الكومبس – خاص: " الأحلامُ بوابة المستقبل "، هي الفكرة التي إستند عليها الشاب ريمون يوسف القادم من الموصل في العراق، للتحليق بأماله والوصول الى هدفه بأن يكون أحد أعضاء سمفونية حقيقية، يصدح المكان بصوت موسيقاها.
لم يكن الطريق سالكاً أمام يوسف، لكنه مع ذلك أيقن ان العمل هو ما يربط الحلم بالواقع، وإنطلاقاً من هذا المبدأ، واصل مشواره الموسيقي بالعزف على آلة الكمان، وحقق حضوراً فاعلاً في الفرقة السمفونية الوطنية السويدية، كأول وأصغر مهاجر، ينحدر من إصول شرق أوسطية.
يقول يوسف لـ "الكومبس"، ان عزفه ضمن فرقة السمفونية الوطنية السويدية، حلم لطالما تمنى تحقيقه.
بدأ ولع الشاب ريمون يوسف، 23 عاماً، بالموسيقى عندما كان طفلاً صغيراً، لكنه قبل ذلك، كان مولعاً بالرسم الا انه لم يتمكن من التواصل معه رغم شغفه به، حيث حالت مشكلة نظره دون ذلك.
ومن الرسم الى الموسيقى، حيث بدأ يوسف بالعزف على آلة الكمان، شجعه على ذلك، نشوءه في عائلة موسيقية، حيث كان والده مخرجاً مسرحياً، ووالدته مولعة بأغاني عمالقة الغناء العربي الأصيل، ليلتحق بمعهد الموسيقى في الموصل، الا ان الظروف التي حلّت بالموصل لم تساعده على إكمال دراسته. فغادرها الى سوريا.
599093_460766650632614_713117291_n.jpg
من الأوركن الى الكمان
يقول يوسف ان رحلته مع الموسيقى بدأت مع آلة الأوركن، حيث كانت والدته تنتظر منه ان يعزف لها على هذه الآلة الألحان الموسيقية التي تحبها، الا انه وفي قرارة نفسه كان مهتماً أكثر بالعزف على آلة الكمان، وهو ما قرره بعد حين، حيث أسس مع زملاء له في الموصل فرقة تراثية موسيقية، عزفوا من خلالها ألحان الشهير سيد درويش وبعض الكلاسيكيات الغربية.
يوضح يوسف ان شقيقه الذي يكبره بخمسة أعوام، شجعه كثيراً على مواصلة العزف وكان له خير داعم، سواء عندما كانا في الموصل او في سوريا، محطتهما الأولى في الهجرة قبل وصولهما السويد.
وفي السويد، أثنى يوسف على دور عازف العود العراقي الشهير أحمد الجوادي الذي كان يتابعه ويشجعه بإستمرار على مواصلة مشواره الموسيقي.
الدافع يحقق النجاح
تمكن يوسف في السويد التي وصلها في العام 2009 من دراسة اللغة بوقت قياسي وبمدة عام واحد، ليلتحق بعدها بمعهد الدراسات الموسيقية، وعن تلك الفترة يتحدث، قائلاً: بعد دراستي للغة السويدية، سألني مسؤولي عن ما الذي اريد عمله، فأجبته ان حلمي هو العزف ضمن أوركسترا حقيقية، حينها أجابني، بأن طلبي ليس مستحيلاً تحقيقه لكنه يحتاج الى الكثير من المثابرة والعمل.
تمكن يوسف بفترة قصيرة من الإلتحاق بالفرقة السمفوينة للشباب، حيث كان الأجنبي الوحيد فيها، وبعد عامين من الدراسة والتدريب المستمرين، رشحه أستاذه السويدي من أصل هنكاري للعزف ضمن فرقة السمفونية الوطنية السويدية، لكنه وقبل ذلك كان عليه إجراء إختبار لم يكن التحضير له سهلاً.
يقول يوسف: قبل الإختبار، تمرنت على العزف 11 ساعة يومياً ولمدة إسبوع كامل، وفي أوقات كثيرة كنت أنزل الى المخزن الموجود أسفل البناية، كي لا أزعج السكان بعزفي.
ويصف يوسف مشاعره بعد نجاحه في الإختبار، قائلاً: توجهت الى القاعة التي يعزف فيها أعضاء السمفونية، وأدهشني ما رأيت. أوركسترا متكاملة. ها أنا أقف أمام حلمي وقد تحول واقعاً. من سعادتي ترقرقت الدموع في عيني، خاصة ان قائد الأوركسترا الذي يكبرني بالسن، تقدم إلي بكل إحترام، مُعرّفاً بي كعضو جديد.
ويشكل يوسف العضو الأصغر في فرقة السمفونية الوطنية السويدية التي يتألف قوّامها من قرابة 75 عضواً، يعزف أعضاؤها على الآت متعددة، كما إنه الأجنبي الوحيد المنحدر من أصول شرق أوسطية في الفرقة.
يدرس يوسف حالياً في معهد الموسيقى، حيث يأمل ان يتابع دراسته الجامعية بعد ذلك في قسم الموسيقى، إختصاص آلة الكمان.
579087_450329598342986_1491359884_n.jpg
نصيحة للشباب: الدراسة هي الأفضل
ينصح يوسف الشباب، بإكمال دراستهم سواء أكانت في الموسيقى او غير ذلك، لأنها الطريق الأفضل، قائلاً: قد يتعبون في البداية لكنهم سيخرجون بضمانات كبيرة للمستقبل.
يقول يوسف: كنت أتمنى ان يشاركني أحد من أبناء بلدي مهنتي هذه وان نعمل في نفس المكان، فذلك شيء يسعدني جداً، لكن للأسف هناك من يعتقد ان الموسيقى لا يمكن الإعتماد عليها في سد الإحتياجات الحياتية، وذلك أمر غير صحيح، فالموسيقى لا يحددها زمان او مكان محددين، بل إنها تفتح الخيارات المتعددة أمام الفرد، ان لم يكن في السويد، ففي دول وانحاء مختلفة من العالم، خاصة إنها لغة لا تحتاج الى الكلمات، تمس الروح وتشحذ الخيال نحو آفاق متعددة.
أجرى الحوار : لينا سياوش – الكومبس.
عند الإقتباس يجب الإشارة الى المصدر، بخلاف ذلك يحق لنا كمؤسسة إعلامية مسجلة رسميّاً في السويد إتخاذ إجراءات قانونية بحق من يسرق جهدنا، سواء كان داخل السويد أو خارجها.