السبت، 20 يوليو 2013

21/07/2013
إلى أبومازن مع التحية
حين ذهب أنور السادات الى القدس ردت عليه الانظمة الثورية العربية بجبهة "الصمود والتصدي", وفيما هو يسترجع سيناء والاراضي المصرية المحتلة, ويؤسس عبر "كامب ديفيد" للدولة الفلسطينية, كان تجار القضية يغرقون فصائل منظمة التحرير في الصراعات المسلحة الداخلية, ويحولون الدم الفلسطيني سلعة في المحافل السياسية الدولية.
لم يكن موقف السادات خيانة للقضية المركزية العربية, بل كان انتصارا يوازي بحجمه انتصار حرب العاشر من رمضان التي نحتفل هذه الايام بما حققته, وهي الانجاز العربي اليتيم الذي لم يحافظ عليه بعض العرب, بل فرطوا به في سوق التسويات على حساب القدس التي تعاني اليوم من التهويد, فيما مدعو الممانعة ومن خلفهم محورهم منشغلون بأزماتهم وحروبهم الداخلية, بل العرب جميعا اليوم غارقون في مشكلاتهم وتناحرهم الذي لا ينتهي, فهل يبقى الفلسطينيون ينتظرون غودو العربي على محطة السراب لنصرة قضيتهم وإنهاء مأساتهم المستمرة منذ 65 عاما, أم يقتنصون الفرصة التاريخية ويمضون في طريقهم نحو إقامة دولتهم?
لا شك ان التضامن العربي من اجل فلسطين لن يحدث, فما لم يتحقق طوال العقود الستة الماضية من عمر هذه المأساة لن يحدث اليوم والامة العربية, ومعها الامة الاسلامية, تتخبط دولهما داخليا وفي علاقاتهما مع الخارج, أضف اليه ان الموقف الاميركي الحالي لن يتكرر, أقله في العقدين المقبلين, لذلك نهمس في أذن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس: لن يحك جلد الشعب الفلسطيني الا ظفره, فاعقلها وتوكل, ولا تنتظر عربا لم يتفقوا يوما الا على استمرار خلافاتهم, واسحب القضية الفلسطينية, عبر المفاوضات المباشرة مع عدوك التاريخي, من سوق المساومات التي زادت معاناة شعبك وآلامه.
نعم, اسرائيل ليست ساعية سلام, فمعه لن تتوسع في المستعمرات, ولن تنهب الاراضي, او تعتقل المزيد من الفلسطينيين. اسرائيل التي رأت في خطوة السادات التاريخية مناسبة لتقول للعالم, يومذاك, إنها تريد السلام مع محيطها, كانت تختلق الذرائع والحجج, وتتفنن بالمماطلة والتسويف طوال المفاوضات مع مصر, مراهنة على ان القاهرة ستخضع في لحظة ما لمعسكر الرفض العربي, فيما كان الرئيس الراحل أنور السادات على موقفه, وهو استرجاع آخر شبر من الاراضي المصرية المحتلة, وحقق بالصبر والصمود ما فيه الخير لبلاده, بل لأمته العربية التي لم تستفد من تلك الفرصة, وضيعتها تحت وطأة جعجعة ممانعي وثوريي المنابر والبيانات.
الجميع يدرك ان فلسطين اليوم لم تعد أولوية عربية واسلامية, فلكل دولة أولوياتها وترتيب أوضاعها الداخلية بعد "تسونامي" الدم الذي اجتاح العديد منها تحت عنوان "الربيع العربي", فلا سورية قادرة على المواجهة, ولا مصر اليوم تستطيع تأدية دورها, وليبيا غارقة في الفوضى, ومعها اليمن وتونس, بينما العراق تدفعه القوى الطائفية الى أتون التقسيم والحروب المذهبية, فيما ايران التي حملت أخيرا لواء الممانعة تسترا, فيما هي تسعى الى بسط نفوذها على العالم العربي, تبحث عن كوة في جدار العزل الدولي لتلتقط بعض أنفاسها بعد ان كاد الحصار يخنقها, وتعاني من غليان شعبي لم يسبق ان شهدت مثيله حتى عشية ثورة العام 1979. فمن بقي للفلسطينيين نصيرا كي يراهنوا عليه, فهل يرهنون مصيرهم لاحزاب وحركات أثبتت التجربة أنها بنادق مأجورة اتخذت من أشرف القضايا العربية ستارا لها لممارسة العهر السياسي والتفرق الطائفي, ك¯"حزب الله" المنشغل اليوم بذبح الشعب السوري وخلافاته الداخلية, او حركة"حماس" الممانعة في العلن وتفاوض اسرائيل في السر لاطالة أمد سيطرتها على غزة من خلال لعبة فتح المعابر وإطلاق بضعة صواريخ على المستعمرات القريبة من القطاع, ام على هنية ومن معه الذين يقاتلون تحت راية »الاخوان« لاسترجاع هيمنة جماعتهم على مصر?
لم يبق للقضية التي تحولت شأنا اسرائيليا ¯ فلسطينيا الا أصحابها, فالسلام اليوم لن تواجهه جعجعة الممانعين زيفا, ولا حملات جبهات وفصائل الشاشات والبيانات الذين لم يقدموا لوطنهم السليب غير الويلات والعداء الدولي جراء أعمالهم الارهابية, ولذلك ليس على السلطة الوطنية الفلسطينية الا ان تواجه مصيرها بنفسها وتصنع سلام الشجعان الذي يعيد للفلسطينيين حقوقهم, ولهذا نقول لابومازن:  امض في طريقك ولا تلتفت خلفك, كن بطل هذه المرحلة, واستغل الفرصة التاريخية حتى لا يشيخ الشعب الفلسطيني وهو في انتظار غودو العربي الذي لن يأتي أبدا.
أحمد الجارالله
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق