مجلة أمريكية: “حماس” شهدت تغيرا سياسيا كبيرا قد تهجر معه فكر المقاومة
رصدت مجلة “نيو ريبابليك” الأمريكية، ما وصفته بالتطور السياسي الكبير داخل حركة “حماس” في قطاع غزة، على نحو يوحي بأنها قد تهجر أيديولوجية المقاومة والعنف، وقالت إن العالم لم يكد يلحظ هذا التغير الواعد في غمرة الاضطرابات التي عمت أرجاء الشرق الأوسط من دمشق إلى القاهرة مرورًا ببيروت.
ولفتت المجلة الأمريكية إلى أنه بينما كانت عواصف الربيع العربي تضرب المنطقة كان جانب قطاع غزة الحدودي مع إسرائيل وحده ينعم بالهدوء على نحو مثير للدهشة، وعزت “النيوريبابليك” هذا الهدوء إلى أن “حماس” ربما أدركت في اللحظة الراهنة على الأقل أن خسائرها جراء العنف أكثر من مكاسبها.
ورصدت المجلة تعليق المتحدث الإعلامي باسم الجيش الإسرائيلي بيتر ليرنر: “لقد أظهرت حماس على مدار العام الماضي استعدادها، وفي بعض الأحيان رغبتها، لمنع توجيه هجمات إرهابية ضد إسرائيل والعمل على استقرار المحيط الغزاوي”، ورأت المجلة الأمريكية أن سماع جنرال إسرائيلي يثني على الدور الحمساوي في مكافحة الإرهاب يعتبر بمثابة تطور ملفت للنظر.
جيش الاحتلال الإسرائيلي: “حماس” أظهرت على مدار العام الماضي استعدادها لمنع توجيه هجمات إرهابية ضد إسرائيل والعمل على استقرار غزة
وعلى الجانب الآخر، نقلت المجلة عن محمود الزهار، وزير خارجية حكومة حماس المقالة: “ليس من مصلحة الحركة تعزيز الاضطرابات في الوقت الراهن”، ولفتت إلى اتساق هذه التصريحات مع حقيقة انخفاض عدد الصواريخ المتجهة من قطاع غزة صوب إسرائيل بنسبة مدهشة سجلت 98%، مشيرةً إلى أنه إذا كان ثمة صواريخ تطلق تجاه إسرائيل فهي من قِبل “جماعة الجهاد الإسلامي” وليس “حماس”.
وفي المقابل، رصدت المجلة تراجع أعداد القتلى الفلسطينيين على يد الجيش الإسرائيلي هذا العام إلى أربعة فقط بحسب منظمة “بيت سليم” الحقوقية الإسرائيلية مقارنة بـ350 فلسطينيًا قتلتهم إسرائيل على مدار العامين السابقين.
ورصدت المجلة كذلك تخفيف إسرائيل للقيود المفروضة على الاقتصاد الغزاوي، كما ضاعفت إسرائيل مساحة رقعة الصيد البحري أمام صيادي القطاع إلى ستة أميال بحرية، وللمرة الأولى منذ سنوات، سمحت إسرائيل بدخول مواد البناء للاستعمال الخاص إلى القطاع مطلع الربيع المنصرم.
ونوهت المجلة بالعداء التاريخي بين حركة “حماس” وإسرائيل على مدار أكثر من عشرين عامًا، نفّذت حماس خلالها العديد من الهجمات الانتحارية ضد إسرائيل، وفي المقابل نفّذت الأخيرة ثلاث عمليات عسكرية شاملة مخلفة آلاف القتلى من الفلسطينيين بينهم مقاتلين من حماس في قطاع غزة الذي تحكمه الحركة منذ عام 2006.
وتساءلت “النيوريبابليك” عن سبب هذا التغير الدراماتيكي بين إسرائيل وحماس، لافتة إلى إشارة مسؤولين أمنيين إسرائيليين إلى قوة الردع العسكرية التي ظهرت في العملية العسكرية الموسعة عام 2012 والتي قتلت مئات الفلسطينيين ودمرت الكثير من البنى التحتية، ونقلت المجلة في هذا الصدد عن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق ياكوف أميدرور “إن حماس أدركت أن ثمة ثمنًا باهظًا تدفعه مقابل إطلاق الصواريخ على إسرائيل أو عدم منع الآخرين من عمل ذلك”.
ورأت المجلة أن الاضطراب في المنطقة كان ذا أثر في هذا التغير؛ فبعزل الرئيس المصري محمد مرسي الصيف المنصرم فقدت حماس حليفًا رئيسيًا في المنطقة أسهم فقده في زيادة صعوبة الحياة على المواطن الغزاوي العادي؛ إذ تقوم الحكومة الجديدة في مصر بغلق المعابر الحدودية مع غزة على نحو متواتر، بالإضافة إلى هدم العديد من الأنفاق التي كانت تستخدم كمعابر لنقل البضائع إلى القطاع.
ورأت المجلة أنه ليس في مصلحة “حماس” في ظل تلك الظروف أن تقصف إسرائيل بالمزيد من الصواريخ التي لن تؤدي إلا إلى زيادة في صعوبة الحياة على الشعب الفلسطيني، لا سيما وقد فقدت الحركة ظهيرًا مهمًا في القاهرة كان بمثابة الغطاء الدبلوماسي، واختتمت “النيوريبابليك” تعليقها بالتنويه عن أن “حماس” ليست أولى الحركات الفلسطينية المسلحة التي تدعو إلى تدمير إسرائيل؛ حيث سبقتها حركة “فتح” في هذا المضمار إبان فترة الستينيات ومع مرور الزمن تحولت إلى الاعتدال وها هي تدعم حل الدولتين.
وقالت المجلة إن “حماس” ربما تهتدي بـ”فتح” وتنتهج الواقعية السياسية بدلاً من أيديولوجيتها في المقاومة.
ا.ش.ا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق