رئيسة الحكومة الأوكرانية السابقة يوليا تيموشينكو اعتبرت إحدى رموز “الثورة البرتقالية” في العام 2004. و لعبت دوراً وهي خلف القضبان في حث معارضي ساحة ميدان على المطالبة بحقوقهم ضد الرئيس فيكتور يانوكوفيتش. اليوم ترشح السياسية الثرية نفسها للانتخابات الرئاسية، لكن منافسها بترو بوروشينكو يتقدمها في الاستطلاعات. الانتخابات تأتي في وقت تواجه البلاد تحدياً كبيراً لإيجاد توافق وطني بين الأوكرانيين المنقسمين إلى موال ومعارض لروسيا. مراسل يورونيوز فيأوكرانيا سيرجيو كنتونه التقى تيموشنكو وأجرى معها هذا اللقاء.
يورونيوز: مرحباً بكِ على شاشة يوروينوز، الوضع في أوكرانيا صعب للغاية، التوتر يتصاعد مع روسيا، و خطر الحرب قائم، حرب أهلية على أقل تقدير. ما رأيكِ بتصريحات موسكو الأخيرة، وبخاصة تلك الصادرة عن الكرملين حول الوضع في أوكرانية؟
تيموشينكو: لا يوجد مخاوف من حرب أهلية في أوكرانيا، ففي شرق وجنوب أوكرانيا لا يوجد دعم لعدوان بوتين. ثمانية عشر بالمئة فقط من الناس في الشرق والجنوب يعتبرون أن دونيتسك، لوغانسك وخاركوف يجب أن تنفصل عن أوكرانيا وتلتحق بروسيا. وهذه نسبة صغيرة لا تأخذ بعين الاعتبار. لا يوجد نزعة انفصالية أو حرب أهلية. في الواقع يوجد حرب غير منطوقة يشنها بوتين على أوكرانيا، ويجب إيقافها على الفور.
يورونيوز: هل تعتقدين بأن جميع بلدان الاتحاد الأوربي على استعداد للمضيّ ضد روسيا؟ إن جزءً مهماً من هذه الدول تربطه علاقات ممتازة مع موسكو. وبشكل أدق، يوجد قادةٌ أوربيون تربطهم علاقات مع بوتين شخصياً. أتعتقدين فعلاً أن الاتحاد الأوروبي مهيّأ لاتخاذ خطوة ضد روسيا؟
تيموشينكو: ما أعتقده هو أن العالم أدرك منذ فترة طويلة، بأن نظاماً استبدادياً نشأ في روسيا بالتزامن مع إقامة اقتصاد مغلق. و بأن إجراءات فاسدة إلى حد ما يجري تداولها. العالم كان يفكر بطريقة لإعادة هذه الحالة إلى الوضع الطبيعي. وقد منح بوتين بنفسه العالم هذه الفرصة لإنهاء النظام القائم في روسيا، الذي يشكل تهديداً على السلم العالمي. القرم و أوكرانيا كانتا نوعاً من مصيدة وقع فيها بوتين، وأعتقد أن العد التنازلي بدأ لإنهاء نظامه.
يورونيوز: لنتحدث الآن عن الانتخابات الرئاسية، استطلاعات الرأي تظهر أنك تحصلين على نتائج جيدة بشكل متزايد، ولكن منافسك بوروشنكو لا يزال متقدماً على ما يبدو في الاستطلاعات. ألا تعتقدين أن تأجيل الانتخابات بسبب الأزمة سيكون لصالحك، لأنك قد تحصلين على نتائج أفضل؟
تيموشينكو: أنا أعارض بشكل كبير تأجيل الانتخابات الرئاسية لموعدٍ آخر. أعتقد أن الانتخابات يحب أن تجرى في الخامس والعشرين من أيار/مايو، بغض النظر عن أي شيء الآخر، الأولوية في البلاد هو الحصول على رئيس منتخب شرعياً. ذلك سيشكل عامل استقرار قوي للوضع في أوكرانيا ويوقف الأزمة الاقتصادية. أنا واثقة من أن الرئيس الجديد سيعمل بحزم وثبات، وسيتمكن من تغيير الكثير. على هذا النحو سأتحرك.
يورونيوز: ما أزال أذكر بعد إطلاق سراحك مباشرة ظهورك على المنصة في ساحة ميدان. في ذلك الوقت هل كنت تتوقعين كل هذه التبعات السياسية الكبيرة؟ دعيني أقول بشكل أوضح، هل كنت توقعين كل هذه الأزمة الجيوسياسية مع روسيا؟
تيموشنكو: لم أكن لأتوقع مثل هذه التحولات في مجريات الأحداث. خلال ثلاثة وعشرين عاماُ من الاستقلال، لم يكن لأحد أن يتصور حرباً تشنها روسيا ضد أوكرانيا. لكن الثورة نجحت، و منحت أوكرانيا استقلالاً حقيقياً و حرية حقيقية. بوتين لم يستطيع تقبل هذه الثورة أو التصالح معها. لقد اعتاد على الشعور بأنه من خلال التعامل مع نوع من “الطابور الخامس” ضمن حكومة البلاد، يستطيع تنفيذ جميع سياساته. كان عنده مخطط لتوسيع إمبراطوريته على حساب أوكرانيا. لكن الثورة أحبطت مخططاته.
يورونيوز: البلد تعاني مشكلة كبيرة فيما يتعلق بالتمثيل الديمقراطي والاجتماعي للجزء الشرقي من البلاد. يانوكوفيتشك كان على نحو ما الشخصية المعبرة عن حزب الأقاليم و عن المناطق الشرقية. بدون يانوكوفيتش حزب الأقاليم أصبح بطة عرجاء، و المشكلة مستمرة؟
تيموشنكو: أنت محق بأن الأوكرانيين في الشرق والجنوب يشعرون بشيء من ضعف الاهتمام بهم. لا يملكون سياسيين يمكنهم الاعتماد عليهم. لهذا السبب قضيت معظم وقتي في الأسابيع الماضية في المناطق الشرقية، كدونيتسك و لوغانسك، وأيضا بالقرب من المباني المغلقة، من أجل الاستماع للأوكرانيين في الشرق، و لفهم رسائلهم الموجهة إلى الحكومة الأوكرانية. أريد أن أفهم مطالبهم، و ما هو نوع الدعم الذي يريدونه من الحكومة الأوكرانية الجديدة. نحن نريد الوقوف إلى جانبهم. أعتقد أن هذا من القضايا الرئيسية اليوم. لقد كرست الكثير من الوقت لذلك، رغم الحملة الانتخابية. كما قال أحد الرؤساء العظماء في العالم لقد حان الوقت لتضميد جروح البلاد و التضامن بدلاً من الاقتتال. التفاهم المتبادل و التقارب باتجاه بعضنا هو السبيل لعودة السلام.
يورونيوز: كنت واحدة من قادة الثورة البرتقالية. هل يمكن أن تعقدي مقارنة و تشرحي لمشاهدينا، ليس فقط في أوكرانيا، بل في جميع أنحاء العالم، الفرق بين الثورة البرتقالية و التظاهرات التي جرت في ساحة ميدان؟
تيموشنكو: عندما قامت الثورة البرتقالية كانت مدعومة جزئياً من المرشح الرئاسي، فيكتور يوشتشينكو. لذا فهي ثورة قادها و دعمها الساسة، وجنى قطافها الناس. لكن هذه الثورة مختلفة كلياً. لقد قامت بدون دعم السياسة أو السياسيين. لقد كانت ثورة قادة من المجتمع المدني ومن أناس تبعوهم. كانت ثورة الأوكرانيين الطامحين للحرية، وهذا الفارق الجوهري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق