ذلك الوقت خريطة حدود المدينة الجديدة. وقدر الوزراء أنه قد تنشأ معارضة من دول غير قليلة لضم مناطق شرقي القدس وذلك على الخصوص لأهميتها الرمزية للاسلام والمسيحية. ولذلك كان أكثر وزراء الحكومة مُجمعين على توجه أنه ينبغي انشاء حقائق بسرعة تتعلق بتوحيد القدس قبل أن يصبح الوقت متأخرا جدا.
وعلى إثر قرار ضم مناطق لا يعلم ما هي، تقرر انشاء لجنة وزارية توصي بالحدود الجديدة. ونشأت سريعا جدا اختلافات في الرأي بين اعضاء اللجنة، وتعلق الوزراء هذه المرة كما يحدث في مرات كثيرة بتوصيات الجيش الذي تم اشراك ممثليه في مباحثات اللجنة الوزارية.
وكان يمثل الجيش مساعد رئيس اللواء رحبعام زئيفي الذي كانت مواقفه من قضية ارض اسرائيل معلومة معروفة. ويمكن أن نستدل على تقديرات الجيش في تخطيط حدود القدس من الرسالة التي ارسلها زئيفي الى رئيس اللجنة الوزارية، وزير القضاء، يعقوب شمشون شبيرا، التي فصل فيها المباديء التي وجهت الجيش الاسرائيلي الى اختيار خط الحدود:
“زيادة مساحة في الحد الاقصى تشتمل عليها القدس وتُمكن من توسع القدس لتصبح مدينة كبيرة. فاذا تبين في المستقبل أننا أفرطنا في شمل اراض وسكان فسيمكن الفصل بين مساحة القدس البلدية وبين منطقة خارجية لها وضع مجلس اقليمي؛ وشمل مطار عطروت في داخل المساحة المضمومة؛ ولم ندخل الى مجال مدينة بيت لحم وهو شيء حرمنا من قبر رحيل؛ وسنحدد الحدود اذا أمكن بحسب التضاريس لكن في المناطق التي يكون فيها الامر بلا معنى أو ينشيء صعوبة خاصة سنمد خط حدود مستقيما من نقطة الى نقطة”. فلا نرى أية كلمة عن الجوانب التاريخية وعن تراث المدينة اليهودي أو عن قداستها للشعب اليهودي.
قبلت الحكومة الخريطة التي خطها الجيش الاسرائيلي وجيء بها لتوافق عليها الكنيست في 28 حزيران 1967 وهكذا أقرت “حقائق على الارض” وخُطت حدود القدس الجديدة التي اصبحت على مر السنين حدودا مقدسة. وأضاف القرار على الحدود الجديدة الى المدينة 69.990 دونما فزادت مساحتها ثلاثة اضعاف. وكان الاسوأ أنه ضُم اليها في هذا الاطار غير قليل من القرى الفلسطينية التي لا تتضح الصلة بينها وبين قداسة المدينة الأبدية.
حينما يعلن نتنياهو قائلا: “لن نعيد القدس أبدا لتكون مدينة مقسمة وكئيبة ومنشقة مرة اخرى”، يتجاهل أن حدود المدينة “الموحدة” حددت من الجنرالات تعسفا. وحينما يقدس هذه الحدود ويجعل تأبيدها شرطا للاتفاق يخدع الجمهور ويعمل في مصلحة معارضي كل اتفاق مع الفلسطينيين.
هآرتس 19/2/2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق