خطة كيري
كتب غازي مرتجى
بات من المؤكد تمديد المباحثات الفلسطينية - الإسرائيلية لفترة زمنية أخرى ربما تزيد عن المدّة الأولى .. واللافت أيضاً أن رئيس وفد المفاوضات الفلسطيني سيبقى على حاله مع احتمال بقاء "ليفني" عن الجانب الإسرائيلي ما لم تطرأ تغيرّات داخلية إسرائيلية بإسقاط الحكومة أو تفكك الائتلاف الحكومي .خطة كيري الأخيرة التي أثارت جدلاً واسعاً ورفضها الرئيس أبو مازن طبقاً لمصادر صحفية وليس "علناً" تفتح الباب واسعاً عن حقيقة الوساطة الأمريكية في المفاوضات الجارية بل وتقطع الخطة الشك باليقين أنّ الولايات المتحدة طرفاً وليس وسيطاً .
هدف الولايات المتحدة و"كيري" ليس كما يبدو للعيان بأنه وساطة لأجل إنهاء الصراع في الشرق الأوسط أو حتى طرح حلول مقبولة للطرفين , بل وكما درجت العادة فمن يتحكّم بالقضية الفلسطينية أو يُهاجم قيادات الشعب الفلسطيني أو يسيطر على "بعض القرارات" هنا أو هناك في الداخل الفلسطيني عندها يدخل "اللعبة الدولية" - فما بال الولايات المتحدة الأمريكية وهي تُمسك بزمام اللعبة كاملة !؟ - فالولايات المتحدة تلقّت في زمن "أوباما" عدة ضربات كانت كفيلة بانهيار الثقة إلى ما لا نهاية بالنظام الأمريكي وعودة جهات وقوى أخرى للواجهة .
إيران النووية , وبشّار قاتل المائة ألف سوري تمكّنوا من انتزاع حقوقهم حتى لو كانت منقوصة وأجبروا الولايات المتحدة على التنازل لصالحهم على الرغم من التهديدات الأمريكية والإسرائيلية الشديدة اللهجة حتى لحظة توقيع اتفاق جنيف الأخير .
في خطة كيري الأمنية , تطرح الولايات المتحدة أن يستمر التواجد الإسرائيلي في "غور الأردن" حتى تصل أجهزة الأمن لحالة تمكنّها من السيطرة على الوضع الأمني دونما تدخل إسرائيلي , تماماً كما " أراضي C" التي من المفترض أن تكون السلطة قد تسلمّتها منذ عقد مضى وفق اتفاقية أوسلو ! يُطرح أيضاً إمكانية تسليم السيطرة لحلف الناتو بديلاً عن الإسرائيليين والفلسطينيين .. لماذا لم تطرح القيادة الفلسطينية قوات عربية دولية روسية أوروبية شكنازية بدلاً من الناتو وحده !؟
الخطة الأمنية المذكورة لم تتحدث عن "جدار الفصل" على الرغم من التهامه نسبة ليست ببسيطة من أراضي فلسطين 67 , لماذا لم تُثر السلطة تلك "النقطة" في المفاوضات التي لا تزال مستمرة !؟
الخطة الأمنية التي رسمها "كيري" تتحدث عن الاعتراف بيهودية الدولة ويكون الاعتراف "عربي" وليس "فلسطيني" فحسب ! , "كيري" يبرر ذلك بأنه يرفع الحرج عن القيادة الفلسطينية لكنه يعلم تماماً أنّ "العرب" سيبيعوا "ملابسهم الداخلية" بمقابل الحفاظ على حكمهم أو الحصول على فتات المساعدات الأمريكية .. النتيجة معروفة مسبقا ً !
لم تتحدث الخطة المذكورة عن وضع القدس الشرقية , فالغربية محسوم أمرها , أما الشرقية فيتم تأجيلها إلى مفاوضات الوضع النهائي .. أو تُسند مفاوضاتها للأردن بما أنّ الوصاية الدينية للقدس أُسندت مؤخراً للبلاط الملكي الأردني .. هنا يكمن سر القرار الوطني الفلسطيني المستقل .. المُنتهي !
بالتأكيد , لم تتطرق خطة كيري إلى وضع قطاع غزّة , واقتصرت الخطة على "الضفة" واعتُبرت غزة مُحرّرة بلا احتلال .. وهو عكس الواقع الذي ما زالت فيه إسرائيل تتحكم بكل شيء في قطاع غزة .. حتى الهواء لو أرادت إسرائيل قطعه ستقطعه مرّة وإلى الأبد ! .. لماذا لم تطرح القيادة الفلسطينية وضعية "غزّة" في المفاوضات الجارية , الإنقسام حجّة واهية في حال كان الإتفاق القادم مع اسرائيل نهائي ! .
الخطة الأمنية تُحرّم شراء "قطعة سلاح واحدة" إلا بموافقة إسرائيلية أو ضمن الشروط المقترحة في الخطة .. !
أهداف الخطة الأمريكية والمفاوضات الحالية , دولة منزوعة السيادة , ومجلس حكم فلسطيني لا يوجد بيده أي من أدوات اللعب الدولي .. ولا ضمانات على تجاوزات إسرائيل المتوقعة بقوّة !
أسئلة برسم الإجابة مطروحة على القيادة الفلسطينية ..
ما العمل .. في حال تفكّك الإئتلاف الحكومي الإسرائيلي , وتمكّن ليبرمان وأمثاله من الوصول إلى الحكم !؟
ما هي المكاسب .. في حال كانت غزة بجانب الضفة في أي إتفاق متوقع !؟
ماذا لو .. وقّعنا المصالحة الفلسطينية وأجرينا الإنتخابات وفاز "حزب الكنبة" بالانتخابات .. هل سيُرضي ذلك "الوسطاء والأطراف" الحاليين ؟
لماذا لم .. تفكر القيادة الفلسطينية بجلب وسيط "أوروبي" أو "روسي" للمفاوضات الحالية ؟ ألم تتمكن روسيا من انتزاع حقوق "دولة نووية" و "دولة إجرامية" ؟
لماذا لم .. تؤكد القيادة الفلسطينية على حق الشعب الفلسطيني "في الداخل والخارج" على إبداء رأيهم في أي اتفاق قادم !؟ وهل ستوافق ومن ثم تطرح "الموافقة" لاستفتاء .. أم ماذا !؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق