29.07.2013ردود الفعل الفلسطينية في غزة على عزل مرسيموسم الإطاحة بحركة حماس؟
من المشكوك به أن يجد نداء التمرد ضد حركة حماس في غزة، الذي تناقلته المواقع الإلكترونية بعد وقت قصير من الإطاحة بمرسي، آذاناً صاغية. لكن من المؤكد أن قطاع غزة لا يمتلك مؤسسة عسكرية مستقلة تمتلك القوة للإطاحة بحماس، كما ترى الباحثة إنغريد روس.
تابع سكان قطاع غزة الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي بقلق كبير، ذلك أن الإطاحة بالرئيس المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين على يد الجيش هزّت المجتمع الفلسطيني. فهذا يعني أولاً تشديد الحصار المفروض على القطاع من خلال إغلاق الأنفاق التي تربط بينه وبين مصر وإغلاق معبر رفح الحدودي، الذي كان آلاف الفلسطينيين يمرون من خلاله يومياً.
ومن خلال توقف حركة السلع عبر الأنفاق، فإن التحكم بدخول البضائع سيكون في يد إسرائيل بالكامل. ويرى الكثير من الفلسطينيين تشابهات في الوضع السياسي بين قطاع غزة ومصر، ففي كلا المجتمعين تحكم أو حكمت أحزاب الإسلام السياسي. وفي فلسطين، لم تثر المشاركة في النظام السياسي نقاشات مكثفة داخل حماس وحسب.
بل حتى المراقبون تساءلوا حول قدرة حزب الإسلام السياسي على المشاركة في العملية الديمقراطية، وشككوا في قدرته على الاعتراف بمصطلحات مثل التعددية والتسامح وحرية الرأي. لكن المتفائلين أشاروا إلى النموذج التركي المتمثل في حزب العدالة والتنمية، الذي لم يواجه مشاكل على ما يبدو في اللعب حسب القوانين الديمقراطية.
المعبر الحدودي الوحيد في قطاع غزة وبوابتها على العالم الخارجي: بعد أربع سنوات من الحصار، قامت مصر في مايو 2011 بإعادة فتح معبر رفح الحدودي. الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، الذي دعمه الرئيس السابق مبارك، كانت له سمعة سيئة للغاية في أوساط الشعب المصري.انقسام عميق في المجتمع
المتشائمون، من جهتهم، يشيرون إلى إيران، التي يهيمن فيها مجلس صيانة الدستور الديني على السياسة والمجتمع. في مصر، كما في فلسطين، كانت شرعية سلطة أحزاب الإسلام السياسي ديمقراطية. لكن في فلسطين قاطع المجتمع الدولي حماس بعد فوزها في انتخابات سنة 2006. أما في مصر، فقد كان الجيش وأعداد غفيرة من غير الراضين من الشعب هم المسؤولون عن عزل مرسي.
في كلتا الحالتين، شهد المجتمع انقساماً عميقاً، ليس حول قضية تقاسم السلطات وحسب، بل وحول الموقع الذي يجب على الدين شغله في السياسة والمجتمع. فالعلمانيون ومن يتبعون الفكر الغربي من أفراد الشعب يخشون من أسلمة الحياة العامة والمنشآت الثقافية ومؤسسات التعليم.
كما لم يتم إقرار قوانين لحماية الأقليات ولتحديد موقع الدين في الحياة الاجتماعية، لا في قطاع غزة الذي تحكمه حماس ولا في مصر ما بعد ثورة 25 يناير. لكن على الرغم من ذلك، كانت هناك محاولات في غزة على مدى سبع سنوات من حكم حماس لتجربة آليات من أجل موازنة المصالح.
وعلاوة على ذلك، حصلت مؤسسات المجتمع المدني على مكانة استشارية غير رسمية، إذ ناقشت حماس قوانين مثيرة للجدل، كقانون التعليم أو قانون العقوبات المستند على الشريعة، مع ممثلي منظمات حقوق الإنسان. ورغم الانقسام السياسي، لا تزال اللجان التحضيرية للمصالحة بين فتح وحماس تنعقد في الضفة الغربية وقطاع غزة بمشاركة كافة الفصائل الفلسطينية.
تفاهم بين خصمين سياسيين: في مايو 2011 وقع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، في القاهرة أول اتفاقية مصالحة مع حركة فتح بقيادة محمود عباس. وفي هذه الاتفاقية، وافقت حركة حماس – من بين عدة أمور – على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، ما اعتُبر أمراً مستجداً عليها.أما لجنة الحريات السياسية فقد تحولت إلى هيئة تُناقَش فيها قوانين حرية الرأي وحق التظاهر وحرية الحركة، بالإضافة إلى حالات الاعتقال أو تقييد حرية السفر.
عملية المصالحة في خطر
لكن يبدو أن عملية المصالحة الفلسطينية في خطر بسبب الانقلاب العسكري في مصر. فبعد سنوات طويلة من الانقسام، تجذّر الوعي في أن على الطرفين تقديم تنازلات. لكن من خلال الانقلاب في البلد المجاور، حصل من لا يريدون الاتفاق مع حماس على دعم جديد.
ومن المشكوك به أن يجد نداء التمرد ضد حماس في غزة، الذي تناقلته المواقع الإلكترونية بعد وقت قصير من الإطاحة بمرسي، آذاناً صاغية. لكن من المؤكد أنه لا يوجد في غزة جيش مستقل يمتلك القوة اللازمة للإطاحة بحماس، وهذا من شأنه أن يخفف من تحركات المجموعات المعارضة.
لكن عندما تطالب مظاهرات حاشدة من طبقات مختلفة في المجتمع بالمصالحة، فقد يكون حينها ميدان التحرير قد أرسل بإشارة إيجابية إلى فلسطين.
إنغريد روس
ترجمة: ياسر أبو معيلق
تحرير: علي المخلافي
حقوق النشر: قنطرة 2013
ترجمة: ياسر أبو معيلق
تحرير: علي المخلافي
حقوق النشر: قنطرة 2013
تدير إنغريد روس مكتب مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية في القدس الشرقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق