القبض على 47 في سيناء بينهم فلسطينيون.. وتنظيم القاعدة يحرض ضد الجيش المصري
القاهرة: وليد عبد الرحمن
في وقت حرضت فيه قيادات محسوبة على تنظيم القاعدة فيما يعرف باسم «دولة الإسلام في العراق والشام» ضد الجيش المصري الذي لاحق متشددين في سيناء القريبة من الحدود مع كل من إسرائيل وقطاع غزة، ألقت السلطات الأمنية القبض على 47 في سيناء بينهم فلسطينيون، بينما قالت القاهرة أمس إن توقيف حركة حماس لرئيس الجالية المصرية في غزة «عمل غير مسؤول». وتأتي هذه التطورات مع مخاوف ظهرت صباح أمس من أن يكون وراء حريق شب في سفينة كانت تعبر قناة السويس عمل إرهابي، وهو ما نفاه مصدر أمني مصري مساء أمس.
وفي خطوة وصفها مراقبون بأنها محاولة للتصعيد من قبل حركة حماس الفلسطينية ضد القاهرة، اقتحمت أجهزة الأمن في قطاع غزة أمس المركز الثقافي المصري، واعتقلت عادل عبد الرحمن رئيس الجالية المصرية في فلسطين، كما قامت بمصادرة أجهزة الحاسب الآلي بالمركز. وقالت مصادر دبلوماسية في وزارة الخارجية المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوزارة أدانت بشدة حادثة تعرض رئيس الجالية المصرية بغزة للاعتقال أمس»، مؤكدة أن «الخارجية المصرية ترفض محاولات المساس بالمصالح المصرية التي يقوم بها فصيل لا يعبر عن (كل) الفلسطينيين».
ووصفت وزارة الخارجية القبض على رئيس الجالية المصرية بالعمل «غير المسؤول»، وطالبت بالإفراج الفوري عنه وإعادة الأجهزة المصادرة. كما أكدت وزارة الخارجية في بيان لها أمس، على أنه «إذا كانت مصر حريصة تماما، من واقع مسؤوليتها التاريخية والقومية، على مصالح الشعب الفلسطيني الشقيق الذي قدمت من أجله الغالي والنفيس، وخاضت الحروب لخدمة قضيته المشروعة، فإنها ترفض تماما محاولات المساس بالمصالح المصرية أو الممارسات المستهجنة التي يقوم بها فصيل معين لا يعبر عن سواد الشعب الفلسطيني الشقيق». وشدد البيان على أن «الخارجية لن تتسامح مع تلك الممارسات».
وقال زياد المصري، مدير المركز الثقافي المصري بالضفة الغربية في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أمس، إن 15 عنصرا من شرطة حماس اقتحموا المركز الثقافي في غزة، واعتقلوا عبد الرحمن كما قاموا بمصادرة أجهزة الحاسب الآلي بالمركز، بسبب دعمه للجيش المصري في موقفه من عزل الرئيس السابق محمد مرسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين (وهي الجماعة التي تنتمي إليها حماس)، وكذا تنديده باستهداف مؤسسات الدولة المصرية من قبل أنصار الرئيس المعزول.
وقال اللواء سامح سيف اليزل، الخبير الاستراتيجي والعسكري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما تفعله حركة حماس إجراء تصعيدي ومستفز لمصر»، مشددا على أن حماس عليها أن تلتزم في تعاملها مع القاهرة بالقواعد الدبلوماسية. وتوقع سيف اليزل «قيام حركة حماس بأعمال تصعيدية خلال الفترة المقبلة، بعدما أعلنت مصر رسميا تورط عناصر الحركة في عمليات إرهابية شهدتها وتشهدها شبه جزيرة سيناء»، مشيرا إلى أن حماس قد تطالب مصر بالإفراج عن عناصر منها تم ضبطهم في شبه جزيرة سيناء وفي عدد من محافظات مصر، لتورطهم في أعمال تخريبية ضد منشآت حكومة وأقسام شرطة، مقابل الإفراج عن رئيس الجالية في غزة.
وعلى صعيد الوضع في سيناء تواصلت أمس هجمات متشددين مسلحين على الدوريات والمقار الشرطية. وقال مصدر أمني وشهود عيان إنه «تم صباح أمس السبت استهداف دورية أمنية أثناء مرورها لتفقد الأحوال في منطقة الكرامة جنوب مطار العريش، حيث أطلق مسلحون قذيفتي (آر بي جي) تجاه الدورية، مما أدى إلى انفجار شديد هز أرجاء مدينة العريش، ولكن لم تصب الدورية، حيث سقطت القذيفتان بعيدا عنها، ولم تؤديا إلى أي خسائر أو إصابات مادية أو بشرية».
تأتي تصريحات المصدر الأمني، في أعقاب انفجار عبوة ناسفة أخرى في محيط مقر بنك القاهرة بالعريش على مسافة بعيدة عن المبنى، إلا أن العبوة انفجرت دون وقوع إصابات. وقال مصدر أمني بالعريش لـ«الشرق الأوسط»، إن «الانفجار أسفر عن تلفيات محدودة في البنك دون أن تصيب أحدا من أفراد الأمن». وأضاف أن «مسلحين مجهولين أطلقوا النار أيضا على قوات الأمن بمدينة العريش، وتم تبادل إطلاق النار معهم من دون الإبلاغ عن إصابات حتى الآن»، لافتا إلى أن المسلحين استهدفوا معسكر قوات الأمن بمنطقة المساعيد بالعريش بإطلاق النار عليه، مما اضطر قوات الأمن إلى الرد عليهم حتى فروا هاربين، ومن دون إصابات.
وفي السياق نفسه، تمكنت قوات الجيش الثاني الميداني في شمال سيناء بالتعاون مع الشرطة المدنية، من إلقاء القبض على 42 من «العناصر التكفيرية والإجرامية المسلحة» عند منطقة مربع الجورة بالشيخ زويد، و5 من المتسللين الفلسطينيين عبر سواحل العريش، وذلك خلال حملات المداهمات الأمنية. وقال مصدر أمني إن «المتهمين جميعا تمت إحالتهم إلى النيابة العامة للتحقيق معهم في الجرائم المنسوبة إليهم».
وذكرت مصادر أمنية وعسكرية أن «السلطات الإسرائيلية أفادت بأن سلاح الحدود الإسرائيلي أطلق النار مساء أول من أمس على عدد من المهربين المصريين على الحدود المشتركة مع مصر في سيناء»، مشيرة إلى أن إطلاق النار جاء بعد اجتيازهم الحدود الإسرائيلية.
وأكدت المصادر أن مهربا لقي مصرعه وأصيب آخر برصاص الجيش الإسرائيلي، بينما فر الباقون إلى داخل صحراء شبه جزيرة سيناء. وأوضحت المصادر أن السلطات الإسرائيلية سلمت أمس القتيل والمصاب للسلطات المصرية عن طريق معبر كرم أبو سالم.
ولقي عشرات من قوات الشرطة والجيش في مصر حتفهم في سلسلة من الهجمات شنها متشددون مسلحون يعتقد أنهم من الإسلاميين في شبه جزيرة سيناء، منذ عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي في 3 يوليو (تموز) الماضي.
من ناحية أخرى، دعت الجماعة المعروفة باسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، أحد أذرع تنظيم القاعدة، في بيان أذيع على شبكة الإنترنت أمس، المصريين لحمل السلاح ضد الجيش وقالت إن «القمع الدموي للمحتجين الإسلاميين يبين عدم جدوى الوسائل السلمية». وقال أبو محمد العدناني، المتحدث باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام، في رسالة مسجلة، إن «جيوش الطواغيت من حكام ديار المسلمين هي بعمومها جيوش ردة وكفر، وإن القول اليوم بكفر هذه الجيوش وردتها وخروجها من الدين، بل بوجوب قتالها وفي مقدمتها الجيش المصري، لهو القول لا يصح في دين الله خلافه».
وتابع: «فهذا الجيش المصري الذي هو جزء من هذه الجيوش ونسخة عنها يسعى سعيا مستميتا لمنع تحكيم شرع الله، ويعمل جاهدا لإرساء مبادئ العلمانية والحكم بالقوانين الوضعية».
وسبق لمصر ضبط خلايا جهادية بينها عناصر من حماس وحزب الله وأخرى تدعي ارتباطها بتنظيم القاعدة في شبه جزيرة سيناء، خلال السنوات الخمس الماضية، إلا أن كل من جرى محاكمتهم وسجنهم فروا من السجون أثناء أحداث 25 يناير (كانون الثاني) التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك في 2011. وقالت مصادر أمنية إن بعض الفارين تمكن من الهروب إلى بلاده في غزة ولبنان والبعض الآخر استوطن في سيناء ما رفع سقف المخاوف من أي استهداف لقناة السويس «المؤمنة بشكل قوي من جانب قوات الجيش والشرطة».
ووقع صباح أمس انفجار في سفينة صينية اسمها «كوسكو آسيا» في قناة السويس قرب منطقة التينة. وقال مصدر أمني إن الحادث ليس عملا إرهابيا، وإن عطلا في إحدى ماكينات السفينة أدى لاشتعال النيران في جانب منها، وجرت السيطرة عليه عن طريق قوات الإنقاذ البحري المتخصصة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق