قيامة المسيح .. قيامة الدولة
بقلم: عادل عبد الرحمن
تحتفل الطوائف المسيحية في فلسطين مع بقية اتباع الديانة المسيحية في العالم باعظم واهم الاعياد المسيحية وأكبرها، وهو عيد الفصح او وأحد القيامة، حيث يستذكر المسيحيون قيامة السيد المسيح عليه السلام من بين الاموات بعد ثلاثة أيام من صلبه كما جاء في العهد الجديد (الانجيل).
واهمية هذا العيد دينيا اضافة لما تقدم، انه يأتي بعد سلسلة من الاعياد، وكونه يحل بعد انتهاء الصوم الكبير، الذي يستمر أربعين يوما، ويجيء بعد إنتهاء أسبوع الآلام، ويبدأ مع إنبلاج زمن القيامة. ويهتف المسيحيون في إحتفالاتهم الكنسية: "المسيح قام .. حقا قام " عند اصحاب التقويم الغربي، واما عند الارثوذكس الشرقيين، فيكون الترنيم: "المسيح قام من بين الاموات ووطىء الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور".
عيد الفصح او احد القيامة ليس عيدا للمسيحيين الفلسطينيين فقط، بل هو عيد للوطنية الفلسطينية، لان السيد المسيح عليه السلام، كنعاني فلسطيني، وقيامه آنذاك بعد ثلاثة أيام من صلبه وموته على ايد اليهود كما انبأنا به العهد الجديد، يعكس الرواية الفلسطينية في صراعها مع احفاد اليهودية الصهيونية المعاصرة، وبصيغتها الاستعمارية الحديثة في تواطئها مع الرأسمال الغربي، أدعياء التابعية للمسيحية.
السيد المسيح عليه السلام، السلف الفلسطيني الوطني الصالح والمجدد للعهد القديم، وإنشق عن اتباعه، ثم أنشأ عهده الجديد، ونشره بين العباد، مما حدا باليهود أن يطاردوه ويلاحقوه حتى أمسكوا به وصلبوه ثم إغتالوه، ثم قام كطائر الفينيق من بين الاموات ليعمد مسيرته وينشر تعاليمه، التي مازالت حية، وستبقى ما بقيت البشرية.
قصة السيد المسيح، هي قصة ابناء شعبه، الذين شاءت الحركة الصهيونية أداة الغرب الرأسمالي في تزوير الحقائق التاريخية، ونفي وصلب الشعب العربي الفلسطيني ثم إغتياله عبر عمليات التطهير العرقية، ومتابعة عملية القتل والتبديد لروايته وقضيته ولشخصيته الوطنية. لكن الفلسطينيون أحفاد السيد المسيح، نهضوا من تحت الرماد كطائر الفينيق، من بين انقاض النكبة والنكسة، لملموا جراحهم ورفعوا رايتهم الوطنية ثانية من خلال تشكيل الاحزاب والفصائل الوطنية والقومية والاممية لبعث الروح في الشعب العظيم. فكانت الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي فجرتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح عام 1965، التي أعادت الاعتبار للهوية الفلسطينية، ورسخت الرواية والاهداف السياسية الوطنية في المنابر العربية والاممية رغما عن انف اليهودية الصهيونية والغرب الاستعماري في عهديه القديم والجديد.
قيامة السيد المسيح عليه السلام، كانت العلامة عميقة الدلالة على قيامة الشعب العربي الفلسطيني من بين أوحال وجراح النكبة والمؤامرة الصهيونية – الغر بية والعربية الرسمية، وقيامة دولة فلسطين، التي تم الاعتراف بها كضو مراقب في التاسع والعشرين من نوفمبر / تشرين الثاني الماضي. وبنهوض الدولة الفلسطينية من ركام المذبحة وعملية الصلب الاسرائيلية كخطوة اولى بتشريعها من قبل الامم المتحدة مجددا، فإن الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة آتية لامحالة بفضل عبقرية العطاء الوطني، ورغم إنشقاق وانفصال اتباع العهود البائدة والظلامية، ورغم المحاولات الصهيونية – الاميركية الحثيثة على نفي الرواية الفلسطينية، وتقزيم الدولة إلى الحد، الذي لا ترى به.
أحد قيامة السيد المسيح عليه السلام، عيد وطني بامتياز، لايخص المسيحيون فقط، انما يخص كل الفلسطينيين من اتباع الديانات المختلفة الاسلامية والمسيحية واليهودية واصحاب المعتقدات واتباع النظريات الوضعية المختلفة. على الفلسطينيين ان يحتفلوا به كعيد للوطنية الفلسطينية رغم الخصوصية لابناء الديانة المسيحية. وهو (العيد) فرصة وطنية ملائمة جدا لاعادة الاعتبار للوحدة الوطنية، وطي صفحة الانقلاب الاسود في محافظات الجنوب، لتعزيز عوامل الصمود الوطنية ومواجهة التحديات الاسرائيلية، التي تستهدف الكل الفلسطيني.
وكل عام وابناء الشعب العربي الفلسطيني من اتباع الديانات المختلفة وخاصة المسيحية، وهم بخير . وفصح مجيد .. وعيد سعيد.. وقيامة آتية للدولة الفلسطينية العتيدة. لان احد القيامة، مَّثْل تاريخيا عيدا للنصر والنهوض والفرح والانعتاق من الظلم والصلب، وعيدا للظفر بالاستقلال والحرية والعودة وتقرير المصير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق