الاثنين، 23 مارس 2015

محكمة العدل العليا وغياب العدالة
22/03/2015 [ 06:51 ]
الإضافة بتاريخ:
محكمة العدل العليا وغياب العدالة

الكرامة برس-/// كتب ابراهيم الطهراوى ـ  في قرار غير متوقع فاجأ الكثير من المراقبين والحقوقيين والأعضاء في المجلس التشريعي محكمة العدل العليا الفلسطينية تقرر " رد دعوى " مقدمة من هيئة الدفاع عن النائب محمد دحلان بعدم قانونية قرار الرئيس الصادر في 30/1/2012 برفع الحصانة البرلمانية عن دحلان .
فقد توقع المراقبون أن تصدر المحكمة قرار بعدم شرعية المرسوم الرئاسي وأن هناك انتهاك صريح للقانون الاساسي وللوائح التي تنظم عمل المجلس التشريعي .
واعتقدنا أن المحكمة ستقوم بتصويب الاوضاع القانونية حفاظاً على نزاهة وعدالة واستقلالية القضاء .
إلا أن الأمر جاء مخالفاً لكل التوقعات وجاء قرار الرد ليشكل صفعة جديدة لاستقلالية القضاء الفلسطيني وليضيف نقطة سوداء في سجل النزاهة والعدالة القضائية .
نتسائل ومعنا الكثيرين هل كان قرار المحكمة له مرتكزاته القانونية أم أن المحكمة خضعت لابتزازات وضغوط سياسية من قبل الرئيس باعتباره رئيساً للسلطة التنفيذية ؟.
للإجابة لا بد من توضيح :
في الثلاثين من يناير عام 2012 أصدر الرئيس محمود عباس مرسوما رئاسيا يقضي برفع الحصانة البرلمانية عن النائب في المجلس التشريعي محمد دحلان وذلك في مخالفة واضحة وصريحة للقانون الفلسطيني وخاصة بما يتعلق بالقوانين واللوائح التي تنظم عمل المجلس التشريعي التي تنص علي أن المجلس سيد نفسه وهو الجهة الوحيدة المخولة برفع الحصانة البرلمانية ولا يجوز رفع الحصانة عن أي عضو في المجلس التشريعي إلا بعد تصويت المجلس، إلا أن الرئيس قرر تجاهل ذلك من خلال إصداره مرسوما .
ويمكن القول بأن هذه القضية دستورية لا يمكن الحديث عنها في إطار شخصي لأنها تتعلق بتنظيم السلطات في الدولة فلا يجوز لسلطة أن تعتدي على أخرى وفقاً لمبدأ الفصل بين السلطات ولا يجوز الخلط بين الغايات السياسية والشكل الاجرائي القانوني .
ولا يجوز التذرع بأن الحصانة مرتبطة بالوظيفة التشريعية وأن المجلس التشريعي معطل وبالتالي لا يوجد حصانة لأعضاء المجلس حالياً بدعوى أن الولاية القانونية للمجلس انتهت بحكم انقضاء اربع سنوات من عمر المجلس فهذا يخالف التعديل على المادة 47 مكرر حيث أصبحت ولاية المجلس التشريعي ممتدة إلى حين أداء الأعضاء الجدد اليمين الدستورية وبهذا فإن ولاية المجلس الحالي لا زالت ممتدة بحكم القانون الأساسي المعدل لعام 2005م .
فلا يوجد سابقة في تاريخ الدولة الحديثة تقول بأن من حق السلطة التنفيذية أن تقوم برفع الحصانة عن عضو برلماني باعتبارها " أي الحصانة " امتياز تم تقريره لصالح السلطة التشريعية في مواجهة السلطة التنفيذية ما حدث يخل بمبدأ الفصل بين السلطات .
ولذا كان ينبغي البحث في مدى قانونية القرار بمرسوم الصادر عن الرئيس محمود عباس برفع الحصانة عن النائب دحلان .
فالقانون الأساسي منح الأعضاء في المجلس التشريعي حصانة برلمانية لضمان عدم اعتداء السلطتين التنفيذية و القضائية على السلطة التشريعية وهذه الحصانة لم تقرر لمصلحة النائب كشخص بل لمصلحة سلطة الشعب .
وبالرغم من تلك الحصانة فليس معنى ذلك أن يصبح النائب فوق القانون بل هناك إجراءات منصوص عليها كفيلة بتجريد النائب في التشريعي من الحصانة البرلمانية وقد عالج القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003م مسألة الحصانة البرلمانية في " المادة 53 " منه بنصوص واضحة لا تقبل التأويل .
فالحصانة كما هو معروف امتياز دستوري مقرر لأعضاء المجلس التشريعي بصفاتهم لا بأشخاصهم يتيح لهم أثناء قيامهم بواجباتهم البرلمانية حرية الرأي والتعبير .
وجدير بالذكر أن المادة "96" من النظام الداخلي للمجلس التشريعي تنظم الاجراءات المتبعة لرفع الحصانة عن العضو وحددت أيضاً الجهة التي يجوز لها التقدم برفع الحصانة " المجلس التشريعي أو النائب العام " بأن يقدم طلباً إلى رئيس المجلس التشريعي يبين فيه نوع الجرم المنسوب للعضو ومكان ووقت ارتكاب الجرم والأدلة الكافية التي تستلزم اتخاذ الاجراءات القانونية ضده .
وبعد ذلك يحيل رئيس المجلس الطلب للجنة القانونية بالمجلس التي تقوم بدورها ببحث الطلب لتقديم تقريرها إلى المجلس الذي يقوم بدوره باتخاذ القرار إما برفع الحصانة أو عدم رفعها .
هذه هي محددات رفع الحصانة البرلمانية بحسب النصوص الواضحة الغير قابلة للتأويل أما أن يقول البعض بأن الرئيس استند لحالة الضرورة في رفع الحصانة وفقاً للمادة "43" من القانون الأساسي فإن هذا رأي جانبه الصواب لأن القانون منح الرئيس الحق في اصدار قوانين بمراسيم في حال الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي شريطة عرضها على المجلس في أول دور للانعقاد فإن أقرها المجلس أصبحت نافذة وإن لم يقرها زال ما لها من قوة القانون .
ولم نجد في نصوص القانون ما يمنحه الحق في " الرقابة على السلطة التشريعية " الرقابة على النواب باعتبار أن رفع الحصانة هي شكل من أشكال الرقابة على أعضاء المجلس التشريعي .
طالما أن الأمر حدث وتم رفع الحصانة وتحت تبريرات ليس لها سند من القانون فمن حق أي نائب في المجلس التشريعي يتعرض لمثل هذا الاجراء أن يتوجه لمحكمة العدل العليا للفصل في هذا الموضوع .
وهذا ما حدث مع النائب محمد دحلان :
فقد تقدمت هيئة الدفاع بطلب للمحكمة " محكمة العدل العليا " للطعن بعدم قانونية قرارا الرئيس برفع الحصانة .
وبالعودة لمحكمة العدل العليا وهى اعلى درجات التقاضي في فلسطيني والتي من ضمن اختصاصاتها " مادة 33 " من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم "5" لسنة 2001م
تختص محكمة العدل العليا بالنظر في :
7- المسائل التي ليست قضايا أو محاكمات بل مجرد عرائض أو استدعاءات خارجة عن صلاحية أي محكمة تستوجب الضرورة الفصل فيها تحقيقاً للعدالة .
8- أية أمور أخرى ترفع إليها بموجب أحكام القانون .
ويشترط في الطلبات والطعون المرفوعة لمحكمة العدل العليا من الأفراد والهيئات الواردة في المادة "33" من هذا القانون أن يكون سبب الطعن متعلقاً بواحد أو أكثر مما يلي :
الاختصاص
وجود عيب في الشكل
مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها .
التعسف أو الانحراف في استعمال السلطة على الوجه المبين في القانون .
وإذا ما نظرنا لاختصاصات محكمة العدل العليا والشروط الواجب توافرها فإننا نجد أنها صاحبة اختصاص لنظر الدعوى .
ونرى من خلال ما تقدم بأن القرار الصادر برفع الحصانة البرلمانية صدر من شخص غير مختص قانوناً وأن الرئيس قد تعسف في استخدام السلطة واعتدى على صلاحيات ليست من اختصاصه .
وكنا نعتقد بأن محكمة العدل العليا وتطبيقاً للعدالة كان يجب عليها أن تقبل الدعوى وأن تقوم بفسخ المرسوم لأنها وسبق لها أي المحكمة فسخت أكثر من 12 قرار ومرسوم اتخذها الرئيس أبو مازن
إلا أن قرار المحكمة برد الدعوى يعتبر تلبية لضغوطات سياسية لا أكثر ولا أقل خاصة أن هيئة المحكمة ضمت ضمن هيئتها القاضي أحمد المغني " النائب العام " السابق هو نفسه الذي وجه كتاب رفع الحصانة إلى الرئيس عباس حينما كان يشغل منصبه كنائب عام .
نعتقد بأن المحكمة أدخلت نفسها في إشكال قانوني وشكلت سابقة خطيرة في تاريخ القضاء الفلسطيني لأن الحكم صدر من أعلى درجات التقاضي في المحاكم والحكم لا يمكن الطعن عليه.
من وجهة نظرنا أن هذا الحكم لا سند له من القانون وهناك تغول واضح من السلطة التنفيذية تبعه انحياز كامل من المحكمة ومن قضاتها لذا ينبغي الدعوة إلى تفعيل عمل المجلس التشريعي لوقف حالة التدهور في ظل استمرار حالة الانقسام الداخلي وأثاره المدمرة ليس على الأفراد فحسب بل المشروع الوطني برمته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق