الجمعة، 8 أغسطس 2014

السفير الأوروبي في تل أبيب: على إسرائيل أن تختار بين حيفا والخليل

down
السياسة الاسرائيلية بخصوص الاستيطان وسلوك اسرائيل تجاه الفلسطينيين مثار غضب الاتحاد الاوروبي
السياسة الاسرائيلية بخصوص الاستيطان وسلوك اسرائيل تجاه الفلسطينيين مثار غضب الاتحاد الاوروبي
تل أبيب - القدس - حذر سفير الاتحاد الأوروبي في تل أبيب أندرو ستاندلي، حكومة إسرائيل من سياستها التي تؤدي لمواصلة الجمود في مفاوضات السلام. وقال: "إن هذا الجمود سيقود إلى عواقب وخيمة، ويهدد بسقوط مشروع الدولتين للشعبين وصعود مشروع الدولة الواحدة للشعبين". ودعا ستاندلي الإسرائيليين، إلى الاختيار ما بين حيفا والخليل. وفسر ذلك بالقول إن على الإسرائيليين أن يختاروا ما بين دولة يهودية داخل حدود خط الهدنة لعام 1948. أو دولة ديمقراطية لجميع مواطنيها على كامل أرض فلسطين التاريخية، التي لن تبقى بالطبع يهودية.
وجاءت أقوال ستاندلي هذه بمناسبة إنهاء مهامه في تل أبيب وانتقاله إلى وظيفة أخرى في الاتحاد الأوروبي، وتزامنت مع أنباء نشرت في تل أبيب أمس، أفادت بأن عددا من المسؤولين في دول أوروبية مركزية، أبلغوا نظراء لهم في إسرائيل بأنهم في حال فشل جهود وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لاستئناف المفاوضات، ستقف دول أوروبا إلى جانب المحاولات الفلسطينية دخول المؤسسات الدولية، بما في ذلك محكمة الجرائم الدولية.
ونقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن مصادر سياسية عليا لم تسمها في إسرائيل، أن المسؤولين الأوروبيين عبروا عن غضب من قرارات توسيع الاستيطان وإطلاق مشاريع لبناء المئات من الوحدات السكنية الجديدة في الأحياء اليهودية (الاستيطانية) في القدس الشرقية المحتلة. وإنهم اعتبروا هذه القرارات تخريبا لجهود كيري. وأكدوا أنهم ينوون تشديد إجراءات المقاطعة للبضائع الإسرائيلية التي تصنع في المستوطنات واتخاذ إجراءات إضافية تتعلق بالتعامل التجاري بين دول الاتحاد إسرائيل، علما بأن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك اقتصادي لإسرائيل.
وقالت الصحيفة إن وزارة الخارجية الإسرائيلية تأخذ هذه التهديدات بجدية وتستعد لوضع خطة لمواجهة احتمال تنفيذ التهديدات الأوروبية. وأما ستاندلي، فشدد خلال لقائه الوداعي في تل أبيب، على ضرورة إحداث انعطاف في سياسة إسرائيل تجاه الصراع مع الفلسطينيين. وقال: "علينا التذكر أن إسرائيل وافقت على قرار التقسيم عام 1947. ما يعني أنها وافقت على تقسيم الأرض". ونصح الإسرائيليين باتباع منطق العقل، وعدم الانقياد وراء رغبات قلوبهم. وقال: "إنه رغم أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بأمن إسرائيل ونجاحها الاقتصادي" غير أنه ملتزم بتمييز البضائع التي تنتجها المستوطنات. وحسب تقديرات البنك الدولي، فإن حجم صادرات المستوطنات الإسرائيلية لوحدها إلى الاتحاد الأوروبي تصل إلى نحو 300 مليون دولار في السنة، تشمل المنتجات الزراعية ومواد التجميل المستخرجة من معادن البحر الميت، والمشروبات الغازية.
وكانت المحكمة العليا الأوروبية، وخلال بحثها قضية شركة "بريتا" الألمانية التي تستورد أدوات صنع الشراب من شركة "صودا كلب" الإسرائيلية، الكائنة في المنطقة الصناعية بمستوطنة "ميشور أدوميم"، قررت في حكمها الصادر عام 2010 أن الشركات والمصانع الإسرائيلية القائمة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا تخضع لأفضلية جمركية وفقا للاتفاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، كغيرها من البضائع المستوردة من داخل إسرائيل.
من جهة ثانية، أصدرت منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية، المتخصصة في متابعة حقوق الإنسان الفلسطيني، تقريرا جديدا لها بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لاحتلال الضفة الغربية، قالت فيه إن "سياسة الاحتلال الإسرائيلي في مناطق ج في الضفة الغربية نابعة من الإدراك القائل إنّ هذه المناطق معدّة أولا وأخيرا لخدمة الاحتياجات الإسرائيلية".
ويؤكد التقرير أنّ الإدارة المدنية في الجيش الإسرائيلي، وهي الجهة الرسمية المسؤولة عن تطبيق سياسات الحكومة الإسرائيلية في منطقة ج في الضفة، تسيء استخدام إدارة المنطقة لصالح السكان الفلسطينيين، وتطبق سياسة مناقضة تماما، محورها تفضيل المصالح الإسرائيلية والاستيطانية على مصالح الفلسطينيين، بشكل منهجيّ. وجاء في التقرير، أن قرابة 60% من أراضي الضفة تُعرف بأنها منطقة ج، وتسيطر إسرائيل عليها بشكل حصريّ. ويعيش في هذه المنطقة وفق التقديرات قرابة 180 ألف فلسطينيّ، ويوجد فيها احتياطي الأراضي المركزي لأغراض السكن والتطوير لجميع بلدات الضفة. وفي قرابة 70% من أراضي منطقة ج يُمنع الفلسطينيون من أي إمكانية بناء وتطوير بمسوغات مختلفة، كأن يُقال: إنها "أراضي دولة" أو "مناطق عسكرية مغلقة". كما أنّ سياسة التخطيط والبناء التي وضعتها السلطات الإسرائيلية على مرّ السنين تتجاهل تماما احتياجات السكان: فهي ترفض الاعتراف بغالبية القرى في هذه المنطقة ووضع مخططات لها، وتحول دون توسيعها وتطويرها، وتهدم البيوت فيها وتمنع وصلها بالبنى التحتية. وإلى جانب الآلاف الذين يعيشون في بيوت تحت خطر الهدم، فإنّ آلافا آخرين يعيشون تحت خطر دائم بطردهم من أماكن سكناهم، بدعوى أنهم يسكنون مناطق عسكرية مغلقة أو في نقاط سكن بدوية "غير قانونية" وفق الاحتلال الإسرائيلي.
وبرغم تقديم عشرات الالتماسات إلى المحكمة العليا الإسرائيلية ضد نيّة الإدارة المدنية هدم منازل ورفض تخطيط قرى فلسطينية في منطقة ج، إلا أنّ المحكمة العليا لم تتدخّل في اعتبارات الإدارة المدنية، وهكذا فإنها سمحت بمواصلة السياسة المؤذية. وفي الوقت ذاته، وخلافا للقانون الدوليّ، تشجّع إسرائيل على استيطان مواطنيها في الضفة. وهي تخصص للمستوطنات مساحات شاسعة ومصادر مياه سخيّة، وتأخذ بعين الاعتبار جميع احتياجاتها ونموّها المستقبليّ، وتتجاهل المخالفات بقوانين التخطيط والبناء، بينما تشرعن وتأهل "بؤر استيطانية" بخطوات رُجوعيّة، وهي مستوطنات عرّفتها حتى حكومة إسرائيل نفسها بأنها مستوطنات غير قانونية.
ويتهم التقرير إسرائيل بالعمل المثابر من أجل تحصين سيطرتها على المنطقة ج، وتضييق الخناق على الوجود الفلسطيني فيها، واستغلال مواردها لصالح سكانها، إلى جانب خلق واقع دائم فيها مفاده المستوطنات المزدهرة وأقلّ ما يمكن من الوجود الفلسطيني الضعيف. وبهذا، تضم إسرائيل فعليا وخلق ظروف تُسهّل عليها تكريس هذا الضمّ على المدى البعيد والتأثير على الوضعية الدائمة لهذه المنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق