الأحد، 22 فبراير 2015


حرب مصر وحماس العسكرية القادمة

تاريخ النشر : 2015-02-22
 
بقلم : عبدالله عيسى
رئيس التحرير

أصبحت العلاقة بين مصر وحماس مقلقة للغاية ولا اعتقد ان المسالة تتوقف عند مهاترات بعض الإعلاميين المصريين الذين يقرعون طبول الحرب ضد حماس وقطاع غزة في كل مناسبة وقد شرحت في مقال سابق أسباب ودوافع بعض الإعلاميين المصريين وهي دوافع شخصية وضيق افق ولكن ما نخشاه ان تؤثر مهاترات هؤلاء الإعلاميين في حشد موقف شعبي مصري في وقت ليس ببعيد ضاغط على القيادة المصرية لتوجيه ضربة عسكرية ضد قطاع غزة .

ومع إيماني بحكمة وحنكة الرئيس عبدالفتاح السيسي في اتخاذ القرار ولكن بالمقابل تجد قيادات شعوب في بعض الأحيان تحت ضغط شعبي مضطرة لاتخاذ قرارات مصيرية لا تتوافق مع قناعات القيادة وهذا حصل في أوقات كثيرة وفي دول كثيرة أيضا .

واعتقد نتيجة التسخين الإعلامي غير المسبوق ضد قطاع غزة وحماس من قبل بعض الإعلاميين انه في حال وقعت عملية بسيناء أسقطت ضحايا من الجيش المصري فان الجوقة الإعلامية المعروفة ستخرج بعد دقائق فقط وقبل ان تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية لتطالب بضرب غزة وتثير الرأي العام المصري بهذا الاتجاه .

وارى بان الحرب العسكرية بين مصر وغزة أصبحت قاب قوسين او أدني بفعل التحريض الإعلامي والمهاترات التي يقوم بها نفر من الإعلاميين والمحللين العسكريين المتقاعدين على شاشات فضائيات مصرية خاصة دون حساب لعواقب تحريضهم والى أين يمكن ان تصل الأمور بين شعبين شقيقين هما الشعب المصري والشعب الفلسطيني .

وسأروي بعض الحوادث التاريخية المشابهة لعل بعض الإعلاميين المصريين يرون المسالة بأفق أوسع من جلب المشاهدين لبرامجهم على حساب علاقات أخوية تعمدت بدم ألاف الشهداء المصريين منذ عام 1948 .

في يناير عام 1980 وبعد محاولات حثيثة من القذافي لإقامة وحدة فاشلة مع تونس قرر إسقاط النظام وتنصيب نظام اخر يؤيده ويقيم وحدة معه فاوجد معسكرات تدريب لعمال تونسيين في ليبيا ودربهم على قتال حرب العصابات ثم أرسل مجموعة منهم مع شاحنات مملوءة بالأسلحة الرشاشة والقنابل ومضادات الدروع تسللت بطريق ملتوية عبر الحدود الجزائرية وبدون علم حكومة الجزائر طبعا إلى مدينة قفصة في جنوب تونس التي وقع عليها اختيار القذافي لتكون بؤرة الثورة المسلحة ضد نظام الحبيب بورقيبة ونجحت المجموعة بالوصل الى الهدف واستولت على المدينة بمراكزها الأمنية وعلى ثكنة عسكرية للجيش التونسي خلال ساعات واستنفر الجيش التونسي وتدخلت فرنسا وأمريكا حتى تم القضاء على التمرد بعد نحو عشرة أيام .

كانت العلاقات بين القذافي وامريكا وفرنسا في غاية السوء ووجدت أمريكا في قيام تونس بتوجيه ضربة عسكرية لليبيا فرصة لا تعوض وطلبت ذلك من رئيس الوزراء التونسي في حينه الذي اقتنع بوجهة النظر الأمريكية من ناحية وأراد إرضاء الشارع التونسي الغاضب جدا ضد ممارسات القذافي .

توجه للرئيس التونسي الحبيب بورقيبة وعرض عليه وجهة نظر أمريكا وفرنسا وأنهما تعهدا بتزويد الجيش التونسي بكل من يحتاجه من مال وسلاح لتنفيذ الضربة العسكرية ضد ليبيا .

ويقال أن بورقيبة صرخ في وجه رئيس وزرائه وزجره في الكلام رافضا الخطة المطروحة وقال له انك ستفتح حربا وعلاقات كراهية وأحقاد بين شعبين إلى الأبد ولايوجد حرب خاطفة ان اندلعت الحرب لن تنتهي بسهولة كما تتخيل .

لم يحتمل رئيس وزرائه كلام بورقيبة وانفعل جدا وأصيب بمرض صعب واستقال من الحكومة طبعا وبقي مريضا مقعدا حتى وفاته .

حكمة بورقيبة أثبتت قدراته كزعيم تاريخي لتونس وتفادى حربا وكراهية وأحقاد ودماء كثيرة كانت ستسيل بين الشعبين التونسي والليبي .

في نفس الفترة عرضت أمريكا بضاعتها على صدام حسين وتدخلت دولا عربية فأقنعته بشن حرب خاطفة على إيران يقوم بموجبها بمنع تصدير الثورة الإيرانية للدول العربية فاندفع للحرب بعكس بورقيبة واستمرت الحرب الخاطفة المزعومة 8 سنوات سقط خلالها أكثر من مليوني قتيل عراقي وإيراني وكانت هذه النتيجة الأولى أما الثانية فهي الكراهية التي ما زالت حتى الآن بين الشعبين العراقي والإيراني والحرب الطائفية المقيتة التي يعيشها العراق .

وعودة الى مثال سبق وان اشر اليه في مقال سابق انه وبعد إقامة السلطة الفلسطينية امر الرئيس حسني مبارك وزير الصحة المصري بتسيير قوافل من المعونات الطبية وأطباء مصريين لقطاع غزة وقال له :"احرص على العلاقات الإنسانية والأخوية مع الشعب الفلسطيني لأنه لو ساءت العلاقات السياسية بيننا في يوم من الأيام تبقى علاقات الشعبين الفلسطيني والمصري راسخة ".!!.

وللأسف فان الدول العربية ترى وتسمع وتتابع ما يحصل بين مصر وغزة وحماس ولم تتطوع دولة عربية حتى الآن لراب الصدع وتفادي حرب يمكن أن تندلع في أية لحظة وقد يشعلها إعلامي يستثير غضب الشارع المصري ليضغط على القيادة لتنفيذ ضربة عسكرية ضد غزة .

اولا إنا ارفض منطق المقارنة بين الدول العربية عسكريا لأنني أرى مجموع القوة العسكرية العربية بكافة جيوشها وبما فيها قوة المقاومة الفلسطينية بغزة هي عز للعرب كلهم وثانيا ارفض منطق التهديد بين الأشقاء العرب لان التهديد يجب أن يوجه ضد أعداء الأمة العربية فقط .

ولكن أقول لبعض الإعلاميين المصريين والمحللين العسكريين المتقاعدين ممن يقرعون طبول الحرب ضد غزة لو انه لاقدر الله اوقعت غارات جوية مصرية بغزة عدد كبير من الضحايا ورفضت حماس الرد فان فصائل أخرى ستقوم بالرد وستخرج عن قرار حماس ثم تجر حماس جرا للمواجهة ومعروف أن صواريخ حماس غير موجهة توجيها دقيقا للأهداف فماذا لو أوقعت ضحيا كثر في صفوف المدنيين او العسكريين المصريين بسيناء وفي ظل حرب كهذه فان المجموعات الإسلامية بسيناء ستجد فرصتها التي لاتعوض للانقضاض على مراكز أمنية ومعسكرات وإدارات الدولة ومنع سيدفع كل هذا البلاء توفيق عكاشة أم احمد موسى .

وهل بعد هذه الكارثة ستتفضل بعض الدول العربية لراب الصدع وحقن دماء الأشقاء ولماذا الانتظار ؟!

رحم الله خادم الحرمين الشريفين حكيم العرب الملك عبدالله بن عبد العزيز عندما تطوع لإزالة الخلافات السياسية بين مصر وقطر ولكن وفاته لم تمهله والأمل كبير بالملك سلمان بن عبدالعزيز وكل الزعماء العرب للتدخل قبل فوات الأوان ولتطرح الخلافات والاتهامات بين مصر وحماس على طاولة الحوار برعاية الأشقاء لإصلاح ذات البين ونتفادى كارثة يمكن أن تبقى آثارها عشرات السنين من عداوة وكراهية .

الوضع أراه متدهورا وتجاهل المشكلة لايسهم بحلها أبدا واتمنى على الإخوة الإعلاميين المصريين والمحللين السياسيين والعسكريين أن يوحدوا ولا يفرقوا وليتأكدوا ان دماء الجيش المصري أو أي مواطن مصري محرم ولايقبل بإراقته إلا كل فاقد ضمير وكما تحرصون على حقن دماء أبناء الشعب المصري فنحن كذلك ولكن لانريد لدائرة الدم أن تتسع وان نعين القيادة على اتخاذ القرار السليم والحكيم وان لاندفعها دفعا إلى قرارات فيها هلاك للشعبين المصري والفلسطيني .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق