رام الله - تقرير معا - من يعرف اللواء ماجد فرج عن قرب يعلم مدى اعجابه الشخصي ب " الامير الاحمر " ، وهو الشهيد علي حسن سلامة . اول ضابط مخابرات فلسطيني مشهور في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي ، اشتهر بعملياته الخارجية التي اخذت صيتا عالميا ، و في عام 1970 تولى قيادة العمليات الخاصة ضد المخابرات الإسرائيلية في العالم من لبنان، وقبل ان يغتاله الموساد في لبنان في 1979 لقبته رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير بلقب الأمير الأحمر.
رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج ومنذ تسلمه هذا المنصب ركّز اهتمامات الجهاز وقدراته على ملف الامن القومي الفلسطيني بشقيه الداخلي والخارجي، ولوحظ كثيرا الى جانب الرئيس في عواصم عدة اشهرها لقاء الامير تميم في قطر وخلال لقاءات الرئيس في انقرة ودبي والرياض وباريس وبرلين والقاهرة وصولا الى ليبيا ودمشق وحتى زيارة غزة .
ومنذ ساعات نشرت ستوكهولم " عاصمة السويد " خبرا مقتضبا مفاده ان رئيسة الوزراء تتوجه بالشكر للرئيس الفلسطيني على اطلاق سراح رهينتين كانتا بحوزة المسلحين في سوريا منذ بداية العام 2013 !!!! فكيف لفلسطين المحاصرة تحت الاحتلال والفقيرة التي لا تمتلك رواتب موظفيها ولا بوارج ولا مطارات ولا طائرات ولا جيش ان تنجح فيما عجزت عنه اقوى المخابرات العالمية ؟
التفاصيل الخفية التي لم تظهر في عملية اطلاق سراح الرهينتين السويديتين مذهلة ، ولكن المخابرات الفلسطينية ترفض البوح عنها ، كما ترفض نشر اشرطة الفيديو والصور الخاصة بهذه العملية " المذهلة " التي لو عرف اي فلسطيني تفاصيلها فانه سيفخر ويشعر بالاحترام لنفسه ، وليس لان فلسطين قامت بنجاح باجلاء نحو 300 عائلة من اليمن بينهم 60 طالبا عسكريا ، ولا لانها فعلت نفس الشئ مع طلبتنا في ليبيا . وانما لان فلسطين لا تزال القاسم المشترك الذي يجمع العرب والمتقاتلين والمتناحرين ، ولان فلسطين كبيرة بقضيتها واهلها وضباطها البواسل وتعرف كيف تقول لاصدقائها شكرا بطريقة محترمة .
بدات القصة حين زار الرئيس ابو مازن مملكة السويد وهناك في ستوكهولم طلب منه رئيس الوزراء المساعدة في انقاذ رهينتين في اخطر مكان بالعالم . وعلى الفور ترأس ابو مازن شخصيا خلية ازمة وكلف اللواء ماجد فرج بمحاولة المستحيل من اجل رد الجميل للسويد التي لم تبخل على فلسطين وشعبها بالمواقف الشجاعة والدعم وكانت اول دولة اوروبية تعترف بفلسطين في الامم المتحدة .
ادارة العمليات الخارجية في المخابرات بدأت من الصفر ولم يكن يعرف سوى اسمي المواطنين السويديين ، ولا يعرف اي جهاز مخابرات عالمي اي شئ عنهما ، وخلال اربعة اشهر كان احد ضباط المخابرات الفلسطينية يركض على الحدود السورية الاردنية ومعه رهينتين على قيد الحياة ويجري بهما نحو الحدود الاردنية ويتصل من هناك بقيادة العمليات في رام الله ويعلن : تم تنفيذ المهمة ، والطرد بيدي وبحالة جيدة .
كيف فعلوا ذلك ؟ كيف نجحوا في الوصول الى داخل المجموعات المسلحة في سوريا واقلها داعش وجبهة النصرة واباببل حوران واحرار الشام وكل من حمل السلاح هناك ؟ وكيف استطاع الضباط الفلسطينيون ان ينجحوا فيما لم تنجح به اقوى اجهزة مخابرات واغنى اجهزة مخابرات في العالم والشرق الاوسط ؟
ماجد فرج المعروف " ابو بشار " يرفض عمل اي لقاء صحفي ، كما يرفض حتى الان اعطاء الصحافة اية تفاصيل او صور عن العملية ، ولكن يتهامسون في المقاطعة في رام الله انه وفي يوم الخميس الموافق 23 ابريل الجاري الساعة الثانية والنصف ظهرا ، اعطى الرئيس ابو مازن موافقته للواء ماجد فرج للبدء بتنفيذ العملية ، ومن رام الله وعمان ودمشق والسويد وعدة عواصم اوروبية صدر الامر لضباط المخابرات الفلسطينين بدء تنفيذ عملية " رد الجميل " ، وبعد اقل من 12 ساعة كان على ضباط فلسطين استلام الرهائن من المجموعات المسلحة والسير بهم من وسط سوريا عبر اخطر مناطق العالم الى الحدود الاردنية ، وان تتم العملية بسرية تامة بعيدا عن عيون الجميع .
بعد 12 ساعة وصل " الطرد " في سيارة مدنية خاصة وانزلت الرهائن على بعد نصف كم من الحدود ، وهناك وقف الرهينتان لا يعلمان شيئا عن اي شئ ، لحظات فارقة في عملية " خارقة " ، ثم قفز ضابط فلسطيني وقال : انا سادخل لاحضارهما واما ان اعود بهما واما ان اموت هناك .... فركض في مسافة المنطقة الحرام الحدودية وتحدث معهما دون ان يفهما شيئا ، وركض بهما فوق التلال الى حين وصوله لحرس الحدود الاردني الذي كان باستقباله . وقد وجه جهاز المخابرات شكره الجزيل للمخابرات الاردنية على مساعداتها الجمة .
المخابرات السويدية لم تصدق ان هذا حصل فعلا ، وان المجموعات المسلحة في سوريا قالت للمخابرات الفلسطينية انها لا تريد ملايين ولا فدية وانما من اجل فلسطين توافق على اطلاق سراحهما من اجل كرامة شعب تحت الاحتلال .
فيديوهات العملية ، وصور " رد الجميل " لحظة بلحظة جرى الاحتفاظ بها في خزائن المخابرات السرية ، وكان يكفي كلمة " شكرا فلسطين " من السويد والرهائن لتساوي ملايين كثيرة في لحظة عز وكبرياء لفلسطين .
ماجد فرج رفض عمل مؤتمر صحفي ، ولكن احد القادة في المقاطعة همس لنا بعبارة " منذ ايام الشهيد ابو اياد لم نشعر بهذا الشعور في الامن الفلسطيني ، وان الرئيس قال لرئيس المخابرات : شكرا ماجد ، وشكرا لضباط فلسطين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق