السبت، 28 فبراير 2015

الحلقة الثامنة عشر والأخيرة من كتاب "صوت العاصفة" بعنوان: "وداعاً.. ايتها المدينة العظيمة"

الحلقة الثامنة عشر والأخيرة من كتاب "صوت العاصفة" بعنوان: "وداعاً.. ايتها المدينة العظيمة"
تاريخ النشر : 2015-02-17
 
رام الله - خاص دنيا الوطن
خص وزير الإعلام الأسبق وعضو المجلس الإستشاري لحركة فتح د نبيل عمرو صحيفة "دنيا الوطن" بنشر كتابه الجديد الذي صدر مؤخرا في رام الله والتي حمل عنوان "صوت العاصفة" ليحكي تجربته النضالية في الاعلام الى جانب تجاربه النضالية الأخرى على كافة المحافل الثورية .

وينقسم كتابه الى جزئين : يحمل كل جزء منهم حقبة تاريخية من زمن الثورة الفلسطينية ويتطرق الكاتب في الجزئين الى دور إذاعة الثورة الفلسطينية التي أصبحت الآن اذاعة صوت فلسطين في وتجربته الرائدة فيها على مدار سنين الثورة.

دنيا الوطن بدورها قامت بتجزئة الكتاب لنشره عبر صفحاتها على حلقات ليتمكن القاريء من الإطلاع عليه كاملا ففي الحلقة الثامنة عشر والأخيرة من الجزء الثاني الفصل والذي حمل عنوان "أيام الحب والحصار" حيث تحدث في هذه الحلقة عن الحرب وشملها بعنوان : "وداعاً.. ايتها المدينة العظيمة"

"وداعاً.. ايتها المدينة العظيمة"

كنا ندرك اننا مغادرون بيروت لا محالة.. واقل ما كان يؤلمنا هو الحصار الاسرائيلي المحكم المصحوب بشتاء من القذائف والنار.. فلقد كان هذا الحصار بمثابة نموذج مبسط لحصار فولاذي اوسع.. هو الحصار العربي.. وحين كنا نتحدث عن آفاق معركة بيروت.. كنا نتناسى الحجم الاسرائيلي.. فيستأثر الحجم الاوسع بكل حديثنا وخواطرنا واستنتاجاتنا.. فهذه دعوة من وراء البحار للانتحار حفاظا على شرف الامة، وهذه دعوة اخرى بالمرونة والتعقل لعدم اعطاء الجيش الاسرائيلي مبررات لتدمير بيروت.. وكل ساعة بل كل لحظة.. نستمع من محطات الاذاعة العربية - وما اكثرها - تتغنى ببطولاتنا.. وتندد بسخط شديد بالتخاذل العربي.. وحقا ان شر البلية ما يضحك.. فحين نستمع الى عشرات الاذاعات العربية.. تندد بالصمت العربي والتخاذل العربي والتمزق العربي.. كنا نتسائل.. ترى من يهاجم هؤلاء؟ من المسول عن الوضع العربي.. وكان العم عمر الذي يقدم الشاي لنا يجيب دائما «الحق على الطليان».

ان الجميع يصفق لهذا العرض الدامي.. جحيم من النار يلف بيروت وتحت النار والدخان حفنة من الرجال يقاتلون.. ويجدون وقتا للابتسام ويخترعون نوافذ للامل.. والشعراء يؤلفون قصائد جديدة.. والفنانون يرسمون لوحاتهم في الاقبية الرطبة.. واحد اعضاء القوات المشتركة يعقد قرانه على حبيبته في خط النار، وكل العواصم غارقة في اضوائها ولياليها الصاخبة.. ترسل صرخات الاعجاب عبر الاثير.. كما لو انها صرخات منتشية تنطلق من حناجر مشاهدي مباراة مثيرة في كرة القدم، ونحن في بيروت نعيش حياتنا الجديدة بين الحقائق الصارخة التي نواجهها في كل لحظة.. وبين الاحلام التي لم نتخلى عن التعلق بها ولم لا؟ نتخيل ونحلم.. فذلك امر يتعلق بثقافتنا وتربيتنا.

كانوا يستعيرون لنا من التاريخ اجمل ما فيه.. ويزرعوه في عقولنا الصغيرة. لتتراكم طبقات من الامجاد الماضية بالاعتزاز والحماس.. الى حد لا يبقي مكانا في عقولنا.. نتساءل فيه عن حالتنا.. نحلم ونتخيل.. فالثورة كما افهمها لا تحرم الحلم والخيال ولا تقطع الانسان عن جذوره.. ولا تقتلعه من تراثه.. ان الثورة محاولة جدية لقطع المسافة الواسعة بين الحلم وجعله حقيقة.. كما هي شريان يربط تراث الشعب منذ بدء الزمن الى ما لا نهاية.. وحين تنبت في ارضنا العربية ثورة حاولت ان تضع الناس امام اجابة صحيحة عن سؤالهم العام الكبير.. ما العمل؟ حدث ما حدث..

الى البحر..

لقد اتيحت لي فرص كثيرة.. لمعرفة العديد من الاخبار قبل الاعلان عنها، واهم خبر عرفته في الايام التي سبقت خروجنا من بيروت.. هو ان ابو عمار سيغادر الى اثينا.. وان السفير اليوناني في بيروت هو الذي يجري الترتيبات اللازمة لذلك عبر اجتماعات متصلة مع ابو عمار والعميد ابو الوليد.. ولقد كان المقر المركزي للاذاعة.. هو مكان هذه الاجتماعات التي ظلت طي الكتمان. كما شهد نفس المكان اجتماعات على نطاق آخر تتعلق بعملية الرحيل عن بيروت..

وكلمة الرحيل.. كانت قاسية وموجعة للنفس والوجدان، فكل الذين يتأهبون للرحيل.. يمتلكون ملايين التفاصيل التي تشدهم الى بيروت. وتجعلها مدينتهم الحبيبة.. بل ان كثيرين منا.. تعرفوا على بيروت واحبوها بعمق في الشهور الثلاثة الاخيرة - اي شهور الحرب والحصار- ومع ذلك فلا بد من مواجهة الحقيقة بكل شجاعة.. ولا بد من توطين النفس وترويضها على القبول بما بعد بيروت.. وما بعدها قاسي وصعب ولكنه عظيم اذا ما صار بداية جديدة.. او استمرارا للثورة من مواقع جديدة..

كانت امتع الساعات في حياتي العملية.. هي تلك التي اقضيها مع زملائي في الاذاعة نفكر معا ونخطط معا ونعمل معا كفريق واحد.. يؤدي عرضا يوميا يحاكمه الجمهور لحظة بلحظة.. وكنت احس بمتعة لا حدود لها.. وانا اشارك في اجتماع لكادر الاذاعة نناقش فيه شؤونا وشجوننا بكل انفتاح وحرية.. غير ان اقسى اجتماع عقدته كان ذلك الاجتماع القاتم الذي تم في مساء يوم ما من ايام بيروت لتنظيم عملية رحيل كادر الاذاعة الى عدد من الدول العربية..

لم يدقق احد منا في البلد الذي سيتوجه اليه.. فكل العواصم بعد بيروت.. ذات لون واحد وبعد واحد.. ومعظم الذين شاركوا في هذا الاجتماع قالوا بمرارة ولا مبالاة.. نحن جاهزون للسفر الى اي مكان وبعضهم تساءل عن امكانية البقاء.. ولقد وجدت نفسي وزميلي طاهر في موقع القرار فاقترح طاهر ان يتوجه معظم كادر الاذاعة الى الدول التي نملك فيها اذاعات وبرامج مثل الجزائر واليمن الجنوبي والشمالي اما الباقي فيتجمعون في دمشق.. ليكونوا جاهزين لبدء العمل في اي مكان جديد.. وفي هذا الاجتماع الكئيب اقترح احد الاخوة ان نناقش موضوع وقف الاذاعة من بيروت.. فرفض هذا الاقتراح.. بدافع المكابرة ليس الا..

على شرفة بيت هند جوهرية.. الذي قدمته لنا في الايام الاولى من الحرب كمقر مركزي للاذاعة.. كنا نجلس بشكل يومي.. ونتحدث في اي شيء الا ما له صلة بالعمل.. وكأننا اتفقنا جميعا على ان هذا المكان مخصص لاسترجاع الذكريات.. وتبادل الحكايات والطرائف.. وكم كنا نحب تلك الشرفة رغم ضيق مساحتها كانت دائما تغص بالجالسين حتى في ساعات يكون فيها استئناف القصف محتملا.

عقب اجتماعنا القاتم.. وجدت نفسي وحيدا على تلك الشرفة الحميمة.. وبدأ شريط من الصور يمر في خاطري.. سلمان الهرفي.. وهند جوهرية.. يقتحمون علينا موقع الـ 95 طالبين قبولهم كمتطوعين للعمل في الاذاعة.. فكلفناهم بمهمة لا تحتاج الى مهارات اذاعية متخصصة وهي تحضير اللقاءات الميدانية مع المقاتلين معتمدين بشكل رئيسي على المذيعة نِعمْ..

ولقد قطعنا شوطا لا بأس به في هذا المجال.. وفي منتصف الطريق تمزقت اطراف سلمان بفعل انفجار سيارة ملغومة في قلب بيروت ونجا من الموت بأعجوبة خارقة.. وها هو الآن يتأهب للرحيل محمولا على محفة في جوف باخرة ستلقيه على شواطئ الاغريق ليبدأ من هناك.

ام بشارة التي لم اتحدث عنها مطولا على صفحات هذا الكتاب.. تقف على شرفتها منذ الصباح الباكر تركز بصرها علينا تبتسم بحنو دافئ تلوح بقبضتها ليعم الفرح بيننا.. هذه السيدة الكبيرة.. قالت لي عصر ذلك اليوم.. انكم سترحلون وسأظل وحدي.

صور تمر فيهتاج الوجدان وتشتعل المشاعر الى ان يسيطر الحزن بهدوء في النفس المثقلة قهرا ومرارة وخيبة امل.. ولقد انتزعت نفسي من تلك الحالة الوجدانية المهتاجة.. حين امسكت بالقلم لاكتب تعليقا بعنوان:

وداعاً.. ايتها المدينة العظيمة.

لقد جاء يوم الرحيل.. كنت واحدا من عدة كوادر تقرر ان تغادر على نفس الباخرة التي اقلت قائد الثورة ياسر عرفات، لقد كانت نقطة التجمع هي مكتب القائد العام في حي الفاكهاني.. وحين وصلت الى هناك.. كان القائد العام قد وصل لتوه.. وصعد الى الدور الخامس حيث مكتبه في الظروف العادية، هرع الجيران للسلام على ابو عمار.. كانت الدموع تملأ عيونهم.. وبعضهم لم يستطع النطق في تلك اللحظات النادرة.. لحظات التأثر العميق في وداع جار غير عادي احب الناس واحبوه وتعودوا عليه.. وخاضوا معه اكبر تجربة في تاريخهم وها هو يتسرب منهم مغادرا الى اي مكان.. لم اتمكن من الصعود الى الدور الخامس واكتفيت بمراقبة الشرفة التي اطل منها عرفات وجيرانه علينا تأملت مكتب القائد العام الواقع في قبو البناية.. لم يقصف هذا المكان رغم انه معروف جيدا للاسرائيليين.. فلقد آثر شارون ان يحافظ عليه كما هو ليتقط فيه صورا استعراضية يبيعها امجادا فارغة للاسرائيليين او يطبعها على بطاقات المعايدة وطوابع البريد. ولم يتحقق لشارون حلمه هذا رغم انه وقف بدبابته على بعد ميلين لا اكثر.. 

لقد قلت بيني وبين نفسي.. لو ان جدران هذا المكتب تستطيع الكلام لو انها تقول للناس حكايات واسرار هذه الغرف الصغيرة التي كان عرفات يسهر فيها من بداية الليل حتى ساعة الشروق، يلتقي بمبعوثين من مختلف انحاء العالم.. يعقد اجتماعات للجنة المركزية والقيادة المشتركة.. يتخذ قرارات كبيرة.. وعلى سطح المكتب سرادق دائم لتقبل العزاء بالشهداء.

هبط عرفات الى الشارع الضيق.. انهمر مطر الارز والورود.. وامتلأ الشارع بالمودعين، ولم أر في حياتي مئات الاشخاص يبكون في لحظة واحدة الا في ذلك المشهد المؤثر..

التفت الى جانبي ورأيت «عم عمر» ذلك الكهل الطيب الامين الذي كان يقوم على خدمتنا ويعاملنا بحنو ومحبة كما لو انه اب للجميع.. كان يجهش بالبكاء مددت يدي وقلت وداعا يا عم عمر.. عانقته بانفعال وكأنني اودعه للمرة الاخيرة.. كل حجر وورقة وذرة هواء في اذاعتنا ببيروت كان عمر واحد من مؤسسيها وبُناتها منذ الايام الاولى وحتى يوم الرحيل.

كان ابو محمد السائق الشجاع والذي اسميناه ابو نبيل.. يقود بي سيارة التويوتا الصغيرة كان شاحب الوجه.. ولم يستطع الكلام فلربما كان الموقف بالنسبة له اكبر من قدرته على التعبير.. انطلقنا خلف موكب عرفات لنصل اخيرا الى منزل كمال جنبلاط ومقر الحزب التقدمي الاشتراكي.. كان عرفات يعشق هذا الاسم.. كمال جنبلاط.. كان يحبه بعمق.. ويحترم ذكراه وكان يقول عنه دائما انه جيوش تحارب معنا.. مضت قرابة ساعة التقى خلالها ابو عمار بوليد جنبلاط ومحسن ابراهيم وجورج حاوي وكثيرين من قادة الحركة الوطنية.. اندلع صوت الرصاص وانهمر مطر الارز والورد، وعرفنا ان القائد انهى زيارته الوداعية لذكرى أقرب الاقربين الى قلبه. وانطلق الموكب المهيب باتجاه دار رئاسة الوزراء في محلة الصنائع.. ومن هناك الى ميناء بيروت.

كان الوقت يمضي متسارعا.. وكلما اقتربنا من لحظة الفراق، كنت اتخيل بيروت بكل اهلها وجبروتها اشبه بقلب كبير ينبض بصوت عميق فيهزني من الاعماق لم التفت لفخامة طابور حرس الشرف الذي اصطف لوداع عرفات.. لم ادقق في وجوه المودعين فكل لبنان كان هناك حتى الاعداء.. كانوا يراقبون المشهد الكبير من فوق اسطح العمارات المرتفعة.. وكان ياسر عرفات وهو يستعرض بصعوبة حرس الشرف.. يصر على ان ينظر الى اعلى.. رافعا اشارة النصر التي اشتهر بها، راسما ابتسامة عريضة على وجهه بينما داخله يشتعل بمشاعر عاصفة..

وقف رجال الكفاح المسلح بانتظام ليؤدوا تحية القائد العام على انغام النشيد الوطني وتحت ظلال العلم الفلسطيني.. ولكم رأيت رجال الكفاح المسلح في مشاهد احتفالية.. غير ان الشيء الذي رأيته لاول مرة.. هي تلك الدموع التي كانت تنساب بصمت من مآقي الجنود الاشداء.. الذين كانوا بالامس على خطوط التماس..

تجمعنا في داخل الباخرة.. لم اتابع المشهد الاحتفالي الاخير والذي شارك فيه القادة والزعماء.. تناهي الى سمعي صوت كلمات متبادلة.. وسمعت عن وسام صمود بيروت الذي تم تسليمه لرئيس الوزراء اللبناني.. تفرق الجمع وخرجنا كلنا الى شرفة السفينة اليونانية «اتلانتك» لمحت وجه سلوى العمد.. «بنت الشعب» وقد طغى عليه احمرار شديد.. لوحت بيدي لهذه الزميلة المناضلة وتذكرت انها اخترقت الحصار وجاءت لتموت او تعيش مع الثورة.. وها هي تودعنا الى البحر..

اطلقت الباخرة صفارتها القوية.. لم يبق امام اعيننا سوى محسن ابراهيم.. ووليد جنبلاط.. همست في اذن القائد العام قائلا.. انها المرة الاولى التي اشاهد فيها محسن ابراهيم يجهش بالبكاء.. رد القائد بنبرة متهدجة.. كان الله في عونه ان على اكتافه ثقل كبير كبير.. دخلنا الى قلب السفينة.. اخترت لنفسي مقعدا بجانب احد البحارة اليونانيين.. وكان عرفات وعدد من مرافقيه يجلسون في ركن بعيد.. لم تمض دقائق حتى انتظم مسار السفينة.. وقفت والزميل صالح قلاب في المقدمة نشاهد قطع المواكبة وهي مدمرة امريكية واخرى فرنسية.

ثم انضمت مدمرة يونانية، سألني صالح.. ماذا ستفعلون بالاذاعة.. تذكرت واقعة حدثت قبل ايام قليلة.. حين زارنا الاخ ابو جهاد نائب القائد العام في المقر المركزي.. وتناقشنا معه في مستقبل الاذاعة.. واقترح ان نقيم اذاعة في عرض البحر.. اذا ما رفض الاشقاء العرب اعطائنا مكانا لاذاعة كانت السفينة تشق سطح البحر والسماء الزرقاء تغلف وحدتنا.. وبيروت تبتعد عنا..

احسسنا جميعا برغبة في التحلق حول عرفات.. وكأنه لم يكن امامنا سوى واحد من خيارين.. اما ان نستسلم لعاطفتنا الملتهبة فننفجر بالبكاء.. واما ان نتعامل مع الحقيقة بقدر عال من الموضوعية والواقعية والصرامة.. وكان ان اختار عرفات بالنيابة عنا. استدعى حسن احد المرافقين والمسؤول عن جهاز اللاسلكي.. واملى عليه برقية عاجلة للجميع.. وافونا بالموقف.. وفي اليوم التالي.. كان مشروع ريجان هو اول عمل جدي يناقشه القائد معنا على ظهر السفينة اليونانية.

شهادة من ارض الوطن

تمثل اذاعة فلسطين بالنسبة للشعب الفلسطيني في كل مكان، وخاصة داخل الارض المحتلة، رمزا للهوية الوطنية الكفاحية لهذا الشعب. ونورد هنا مقالا كتبته صحيفة الاتحاد الصادرة في فلسطين المحتلة في العاشر من ايلول بعنوان «صوت فلسطين» يتحدث المقال عن الاذاعة ودورها خلال الحرب، ومكانتها في وجدان الشعب، وموقعها في مسيرة كفاحه.

ها قد مر علينا حوالي اسبوعين لم نستمع خلالهما الى الصوت الوحيد من بين جميع الاذاعات في المنطقة الذي احببناه ووثقنا به واعتمدنا عليه في معرفة حقيقة ما يدور في لبنان خلال الحرب - الا وهو «صوت فلسطين صوت الثورة الفلسطينية».

لقد احترمنا هذا الصوت قبل الحرب ايضا. لانه على الرغم من امكانياته المادية الفقيرة وساعات بثه المحدودة، نجح في ان يكون اذاعة وطنية حرة لشعب مكافح تتقدم وتتطور باستمرار. ولكل دوره ومسؤوليته خلال الحرب، تضاعفا بما لا يقاس حتى بات الصوت الذي لا غنى عنه، الصوت الصادق والمسؤول والموضوعي والواقعي.

اذكر انه في اول يومين من الحرب انقطع عنا ولم تنفع كل الجهود لاسترداده. وفي اليوم الثالث للحرب (6 حزيران 1982) كنا في «حيص بيص» بالنسبة لحجم الحرب ومداها واتساع نطاقها. كان «صوت اسرائيل» يتكلم عن عملية «سلامة الجليل» ويدعو الفدائيين الفلسطينيين واللبنانيين واهالي صور وصيدا والدامور للاستسلام. وكانت الاصوات «الموضوعية جدا جدا» من لندن تمزق الاعصاب في تقاريرها المتوازنة بين اسرائيل واذاعة الكتائب في لبنان. وكانت «مونت كارلو» تخبرك: اعلن وزير الدفاع الاسرائيلي.. وقال - سنقضي على المخربين - حسب تعبير.. عدد القتلى حتى الآن الفان و.. مالبورو سيجارة الرجال.

وما كان ممكنا الا ان نعتمد على «صوت اسرائيل» محاولين قدر الامكان عدم الوقوع في مطبات حربه النفسية. وقد انعم علينا «صوت اسرائيل» هذه المرة بحملة اعلامية كاذبة من اولها الى آخرها حتى صار ضروريا اسقاطه من الحساب.

وبعد فترة من مرمطة الاعصاب وشراء جهاز اذاعي متطور وباهظ الثمن تمكنا من التقاط صوت فلسطين - بأهازيجه الوطنية «ما بنسلم ما منتحول يا وطني المحتل» واخباره الدقيقة وتحليلاته الصحيحة ومواقفه المسؤولة.

استمعنا اليه وواصلنا الاستماع. واذا بالمقاتلين الفلسطينيين الذين يدعوهم الجيش الاسرائيلي المغوار الى الاستسلام يردون الصاع صاعين ويكبدونه خسائر لم يتوقعها احد. واذا بالمقاتلين الذين جاء جيش اسرائيل لسحقهم وتصفية قيادتهم وقضية شعبهم يواجهونه ببسالة لم يشهدها في كل حروبه (باعتراف قادته وضباطه). واذا بالمقاتلين الذين حرضهم صوت اسرائيل على اصدقائهم وحلفائهم - استسلموا لن ينفعكم السوفييت ولا السوريون ولا قادتكم المغامرون على حساب ارواحكم- واذا بهم يسقطون اربع طائرات اسرائيلية (اعترفت اسرائيل بثلاث منها) ويأسرون الجنود الاسرائيليين ويعرقلون تقدم الجيش المعتدي ويصدونه على مختلف الجبهات ويمنعونه بالتالي، بصمودهم الاسطوري، من احتلال بيروت الغربية.

ويحكي صوت فلسطين عن حرب الانصار الفتاكه التي اخفتها السلطات الاسرائيلية فترة طويلة.. واضطرت الى الحديث عنها فقط بعد ان صارت سيرتها على كل لسان.

ويحيي صوت فلسطين رجاله بالاهزوجة الشعبية الوطنية -

يا حلالي يا مالي

حياكم الله مرحبا حيي الرجال الثائرين

ياللي سمعتم للنداء من صوتنا الحر الامين

من شعبنا رمز الابا ومن ثورته ع الغاصبين

تنحررك يا بلادنا ونعود بالنصر المبين.

ويبث صوت فلسطين الاهازيج الجديدة المنطلقة من قلب الخنادق والملاجئ والمستشفيات والمدارس والعمارات المهددة كلها بالقصف والتدمير الوحشي. ويبث الزغاريد فتتغلب على اصوات القصف وتودع وتستقبل الشهيد تلو الشهيد. ويبث اغاني الثورة العربية الجديدة - مارسيل والقعبور ونعم. ويحكي عن الجرائم وعن البطولات. ولا ينسى في عز القتل والدمار ان يقول: شعب فلسطين يريد السلام العادل. يقول ويعيد. ولا يخطئ في تحديد الصديق والعدو. ولا يعرف الخنوع والمواقف المائعة. يتكلم عن الحب والانسانية. عن الارض والذاكرة. عن الحرب والسلم. عن الثورة والمستقبل. عن اخوة الشعوب والديمقراطية. لا نسمع فيه اي صوت للفاشية الشوفينية او العنصرية او الحربجية او التوسع والعدوان.. تلك التي نجدها «حبطرش» في صوت اسرائيل بكل لغاته.

في 28/8/1982 سكتت اذاعة صوت فلسطين لم تسكت فجأة. فقبل يوم اعلن المذيع بصوت الرجال ساعة فراق غال وعزيز اعلن عن توقف البث من بيروت حيث سيخرج كادر العاملين في الاذاعة مع سائر الثوار الذين سيخرجوا كي لا يجلبوا المزيد من الدمار على اهل بيروت الغربية.

وفي اسرائيل، حيث يبحثون بسراج وفتيل عن اخبار تبين انهم انتصروا في لبنان وتتستر على هزائمهم المتلاحقة عسكريا وسياسيا، ابرزوا الخبر بشكل غير عادي. عشر سنوات تجاهلوا صوت فلسطين واليوم اعترفوا به وبأهميته فنشروا الخبر على عرض ستة اعمدة وفي رأس صفحات الاخبار في الصحف (يديعوت احرونوت 29/8) وابرزوه في الاذاعة والتلفزيون ليظهروا انه انتصار. ولم يتورع هؤلاء عن استخدام كلمات: لم يعد هناك صوت اسمه صوت فلسطين.

اية اوهام تلك. اية اوهام! هل يمكن ان يتلاشى صوت فلسطين؟ في يوم من الايام تساءلت رئيسة حكومة اسرائيل الراحلة غولدامائير: «اين هو الشعب الفلسطيني؟». واذا بهذا الشعب يقف كالمارد يواجه جيشها الجبار ويقض مضاجع ورثتها في كل مكان تواجده.

كذلك صوت فلسطين.

لقد سكتت الاذاعة في بيروت. لكنها لم تسكت الى الابد. سكتت لكي تبث بعد النصر المبين من القدس العربية المحتلة عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة. وحتى ذلك الحين سيبقى صوت فلسطين يصدح، اقوى من اي وقت مضى وفي كل مكان يتواجد فيه الفلسطينيون: في الناصرة وحلحول وغزة والجليل، في حيفا وتل ابيب ونابلس وعكا ويافا. في قبرص وتونس ودمشق وباريس. دائما سيصدح هذا الصوت وسنسمعه اثر كل كذبة جديدة يبثها «صوت اسرائيل» واثر كل تصريح عدواني جديد يتباهى به ويكرره واثر كل فعلة احتلالية عنصرية. ولن نسمح بأن يخبو هذا الصوت مهما يكلفنا هذا من ثمن. 

المؤلف

نبيل عمرو، شغل المواقع الرسمية التالية:

سفيرا لدولة فلسطين لدى الاتحاد السوفياتي.

عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني الاول

وزيرا للشؤون البرلمانية

وزيرا للاعلام

سفيرا لدى جمهورية مصر العربية ومندوبا دائما لفلسطين لدى جامعة الدول العربية.




















الأحد، 22 فبراير 2015

مأزق حركة حماس
الجمعة 20/2/2015م    19:05م
 
 الفتح نيوز- كتب\\ محمد قواص- خبرت حركةُ حماس في السنوات الأخيرة سلسلة من الاستحقاقات جعلتها في مواجهة تطورات أنتجت مواقف متقلّبة مرتبكة. بشّر الفرعُ الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين بسطوة العهد الإسلامي بديلاً عن المشروع الوطني، وذهبت الخصومة مع حركة فتح إلى حدّ الاجتثاث المعروف في قطاع غزة، فيما استبشرت حركة الشيخ أحمد ياسين خيراً برياح الربيع العربي من حيث أنها امتداد لرواج الإسلام السياسي في المنطقة برمتها.
تأخرت حركةُ حماس حتى منتصف الثمانينات للالتحاق بالعمل الفلسطيني الميداني، السلمي والمسلح، فيما الفصائل الفلسطينية الأخرى بدأت سعيها لتحرير فلسطين منذ الستينات. كانت لحركة حماس، بمسمياتها المختلفة قبل ذلك، عقيدة فقهية تجمعها بجماعة حسن البنا، لا تجد الصدام مع المحتل أولوية، ذلك أن قبله عهدا من الإعداد والدعوة، ولم تكن تشاطر بقية الفصائل قتالها، وقد يحدث ألا تعتبر قتلاهم شهداء، فلذلك تفسيراتٌ واجتهادات.
لم يأت انخراط حركة حماس في الانتفاضة الفلسطينية الأولى وما بعدها بما يعزز العمل الفلسطيني العام بحليف. فقد مثّل الجهد الحمساوي تناقضاً عضوياً، وربما وظيفياً، مع بقية الفصائل الفلسطينية، لعلمانيتها وقوميتها ويساريتها، ثم تحوّل الوجود الحمساوي إلى نقيض لسلطة أوسلو، بما ينطوي التناقض من صدام، كانت إسرائيل تتأمله بغبطة وخبث.
على أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، حاول من ضمن دوره كـ”قائد للشعب الفلسطيني”، وبالتالي لكل الفلسطينيين بمن فيهم الحمساويون، أن يستوعبَ التناقض مع الجناح الإسلامي للحراك الفلسطيني، بل وأن يسهّل له مناوراته العسكرية، ويستند على “تطرفه” في مفاوضاته مع إسرائيل بالرعاية الأميركية المعروفة في حلقاتها المتعددة في كامب دايفيد وواي ريفرز وغيرهما. لكن التناقض الذي كان تحت السيطرة في عهد الزعيم الراحل، انفجر بعد غيابه وقاد إلى ما بات معروفاً من شقاق داخلي فلسطيني -فلسطيني لا ينتهي.
تحركت حركةُ حماس ضمن المنظومة الجيوسياسية التي تقودها طهران في المنطقة. بات التحالفُ كاملاً متكاملاً بين كيانات محور “الممانعة” الذي راج وتمدد على قاعدة العداء لما يُطلق عليه بقوى الاعتدال في المنطقة. باتت حماس متناقضةً مع السعودية لصالح إيران، وهو ما فسّر إخفاق الرياض في رعاية مصالحة فلسطينية-فلسطينية لا ترضى عنها طهران (وحليفتها دمشق). باتت الحركة الفلسطينية الإسلامية فاقدةً لغطاء عربي عام، على ما كان ينعمُ به الحراك الفلسطيني منذ منظمة التحرير الفلسطينية، رهينةَ محور طهران-دمشق، بحيث صار الفعلُ الميداني الفلسطيني، الذي بات الإسلام الجهادي يحتكره، ملتحقا بأجندة غير عربية، مستخدما وفق مقتضيات السياسة الخارجية للوليّ الفقيه.
المفارقة أن تناقضاً عقائدياً يبعدُ حماس عن منهج الخمينية وقواعد الجمهورية الإسلامية. لم تكن قاعدة حماس وقيادتها تخفي مقتها لإيران في الجوهر والشكل، ذلك أن المذهبية السنية الشيعية وجدت رواجاً في تلك العلاقة غير الصحية بين أتباع البنا وأتباع الخميني. وحين حصل الطلاق بين حماس وطهران على خلفية الموقف من دمشق، تحررت الأصوات الحمساوية وأفرجت عن حقد مذهبي كان مدفوناً تحت تراب التحالف الإسلامي ضد “قوى الاستكبار”.
سوّقت حركة حماس، على غرار حزب الله، للمقاومة بديلاً عن نهج الاعتدال والتفاوض. بدأت حركة فتح مسيرتها عام 1965 منتهجةً نفس السلوك ضد النمط العربي “المهادن” والذي “انتكس” عام 1967. قادت فتح العمل المسلح، والتحقت بها بقية الفصائل. بيْد أن مآسي الصدام التي قادت إلى “أوسلو”، قادت حركة حماس إلى مقاربة مماثلة بتعابير مختلفة للصراع مع إسرائيل. باتت حماس أسيرةَ اتفاقات وقف إطلاق نار برعاية خارجية، فيما خطابها السياسي يتأرجحُ بين الموافقة على مفاوضات تجريها السلطة، مروراً بالموافقة على هدنة طويلة الأمد مع المحتل، انتهاء بالتلميح بأنها الطرف الممكن أن يكون بديلاً “مقبولاً” عن سلطة أوسلو.
قطعت حماس علاقتها بنظام دمشق، التحقت بورشة الإخوان للانقضاض على الربيع العربي. بدت حماس معنيةً بتطورات اليمن وليبيا وتونس، كما بتلك في مصر التي انتهت إلى تولي محمد مرسي رئاسة البلد. بدا أن شمس حماس ترتفعُ وأن تفوّقها الفلسطيني سيمتدُ إلى الضفة الغربية ومخيمات الشتات، وأن استثنائيتها في المشهد الفلسطيني أضحت من عاديات المشهد العربي الصاعد.

تفقدُ حماس امتدادها الحيوي المصري بإزاحة الإخوان عن حكم مصر. وتفقدُ حماس أحلامَها الطموحة بتقهقر التقدم الإخواني في اليمن وليبيا وتونس. لم تعدْ الحركةُ تتمتعُ برعاية دمشق، وليس بإمكانها التعويل على علاقة ود مع دول الخليج، فيما القطيعة مع طهران أصابتها بعزلة مالية وسياسية، وتبدو علاقتها مع الدوحة رهن المزاج الخليجي الذي يضغط على قطر باتجاه خيارات بديلة.
هكذا تستيقظُ حماس على كمّ من الحقائق وكمّ من الأوهام تجعلُ سعيها ارتجالياً يحاكي اليوميات، فيما أداؤها عاجزٌ عن إنتاج أفق سياسي واضح بعيد المدى.
تعوّل إيران على تطوّر علاقاتها مع مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي. على هذا لا يمكن لحماس التعويل على إعادة تمتين علاقاتها مع طهران من أجل ابتزاز الجانب المصري المناكف. حتى زعيم حزب الله، الذي ينطقُ عن الهوى الإيراني، لم يستنكرْ القرارات المصرية التي وضعت الجناح العسكري لحماس على لائحة الإرهاب. أما الصحف الإيرانية القريبة من الوليّ الفقيه، فتشنُ هجوماً على حماس مستنكرة ما قيل إنه شروط تمناها خالد مشعل (في اجتماع قيل إنه جمعه مع قاسم سليماني في تركيا) لتنظيم التواصل المستجد مع طهران (لاسيما إعفاءها من موقف مؤيد لنظام دمشق).
في هذا أن طريق حماس نحو طهران دونها صعاب ومعوقات لن تزيلها مغريات محمود الزهار أخيراً، بدعوته “لتشكيل مجموعات لكتائب القسام في مخيمات لبنان لفتح مواجهة مع العدو من الشمال. فحتى هذا الاقتراح لم يلحظْ أن وكالة الأمر محصورة في حزب الله دون غيره.
ما بين الدوحة وأنقرة وغزة تسعى حماس لتعظيم بقاء بات مهدداً. تحاول الحركة إعادة الوصل مع الرياض معزية بالملك الراحل، معوّلة على تغيير في مزاج العاصمة السعودية في عهد الملك سلمان. تأملُ حماس انتكاسة في الاتفاق الخليجي للاحتفاظ بقطر حليفاً، وهي غير مرتاحة لإرهاصات تقارب بين تركيا والسعودية، فيما الداخل الفلسطيني في رام الله يبدو غير مستعجل لمصالحة لطالما أملتها حماس مخرجاً لمحنتها.
هو زمن المحنة هو زمن المأزق، ولا بد أن ثماره لن تتأخر في مواسم الحصاد.
ـــــــ
م.م

حرب مصر وحماس العسكرية القادمة

تاريخ النشر : 2015-02-22
 
بقلم : عبدالله عيسى
رئيس التحرير

أصبحت العلاقة بين مصر وحماس مقلقة للغاية ولا اعتقد ان المسالة تتوقف عند مهاترات بعض الإعلاميين المصريين الذين يقرعون طبول الحرب ضد حماس وقطاع غزة في كل مناسبة وقد شرحت في مقال سابق أسباب ودوافع بعض الإعلاميين المصريين وهي دوافع شخصية وضيق افق ولكن ما نخشاه ان تؤثر مهاترات هؤلاء الإعلاميين في حشد موقف شعبي مصري في وقت ليس ببعيد ضاغط على القيادة المصرية لتوجيه ضربة عسكرية ضد قطاع غزة .

ومع إيماني بحكمة وحنكة الرئيس عبدالفتاح السيسي في اتخاذ القرار ولكن بالمقابل تجد قيادات شعوب في بعض الأحيان تحت ضغط شعبي مضطرة لاتخاذ قرارات مصيرية لا تتوافق مع قناعات القيادة وهذا حصل في أوقات كثيرة وفي دول كثيرة أيضا .

واعتقد نتيجة التسخين الإعلامي غير المسبوق ضد قطاع غزة وحماس من قبل بعض الإعلاميين انه في حال وقعت عملية بسيناء أسقطت ضحايا من الجيش المصري فان الجوقة الإعلامية المعروفة ستخرج بعد دقائق فقط وقبل ان تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية لتطالب بضرب غزة وتثير الرأي العام المصري بهذا الاتجاه .

وارى بان الحرب العسكرية بين مصر وغزة أصبحت قاب قوسين او أدني بفعل التحريض الإعلامي والمهاترات التي يقوم بها نفر من الإعلاميين والمحللين العسكريين المتقاعدين على شاشات فضائيات مصرية خاصة دون حساب لعواقب تحريضهم والى أين يمكن ان تصل الأمور بين شعبين شقيقين هما الشعب المصري والشعب الفلسطيني .

وسأروي بعض الحوادث التاريخية المشابهة لعل بعض الإعلاميين المصريين يرون المسالة بأفق أوسع من جلب المشاهدين لبرامجهم على حساب علاقات أخوية تعمدت بدم ألاف الشهداء المصريين منذ عام 1948 .

في يناير عام 1980 وبعد محاولات حثيثة من القذافي لإقامة وحدة فاشلة مع تونس قرر إسقاط النظام وتنصيب نظام اخر يؤيده ويقيم وحدة معه فاوجد معسكرات تدريب لعمال تونسيين في ليبيا ودربهم على قتال حرب العصابات ثم أرسل مجموعة منهم مع شاحنات مملوءة بالأسلحة الرشاشة والقنابل ومضادات الدروع تسللت بطريق ملتوية عبر الحدود الجزائرية وبدون علم حكومة الجزائر طبعا إلى مدينة قفصة في جنوب تونس التي وقع عليها اختيار القذافي لتكون بؤرة الثورة المسلحة ضد نظام الحبيب بورقيبة ونجحت المجموعة بالوصل الى الهدف واستولت على المدينة بمراكزها الأمنية وعلى ثكنة عسكرية للجيش التونسي خلال ساعات واستنفر الجيش التونسي وتدخلت فرنسا وأمريكا حتى تم القضاء على التمرد بعد نحو عشرة أيام .

كانت العلاقات بين القذافي وامريكا وفرنسا في غاية السوء ووجدت أمريكا في قيام تونس بتوجيه ضربة عسكرية لليبيا فرصة لا تعوض وطلبت ذلك من رئيس الوزراء التونسي في حينه الذي اقتنع بوجهة النظر الأمريكية من ناحية وأراد إرضاء الشارع التونسي الغاضب جدا ضد ممارسات القذافي .

توجه للرئيس التونسي الحبيب بورقيبة وعرض عليه وجهة نظر أمريكا وفرنسا وأنهما تعهدا بتزويد الجيش التونسي بكل من يحتاجه من مال وسلاح لتنفيذ الضربة العسكرية ضد ليبيا .

ويقال أن بورقيبة صرخ في وجه رئيس وزرائه وزجره في الكلام رافضا الخطة المطروحة وقال له انك ستفتح حربا وعلاقات كراهية وأحقاد بين شعبين إلى الأبد ولايوجد حرب خاطفة ان اندلعت الحرب لن تنتهي بسهولة كما تتخيل .

لم يحتمل رئيس وزرائه كلام بورقيبة وانفعل جدا وأصيب بمرض صعب واستقال من الحكومة طبعا وبقي مريضا مقعدا حتى وفاته .

حكمة بورقيبة أثبتت قدراته كزعيم تاريخي لتونس وتفادى حربا وكراهية وأحقاد ودماء كثيرة كانت ستسيل بين الشعبين التونسي والليبي .

في نفس الفترة عرضت أمريكا بضاعتها على صدام حسين وتدخلت دولا عربية فأقنعته بشن حرب خاطفة على إيران يقوم بموجبها بمنع تصدير الثورة الإيرانية للدول العربية فاندفع للحرب بعكس بورقيبة واستمرت الحرب الخاطفة المزعومة 8 سنوات سقط خلالها أكثر من مليوني قتيل عراقي وإيراني وكانت هذه النتيجة الأولى أما الثانية فهي الكراهية التي ما زالت حتى الآن بين الشعبين العراقي والإيراني والحرب الطائفية المقيتة التي يعيشها العراق .

وعودة الى مثال سبق وان اشر اليه في مقال سابق انه وبعد إقامة السلطة الفلسطينية امر الرئيس حسني مبارك وزير الصحة المصري بتسيير قوافل من المعونات الطبية وأطباء مصريين لقطاع غزة وقال له :"احرص على العلاقات الإنسانية والأخوية مع الشعب الفلسطيني لأنه لو ساءت العلاقات السياسية بيننا في يوم من الأيام تبقى علاقات الشعبين الفلسطيني والمصري راسخة ".!!.

وللأسف فان الدول العربية ترى وتسمع وتتابع ما يحصل بين مصر وغزة وحماس ولم تتطوع دولة عربية حتى الآن لراب الصدع وتفادي حرب يمكن أن تندلع في أية لحظة وقد يشعلها إعلامي يستثير غضب الشارع المصري ليضغط على القيادة لتنفيذ ضربة عسكرية ضد غزة .

اولا إنا ارفض منطق المقارنة بين الدول العربية عسكريا لأنني أرى مجموع القوة العسكرية العربية بكافة جيوشها وبما فيها قوة المقاومة الفلسطينية بغزة هي عز للعرب كلهم وثانيا ارفض منطق التهديد بين الأشقاء العرب لان التهديد يجب أن يوجه ضد أعداء الأمة العربية فقط .

ولكن أقول لبعض الإعلاميين المصريين والمحللين العسكريين المتقاعدين ممن يقرعون طبول الحرب ضد غزة لو انه لاقدر الله اوقعت غارات جوية مصرية بغزة عدد كبير من الضحايا ورفضت حماس الرد فان فصائل أخرى ستقوم بالرد وستخرج عن قرار حماس ثم تجر حماس جرا للمواجهة ومعروف أن صواريخ حماس غير موجهة توجيها دقيقا للأهداف فماذا لو أوقعت ضحيا كثر في صفوف المدنيين او العسكريين المصريين بسيناء وفي ظل حرب كهذه فان المجموعات الإسلامية بسيناء ستجد فرصتها التي لاتعوض للانقضاض على مراكز أمنية ومعسكرات وإدارات الدولة ومنع سيدفع كل هذا البلاء توفيق عكاشة أم احمد موسى .

وهل بعد هذه الكارثة ستتفضل بعض الدول العربية لراب الصدع وحقن دماء الأشقاء ولماذا الانتظار ؟!

رحم الله خادم الحرمين الشريفين حكيم العرب الملك عبدالله بن عبد العزيز عندما تطوع لإزالة الخلافات السياسية بين مصر وقطر ولكن وفاته لم تمهله والأمل كبير بالملك سلمان بن عبدالعزيز وكل الزعماء العرب للتدخل قبل فوات الأوان ولتطرح الخلافات والاتهامات بين مصر وحماس على طاولة الحوار برعاية الأشقاء لإصلاح ذات البين ونتفادى كارثة يمكن أن تبقى آثارها عشرات السنين من عداوة وكراهية .

الوضع أراه متدهورا وتجاهل المشكلة لايسهم بحلها أبدا واتمنى على الإخوة الإعلاميين المصريين والمحللين السياسيين والعسكريين أن يوحدوا ولا يفرقوا وليتأكدوا ان دماء الجيش المصري أو أي مواطن مصري محرم ولايقبل بإراقته إلا كل فاقد ضمير وكما تحرصون على حقن دماء أبناء الشعب المصري فنحن كذلك ولكن لانريد لدائرة الدم أن تتسع وان نعين القيادة على اتخاذ القرار السليم والحكيم وان لاندفعها دفعا إلى قرارات فيها هلاك للشعبين المصري والفلسطيني .




الاثنين، 16 فبراير 2015


الجيش المصري يعلن شن غارات ضد "داعش" داخل ليبيا

أعلنت الجيش المصري شن ضربات على أهداف لتنظيم "داعش" داخل ليبيا، مؤكدا أن الغارات "حققت أهدافها"، "انتقاما" لقتل التنظيم 21 قبطيا مصريا. فيما قال قائد سلاح الجوي الليبي إن قواته شاركت في الضربات مؤكدا أنها ستتواصل.
Libyen Islamisten Demo in Bengasi 31.10.2014
قال بيان من القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية أورده التليفزيون المصري إن الجيش المصري قام فجر اليوم الاثنين (16 فبراير/شباط) بتوجيه ضربات جوية مركزة ضد معسكرات ومناطق تمركز ومخازن أسلحة وذخائر تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف إعلاميا بتنظيم"داعش") في ليبيا. وأكد البيان أن الضربات حققت الأهداف بدقة وأن الطائرات عادت لقواعدها سالمة.
وأوضح البيان أن الضربة الجوية جاءت "تنفيذا للقرارات الصادرة عن مجلس الدفاع الوطني وارتباطا بحق مصر في الدفاع عن امن واستقرار شعبها والقصاص والرد على الأعمال الإجرامية للعناصر والتنظيمات الإرهابية داخل وخارج البلاد". وعرض التليفزيون المصري لقطات لطائرات قتالية من المفترض أن تكون هي التي نفذت الضربات.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعا مساء الأحد إلى اجتماع طارئ لمجلس الدفاع الوطني متوعدا "القتلة" بالاقتصاص منهم "بالأسلوب والتوقيت المناسب".
وبث الفرع الليبي لتنظيم "الدولة الإسلامية" الأحد شريط فيديو يظهر فيه عدد من عناصره وهم يقطعون رؤوس مجموعة من الرجال قال إنهم 21 مصريا قبطيا خطفوا مؤخرا في ليبيا.
من جانبه قال قائد سلاح الجو الليبي لقناة العربية إن قواته شاركت الطائرات الحربية المصرية في توجيه ضربات لمواقع "داعش". وقال العميد الركن صقر الجروشي قائد سلاح الطيران التابع للحكومة الليبية المعترف بها دوليا إن العمليات مستمرة ضد أهداف التنظيم في ليبيا وأن الهجمات التي تمت فجر اليوم تركزت في درنة. وأضاف أن "الطلعات ستتم مع مصر بالتنسيق. وستستمر ضربات أخرى في هذا اليوم وفي اليوم الباكر".
ع.ج.م/م.م (أ ف ب، د ب أن رويترز)
وأهالي الأقباط المصريين للعربية.نت: نريد رد السادات

القاهرة – أشرف عبد الحميد
بعد بث تنظيم داعش الإرهابي فيديو ذبح 21 مصريا قبطيا، اشتعلت الأضواء الحمراء في كافة أروقة الدولة والحكومة المصرية، حيث توعدت مصر بالثأر للضحايا، ووضعت خطة عاجلة لإجلاء كافة المصريين من ليبيا.
وقالت مصادر مصرية إن هناك قرارات رئاسية حاسمة ستصدر خلال ساعات، ثأراً للضحايا المصريين، مضيفة أن مصر ستتحرك دولياً لإنهاء حالة الإرهاب الموجودة في ليبيا بالتنسيق مع المجتمع الدولي، خاصة فرنسا وإيطاليا.

قرى الضحايا تحولت لسرادقات عزاء كبيرة

اجتماعيا، شهدت قرى الضحايا، وهي العور وسمسون ودفش بمركز سمالوط محافظة المنيا بصعيد مصر، مشاهد يصعب وصفها، حيث تعالت الصرخات وسط حالات إماء لأمهات الضحايا، وتحولت القرى لسرادقات عزاء كبيرة، حيث توافد أهالي القرى المجاورة للمواساة وتقديم العزاء لهم.
وقال عطا سعد، شقيق أحد الضحايا، إنهم "علموا بخبر إعدام أبنائهم من وسائل الإعلام، وكانوا متيقنين من ذلك قبل الحادث بأيام"، مؤكدا "أن ذويهم مختطفون منذ 45 يوما ووزارة الخارجية لا تعلم شيئا عن مصيرهم، والدولة عاجزة عن معرفة مصيرهم".
وقال في تصريحات لـ"العربية.نت": "إنني وكل أهالي الضحايا نحتسب أبناءنا عند الله، لكن نريد جثامينهم، فهذا أقل شيء يخفف أحزاننا ويطفي نار غضبنا"، مطالبا "الدولة والرئيس عبدالفتاح السيسي أن يكرر ما فعله الرئيس السادات بتوجيه ضربة عسكرية إلى ليبيا انتقاما للضحايا وثأرا لهم"، ومؤكدا أن "القانون الدولي يتيح الحق لمصر في ذلك من أجل الانتقام لأبنائها".
وأضاف عطا أنهم "يرفضون استغلال الحادث للنيل من الرئيس السيسي والجيش والمخابرات"، مؤكدا "أنهم فوجئوا خلال وقفتهم بالكنيسة ببعض الأشخاص يطلبون منهم الهتاف ضد الدولة والسيسي، وهو ما رفضوه"، محملا وزارة الخارجية المسؤولية لتقصيرها طيلة 45 يوما، حتى إنهم طالبوا رئيس الوزراء إبراهيم محلب خلال اجتماعه بهم بأن يتولى الجيش والمخابرات ملف أبنائهم.
وأشار ملاك ناجي، شقيق ضحية أخرى، إلى أن الأهالي لا يطلبون الآن سوى جثامين أبنائهم والانتقام لهم، تاركين للدولة حرية اختيار الرد المناسب، معربا عن ثقتهم في الرئيس والجيش.
وأضاف قائلا "إننا نعيش كابوسا كبيرا منذ بث صور أبنائنا على مواقع تابعة لداعش"، مشيرا إلى أن "القرية في حالة يرثى لها".

وزير الخارجية يطير إلى نيويورك لتصعيد الأزمة دوليا

وزارة الخارجية وعلى لسان المتحدث الرسمي السفير بدر عبدالعاطي، أعلنت أن خلية الأزمة في حالة انعقاد دائم وتواصل اتصالاتها مع كافة الأطراف الليبية بهدف استجلاء الموقف والوقوف على حقيقته.
وقال المتحدث إنه في هذا السياق وبتكليف من الرئيس السيسي، يقود الوزير سامح شكري تحركا دبلوماسيا مكثفا، حيث سيتوجه وزير الخارجية إلى نيويورك خلال اليومين القادمين لإجراء لقاءات مع أعضاء مجلس الأمن وسكرتير عام الأمم المتحدة لتناول موضوع ليبيا والوضع الأمني والسياسي هناك، باعتباره يهدد السلم والأمن الدوليين.
ثم يتوجه شكري بعد ذلك إلى واشنطن للمشاركة في قمة الإرهاب التي دعا إليها الرئيس الأميركي لعرض رؤية مصر تجاه قضية الإرهاب، وضرورة التعامل معها والتنظيمات الإرهابية في إطار شامل بعيدا عن الانتقائية وازدواجية المعايير، فضلا عن إجراء لقاءات مع وزراء الخارجية المشاركين لبحث التنسيق حول مواجهة الإرهاب وأزمة المصريين في ليبيا.

الكنيسة: دماء الضحايا تصرخ إلى الله

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية استنكرت الحادث، مؤكدة أن دماء الضحايا تصرخ إلى الله، وأن مصر لن تهدأ حتى ينال الجناة جزاءهم.
وأعربت الكنيسة عن ثقتها في أن الوطن لن يهدأ له بال حتى ينال الجناة الأشرار جزاءهم العادل إزاء جريمتهم النكراء. وقالت في بيان صحافي: "إن الكنيسة إذ تشارك أسر أبنائها، فإننا نعزي الوطن كله، إن دماءهم تصرخ أمام الديان العادل الذي لا يغفل ولا ينام، وسوف يجازي كل أحد عما صنعته يداه، ونصلي إلى الله أن يحفظ مصر ووحدتها، وأن ينعم بالسلام في ربوع البلاد".

أحزاب سياسية تطالب بضربة جوية ضد داعش

وفي سياق متصل، طالبت قوى سياسية وحزبية بضربة عسكرية مباشرة لمعاقل داعش والمتطرفين في ليبيا على غرار ما فعلته القوات الأردنية عقب حرق الطيار معاذ الكساسبة.
وقال طارق محمود، الأمين العام لائتلاف دعم صندوق تحيا مصر لـ"العربية.نت"، إن مصر سترد بقوة على الأعمال الإجرامية التي ارتكبتها داعش بقتلها للمصريين بليبيا، ولن تكون مكتوفة الأيدي أمام تلك العصابات الإجرامية".
وأضاف أنه أصبح الآن من حق الدولة المصرية الرد على ذلك التنظيم الإرهابي في أي وقت وأي مكان وفقا للقانون الدولي، مطالبا الجالية المصرية المقيمة بليبيا بسرعة العودة إلى مصر حفاظاً على أرواحهم من أي مخاطر.
ودان حزب الدستور هذا العمل الإرهابي، مطالبا الحكومة المصرية باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أرواح المصريين في ليبيا، كما طالب الحكومة بدراسة كل البدائل المطروحة للرد على هذه الجريمة البشعة.
واستنكر نادر بكار، مساعد رئيس حزب النور لشؤون الإعلام، بشدة الجريمة البشعة، وشدد على أن حزب النور يصطف مع الدولة في حربها ضد هذا الإرهاب الآثم.



من السيدتان المطلوبتان لداعش مقابل المصريين بليبيا؟
كاميليا شحاتة
القاهرة - أشرف عبدالحميد
بعد أن هدد تنظيم "داعش" بإعدام المصريين المختطفين في ليبيا منذ مطلع يناير الماضي، ما لم يتم تسليم كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين، اللتين ترددت شائعات عن تحولهما للإسلام، ثم عودتهما للمسيحية مرة أخرى تكشف "العربية.نت" هوية هاتين السيدتين.
بداية تعود قصة كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين إلى السنوات الأخيرة من عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث خرجت شائعات تفيد اعتناق السيدتين القبطيتين للإسلام، وروجت جماعات سلفية أخباراً مفادها أن الدولة المصرية رفضت حمايتهما بعد إشهار إسلامهما وسلمتهما للكنيسة منعاً للفتنة ودرءاً لأي خطر يهدد الوحدة الوطنية.
ورغم تأكيدات الدولة بعدم اعتناق السيدتين للإسلام إلا أن الجماعات السلفية هددت بقتل الأقباط والبابا شنودة نفسه، بابا الأقباط، وتنظيم مظاهرات ضد الدولة ما لم يتم تسليم السيدتين وحمايتهما، بل أكدت مواقع السلفيين أن وفاء قسطنطين تم اختطافها وتسليمها للكنيسة التي نفتها في دير بالبحيرة، بينما خرجت كاميليا شحاتة على شاشة إحدى الفضائيات لتؤكد عدم صحة اعتناقها للإسلام أو تسليمها للكنيسة مؤكدة أنها تركت منزلها نتيجة خلافات زوجية.

من هي كاميليا شحاتة

اسمها بالكامل كاميليا شحاتة زاخر مسعد، من مواليد 22 يوليو 1985 دير مواس بمحافظة المنيا بصعيد مصر، وتعمل معلمة بمدرسة دلجا الإعدادية وزوجة لقس يدعى "تادرس سمعان" كاهن دير مواس، وهي حاصلة على بكالوريوس العلوم والتربية تخصص تاريخ طبيعي من جامعة المنيا في العام 2006.
تقدم زوجها ببلاغ عن اختفائها وشهد مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية تظاهر مئات من الأقباط احتجاجاً على ذلك، وطالب الأقباط أجهزة الأمن بسرعة التحرك لكشف غموض الحادث.
ووسط أنباء عن ظهور زوجة القس المختفية بالجمعية الشرعية الإسلامية بالمنيا حضر لمقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية عيد لبيب عضو مجلس الشورى، حيث أوضح بصورة غير مباشرة للمعتصمين بأن السيدة كاميليا قد ذهبت بإرادتها لمقر الجمعية الشرعية الإسلامية وهنا زاد الغموض أكثر حول اعتناقها الإسلام ولجوئها لأحد قيادات التيارات الإسلامية لحمايتها.
وما زاد من الغموض أكثر ظهور تسجيل صوتي وآخر مرئي مع شخص يدعى "أبو يحيى مفتاح محمد فاضل"، من سكان المنيا، يقول فيه إن كاميليا توجهت إليه لطلب مساعدته في إشهار إسلامها وأظهر صورة التقطت لها وهي تستكمل إجراءات إشهار إسلامها، وقامت بعض المواقع الإسلامية بنشر مستندات وصور شخصية لكاميليا قيل إنها كانت قد تركتها مع الأسرة التي استضافتها في بيتها حين أشهرت إسلامها كما قامت قنوات فضائية إسلامية ببث برامج تؤكد ذلك.
وخرجت مظاهرة حاشدة ضد البابا شنودة أمام مسجد النور بالعباسية مطالبة بالكشف عن مكان كاميليا كما خرجت وقفات متتالية واحدة في مسجد الفتح بميدان رمسيس بالقاهرة تنديداً لما أسموه احتجاز الأقباط الذين اعتنقوا الإسلام داخل الأديرة والكنائس، وعلى رأسهم كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين وكرستين مصري، وطالب المتظاهرون بعزل البابا شنودة، وتزامن ذلك مع وقفة أخرى في مدينة الإسكندرية بمسجد القائد إبراهيم بالمنشية احتشد فيها الآلاف مطالبين بنفس المطالب.
وفى ليلة القدر من شهر رمضان عام 2010 في مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة قام أكثر من 30 ألف مسلم باحتجاجات حاشدة ضد البابا شنودة واتهامه باعتقال واحتجاز كاميليا بدون سلطة قانونية تتيح له ذلك وطالبوه بإظهار وفاء قسطنطين التي تحتجز بالكنيسة منذ أكثر من خمس سنوات واتهم المحتجون الحكومة بالضعف أمام الكنيسة القبطية التي اعتبرها المحتجون دولة داخل الدولة.
وفي مفاجأة قلبت الأمور رأساً على عقب، ظهرت كاميليا شحاتة في لقاء مذاع على الهواء على قناة مسيحية يوم 8 مايو 2011 وأعلنت عدم صحة ما تردد عن اعتناقها الإسلام وأكدت أنها اختفت من منزلها بسبب خلافات زوجية وبدون علم أهلها وأنها عادت لمنزل زوجها الذي ظهر بجوارها في الفيديو.

وفاء قسطنطين

أما وفاء قسطنطين، فهي من مواليد العام 1956 وتعمل مهندسة زراعية، وكانت متزوجة من "مجدي يوسف عوض" وهو كاهن مسيحي مصري راعي كنيسة أبو المطامير في محافظة البحيرة وأنجبت منه ولداً وبنتاً، وأصبح الولد "مينا" مهندساً والبنت "شيري" حاصلة على بكالوريوس علوم وقيل إنها أعلنت إسلامها في 2006.
على إثر هذه الأقاويل ثارت الكنيسة المصرية والأقباط وقاموا بتظاهرات أكدوا فيها أنها أجبرت على الدخول في الدين الإسلامي. فأثارت قضيتها الرأي العام المصري إلى أن تدخل الرئيس الأسبق حسني مبارك وأمر بتسليمها للكنيسة، لتدعها الكنيسة في بيت للراهبات في منطقة النعام في القاهرة عدة أيام قبل أن تنقل إلى دير الأنبا بيشوي، حيث التقت البابا شنودة وأمر بتعيينها في الكاتدرائية وعدم عودتها إلى بلدتها مرة أخرى.
ولم تظهر وفاء مرة أخرى من ذلك الحين وسط ادعاءات بقتلها من قبل الكنيسة عقاباً لها، وأعلن وقتها أن البابا شنودة رفض بشكل نهائي ظهورها، لأن هذا سيسبب الكثير من المشاكل للكنيسة.
وكانت هذه الحادثة سبباً في قيام جماعة تابعة لتنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" باقتحام إحدى كنائس بغداد وقتل أكثر من 50 مصلياً، كما توعد هذا التنظيم بهجمات أخرى ما لم يتم إطلاق سراحها.