السبت، 13 فبراير 2016

كاتب بيان الدوحة صاحب المزاج العالي

كاتب بيان الدوحة صاحب المزاج العالي
تاريخ النشر : 2016-02-09
 
كتب غازي مرتجى

انتهت لقاءات الدوحة بين حركتي فتح وحماس ببيان أقل ما يُقال على كاتبه :"صاحب مزاج عال" , لم تكن تلك اللقاءات في العاصمة القطرية ذات أهمية كبيرة لدى عامة الناس واقتصرت المتابعة لنتائج اللقاءات على فئات الصحفيين والسياسيين والمُهتمين بتدوين تاريخ جلسات إنهاء الانقسام و"مُحاسب مالي" مهمته حساب تكاليف جلسات الطرفين على مدار سنوات الانقسام المستمرة .

حاول الطرفان التذاكي على كل الفئات أعلاه وبالتالي تمرير ذلك على المواطن بصياغة بيان من النوع "ممتنع الصرف"  ليضيع المواطن بين عزّام ومشعل وكاتب سطور البيان المنشور في الوكالة الرسمية صاحب المزاج العالي .

عاد المتحاورون في الدوحة الى النقطة التي ما انفكّت الحكومة الحديث حولها والترويج لها بضرورة الموافقة على عمل اللجنة الإدارية القانونية –هذا في ملف الموظفين- عدا عن الثوابت السيادية في ملف معبر رفح - والعودة مرة أخرى لتذكُر اتفاق القاهرة بما يخص أجهزة الأمن وتشكيل اللجنة الأمنية العليا العربية .

في بيان صاحب المزاج العال سيعود الطرفان لقيادتيهما أي أن يعود عزام الأحمد لـ"عزام الأحمد" و خالد مشعل لـ"خالد مشعل"  لبحث الإطار العملي لتطبيق الاتفاقات السابقة ! , محاولة يائسة للخروج ببيان لا حمل الحقيقة المُرّة بأن الوفدين لم يتفقا لا على إطار عملي ولا على ""بطيخ أصفر" .

صاحب المزاج العالي كاتب سطور البيان الذي سيحفظه التاريخ الفلسطيني الداخلي المليء بالأحداث الكارثية  حاول ارسال رسائل داخلية في صياغته للبيان ومن ضمنها :

1- تهميش الدور المصري في محاولة لاستفزاز القاهرة وذلك بتمجيد الدور القطري (الجديد) دون الإشارة للدور المصري المستمر .

2- حضور خالد مشعل للقاءات عكس ما كان مُتفق عليه بحضور موسى أبو مرزوق يعني بداية "لعبة الانتخابات الداخلية" في حماس نفسها .

3- إبقاء موعد وطبيعة اللقاءات القادمة بعد الاتفاق على الإطار العملي المذكور (مجهولاً وعائماً) في محاولة لمعرفة رأي المحاور في فتح وحماس على حد سواء وإقرار القادم بناء على ردود الفعل المتوقعة .

الخيارات القادمة صعبة والحالة الاقليمية وحتى الدولية غير الأبهة بما يصنعه الفلسطينيون بأنفسهم لن تكون بالصالح العام الفلسطيني – سياسياً أعلنت فرنسا نيتها إقامة مؤتمر دولي للسلام تُحاول اسرائيل في هذا الوقت اجهاض التحرك والدول العربية التي أصبح ما يحدث في فلسطين بذيل قائمتها لا تتطلع إلاّ إلى إبقاء دورها ولو كان "كذباً" في الملف الفلسطيني – الاسرائيلي لتتمكن من المناورة من خلاله لصالح قضاياها الداخلية المُعلقة بأوامر دولية , والعالم أجمع لا ينظر الا إلى القوي وبات كرأي المواطن الفلسطيني نفسه أن الانقسام أصبح "آية" لا يُمكن تجاوزه – والداخل الاسرائيلي ينجّر بقوة وبشكل غير مسبوق نحو التطرف وأصبح نتنياهو ملك إسرائيل المفضل يمينياً رغم ضعفه وجُبنه المعروفين .

لن تشفع لنا بيانات صاحب المزاج العالي ولن تنفعنا رسائل من تحت الطاولة وسينقلب ضدنا كل مشروع يعتمد على إدارة الانقسام لا إنهائه من جذوره .

**

الحديث الاسرائيلي المتكرر والمركز حول "أنفاق غزة" والعملية العسكرية التي بدأتها إسرائيل داخل "أراضيها" للبحث عن الأنفاق ستؤدي إلى تسريع استكمال المواجهة الثالثة التي لم تنته بانتهاء الـ51 يوماً في العدوان الأخير .

نقل المتخصص بالشؤون الاسرائيلية عدنان أبو عامر أن المحلل السياسي للقناة الثانية ضحك وأومأ برأسه حول إمكانية حدوث مفاجأة عندما سألته المذيعة عن أن التخبط الاسرائيلي وعدم الاتفاق حول تنفيذ عملية بغزة من عدمه سيعطي حركة حماس وقتا اضافياً للاستعداد والاستمرار بعملية حفر الأنفاق (ويقصد المحلل المذكور عملية عسكرية مُفاجئة بغزة مع كسب الضربة الأولى)  .

بات من الواضح أن بعض الأطراف في اسرائيل تعمل على "تهييج" نتنياهو وجرّه الى تنفيذ عدوان جديد على قطاع غزة  لتحقيق مكاسب لشخصيات اسرائيلية و(توريط) رئيس حكومة الاحتلال بالوحل الغزّي الذي قد ينقلب عليه داخليا.

عنصر المفاجأة هنا سيكون مُقلقاً وهو ما اعتدنا عليه في أي عدوان اسرائيلي بدءاً بمجزرة الأجهزة الشُرطية في 2008 واغتيال الجعبري في 2012 إيذاناً بانطلاق العدوان .

المقاومة يجب أن تكون على أهبة الاستعداد فلا "أمان" للإسرائيلي حتى لو التزم للوسطاء بعدم شن حروب جديدة – والحالة الصحيّة التي أطلقها "صحفيون" مقربون من حماس آتت أكلها وبشكل كبير تم حصر التصريحات التي تُعتبر مستفزة للإسرائيليين وفي نفس الوقت مُريحة لهم للتحشيد الدولي بما يخص القدرات العسكرية للتنظيمات بغزة وغيرها .

التحرك الدولي الذي تقوده فرنسا – حكومة الوحدة الوطنية   – الحالة الاقليمية والاصطفاف الكبير الحالي كلها مُجتمعة تعتبر محددات قد تدفع اسرائيل لتشن عدوانا على قطاع غزة في حال شعرت أن أي من المحددات أعلاه لا تتناسب والهدف الاسرائيلي باستمرار الوضع على ما هو عليه مع زيادة الاستيطان وعمليات التهويد وفرض الأمر الواقع .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق