إيران على خطى صدام حسين نحو الكارثة
بقلم : عبدالله عيسى
يبدو أننا ندخل مرحلة جديدة في المنطقة من الدمار وهي المرحلة الإيرانية وهي اشد وأصعب من مرحلة صدام حسين بعد احتلاله الكويت وابتلاعها عام 1990 والتي ما زلنا ندفع ثمنها كعرب حتى الان .
فالرئيس العراقي الراحل صدام حسين خاض حربا ضد إيران عام 1980 بدعم عربي وأمريكي غير مسبوق بهدف منع إيران من تصدير الثورة إلى العالم العربي وامتدت الحرب لثمانية سنوات وخرج منها صدام حسين منتصرا بجيش قوي جرار كأقوى جيش في المنطقة تعداده 55 فرقة عسكرية وبقوة صاروخية ضاربة .
وبعد انتهاء الحرب التقى صدام حسين في بغداد عام 1988بوفد من اتحاد المحامين العرب وسأله احدهم :" ماذا سيفعل العراق بهذا الجيش الضخم الذي خرج به من حرب 8 سنوات مع إيران وهل سيشكل تهديدا لأي دولة عربية ؟".
فقال صدام:" إذا أراد العراق مهاجمة أي دولة عربية وأعجبته قوته فمن حق الدول العربية تجييش الجيوش لردع العراق".
بعد اقل من عامين فقط على هذا الحوار والذي بثه التلفزيون العراقي في حينه أقدم العراق على ما خشيه بعض العرب وأعجبته قوته وقام باحتلال الكويت وابتلاعها خلال ساعات .
بعد احتلال الكويت قام الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب بتوجيه كلمة للشعب العراقي ذكر فيها صدام بما قاله أمام اتحاد المحامين العرب في بغداد بان من حق العرب تجييش الجيوش لردع صدام وقال :" ها نحن نفعل الآن ما طلبته أنت قبل اقل من عامين ونجيش الجيوش لردعك وإجبارك على الانسحاب من الكويت ".
لقد ظن صدام انه يمكنه احتلال الكويت وأمريكا ستعطيه ضوءا اخضر ولا سيما في حديث السفيرة الأمريكية في بغداد ابريل جلاسبي مع صدام حسين في 25 تموز 1990 عندما اشتكى صدام من خلافاته الحدودية والنفطية مع الكويت فقالت السفيرة الأمريكية لصدام :" أمريكا لاتتدخل عادة في الصراعات والخلافات الحدودية العربية ".
فتلقف صدام كلمة السفيرة الأمريكية واعتبرها بمثابة ضوء اخضر لاحتلال الكويت ولاسيما أن الجيش العراقي كان يحشد قواته على الحدود الكويتية العراقية أثناء حديث صدام مع جلاسبي .
وتقرير الأقمار الصناعية الأمريكية خلال الفترة 24تموز 1990 ولغاية 2 اب 1990 كان يشير بوضوح إلى وجود حشود هائلة من الجيش العراقي على الحدود الكويتية وكان من السهل على الخبراء في أمريكا أن يدركوا بان صدام يسعى لاحتلال الكويت بالكامل بهذا الجيش الضخم على الحدود والأمر لايمكن أن يكون مجرد مناوشات حدودية .
وبعد أن حشدت قوات التحالف بقيادة أمريكا أكثر من نصف مليون جندي في الخليج العربي وبعد انعقاد قمة القاهرة التي طالبت أمريكا بالتدخل عسكريا ضد العراق وبعد تدخلات عربية ودولية اهمها المبعوث الروسي بريماكوف لاقناع صدام بالانسحاب من الكويت اصر على رايه بان حشود قوات التحالف من 33 دولة في العالم هي مجرد تخويف لصدام حسين ولايوجد نوايا حقيقية لضرب العراق .. وعندما اندلعت الحرب الجوية وبدأ التحالف بضرب العراق في يناير 1991 قال صدام حسين في أول كلمة له ليعلن الحرب :" غدر الغادرون وبدأت المنازلة الكبرى ".. عن أي غدر يتحدث وقوات التحالف تحشد جيوشها منذ ستة شهور قبل الحرب .
إذن كان صدام قد اقتنع تماما بان احتلاله للكويت سيمر مرور الكرام وان أمريكا والدول العربية والعالم سيقف مكتوف الأيدي أمام ما فعله .. والاهم انه كان مقتنعا بان أمريكا تحتاج العراق لمواجهة إيران وبالتالي ستغض الطرف على احتلاله الكويت .
والآن أرى تشابها كبيرا بين ما تفعله إيران وما وقع به صدام حسين في عام 1990 .. فإيران تتدخل بريا في العراق بجيش تعداده 20 ألف جندي إيراني بقيادة الجنرال قاسم سليماني لتحرير تكريت من داعش وتبرم اتفاقا نوويا مع أمريكا وتظن ايران ان الاتفاق سيجعل أمريكا تغض انظر عما تفعله وتقوله بان إيران عادت إمبراطورية عاصمتها بغداد وأنها تسيطر على 4 دول عربية وهي اليمن والعراق وسوريا ولبنان وان حدودها أصبحت على البحر الأبيض المتوسط .
فإيران لم تحتل الكويت كما فعل صدام ولكنها تحتل الان 4 دول عربية وتهدد امن دول الخليج العربي ولا يعني أن تبرم أمريكا اتفاقا نوويا مع ايران سيجعلها تسمح لإيران بالعبث بأهم مركز للمصالح الحيوية الأمريكية في العالم وهي دول الخليج كما لم تسمح لصدام بذلك من قبل .
وإيران تحارب داعش الان في العراق وعندما أعلن رئيس الوزراء العراقي العبادي ان العراق يرفض التدخل البري لاي دولة في العراق ضد داعش سمح فقط لإيران بالتدخل بريا وإيران تريد ان تثبت لأمريكا أنها الأقدر على القضاء على داعش وهذا كله لايجعل أمريكا أن تسمح لايران بالسيطرة على 4 دول عربية وان تتمدد باتجاه دول الخليج أو ان تهدد استقرارها .
التهديدات الامريكية المبطنة بدات تظهر الان ضد ايران على لسان كيري ومسئولين آخرين عندما أعلن مسئول أمريكي قبل يومين ان :" خطر إيران على المنطقة اشد بكثير من خطر داعش ". . وعندما قال كيري باننا نعرف ما تفعله إيران في العراق وتدخلها البري ووجود قاسم سليماني على رأس قواتها بدون علمنا المسبق وحذر من خطورة ما تفعله ايران .
واعتقد ان اليمن سيكون الشرارة التي ستخلط الأوراق عسكريا في المنطقة وما نراه من تفاهمات أمريكية –إيرانية هي مؤقتة وهشة لان لإيران تطلعات في المنطقة تتعارض كليا مع المصالح الأمريكية ولا استبعد بعد فترة أن تقوم أمريكا بتشكيل تحالف دولي جديد هذه المرة ضد إيران لتكرار مأساة صدام حسين وادخال المنطقة في دوامة جديدة من الحروب والدمار .. فإيران تفهم الرسائل الأمريكية بطريقة معكوسة على طريقة صدام حسين .
المزيد على دنيا الوطن .. http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2015/03/15/678899.html#ixzz3URgkJHZj
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق